رمضان الطواقم الطبية الفلسطينية... الواجب الإنساني قبل الإفطار غالباً

رمضان الطواقم الطبية الفلسطينية... الواجب الإنساني قبل الإفطار غالباً

28 مايو 2019
إفطار في مقرات العمل (العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش الطواقم الطبية الفلسطينية رهينة أعمالها في شهر رمضان، وقد يتزامن وصول الحالات الطارئة مع أذان المغرب، ما يضطرهم إلى كسر الصيام بشربة ماء، وفي بعض الأحيان يُجبَر الطبيب أو الممرض على ترحيل وجبة الإفطار إلى السحور.

"العربي الجديد" زار بعض المستشفيات في مدينتي البيرة ورام الله المتجاورتين، ونقل هذه الأجواء العامة التي تعلو فيها المهمة الإنسانية النبيلة على الالتزامات الأسرية، بما فيها تقديم المساعدة للمرضى وخدمتهم وإسداء النصائح والإرشادات لهم.

منذ عدة سنوات لا يجتمع الطبيب الفلسطيني شادي صبيح الذي يعمل في قسم الطوارئ بمستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة البيرة، وسط الضفة الغربية، مع زوجته الطبيبة النسائية بمشفى رفيديا الحكومي في مدينة نابلس، شمال الضفة، على مائدة إفطار واحدة في رمضان سوى مرات عدة. شادي وزوجته لا يعرفان الأيام التي سيجتمعان فيها معا على المائدة نفسها، إذ إنهما في حالة استعداد دائم لأي طارئ في دوامهما.

ولم يتمكن الطبيب صبيح قبل أيام من تلبية دعوة لتناول طعام الإفطار لدى أهل زوجته، برغم أنه كان مستعدا للإفطار عندهم، ويقول لـ"العربي الجديد": "اكتشفت في الوقت نفسه أن اسمي صار فجأة على جدول الدوام! (...) زوجتي متفهمة للأمر كونها طبيبة".

ويروي صبيح أنه لمرات حدث أن اجتمع وزوجته في مستشفى واحد في شهر رمضان، وكان كل منهما يتناول وجبة إفطاره مع القسم الذي يعمل فيه، لكنه رغم تعوده على المشافي في رمضان إلا أنه يتذكر بأسف تناوله طعام الإفطار أول أيامه لهذا العام عند الساعة الواحدة ليلاً، بسبب انشغاله في علاج المرضى، ويقول: "جمعتُ وجبة الإفطار والسحور معاً؛ لذلك ألجأ احترازياً للإسراع في تناول وجبة الإفطار".

"إفطار طارئ".. يحرم الطواقم الطبية لمة العائلة

وبرغم سعادة الممرض محمد معطان بوجبة الإفطار التي يقدمها له مستشفى الرعاية العربية في مدينة رام الله، حيث يعمل هناك في قسم الجراحة والباطني، ويصفها باسماً بـ"اللذيذة"، إلا أنه يضطر لترك سفرة طعامه وزملائه لأجل علاج مريض، لا سيما في الحالات الطارئة.

وبرغم ذلك، لم يظهر على معطان أي انزعاج من ظروف الإفطار في عمله بالمستشفى، عكس زميلته الممرضة ريما سليم التي ندبت حظها قائلة: "حالما يقترب شهر رمضان تبدأ لدينا مشاكل التكيّف مع برنامج العمل، خاصة نحن المتزوجات والأُمهات؛ فأنا مثلاً هذه السنة الأولى التي يصوم فيها ابني، هو يحتاجني بجانبه لتشجيعه ودعمه، لكن عملي في المشفى يعيق ذلك".

فيما تشير ريما إلى وجود مشاكل أخرى متعلقة بتحضير وجبات الإفطار لعائلتها وهي بعيدة عنهم، وليست بقربها إحدى نساء العائلة لمساعدتها في الطهي، وعوضاً عن ذلك تقوم قبل يوم من الدوام بتحضير الطعام لزوجها وأطفالها.

ريما وبعد 15 عاماً من عملها في التمريض، فإن ظروف العمل في شهر رمضان تُعزز لديها الندم على اختيار مهنة التمريض، كما توضح لـ"العربي الجديد".

أما الممرضة سوزان سماعنة، التي تعمل في مستشفى الرعاية أيضاً، فيبدو أن حالها أفضل بكثير من بقية زملائها؛ فقد أخبرت "العربي الجديد" بأن أعمار أولادها تسمح لهم بتحمل مسؤولية تجهيز الطعام بأنفسهم في رمضان، وهو ما يخفف عنها ظروف عملها.

وبحسب تصريحات الطواقم، يبلغ عدد الأيام التي يتمكن فيها الأطباء والممرضون من الإفطار مع عائلاتهم 15 يوماً في بعض المرات، في حين يغيب بعضهم عن مائدة العائلة ثمانية أيام فقط، في ظروف تحرمهم من لمة العائلة في رمضان.

المدير التنفيذي في مستشفى الهلال الأحمر في البيرة، علي فلاحين، يقول لـ"العربي الجديد": "تبدو الدهشة واضحة عندما تُخبر زوجتك بتحضير وجبتك المفضلة، وتشرع بالفعل في تجهيزها، ثم تكتشف لسوء الحظ في اليوم نفسه أن عليك الذهاب للدوام!".


وعن طبيعة الإجراءات التي تتخذها الإدارة لتسهيل مهمة الأطباء في رمضان، يُفيد بأنه تتم زيادة أفراد الطاقم الطبي سواء الأطباء أو الممرضين. وتقوم المشفى، بحسب فلاحين، بتوفير وجبات الإفطار والسحور للطواقم الطبية، حتى للذين يأتون من خارج مدينتي رام الله والبيرة ويتخذون سكناً فيها، ولا يكونون على رأس عملهم. موضحا أنه يتابع شخصيا قسم المطبخ في المشفى ويأخذ بالاعتبار ملاحظات الطاقم الطبي حول الإفطار.