فقراء الـ"فافيلا" في قلب أولمبياد ريو 2016

فقراء الـ"فافيلا" في قلب أولمبياد ريو 2016

F79ED122-582A-49B8-AE82-4B38F780EFB4
عصام سحمراني
صحافي لبناني، سكرتير تحرير مساعد في الصحيفة الورقية لموقع "العربي الجديد".
05 اغسطس 2016
+ الخط -

يُعرَف عن سكان مدينة ساو باولو البرازيلية الأكبر سكانياً في البلاد، أنّهم يكرهون سكان مدينة ريو دي جانيرو. صحيح أنّ ساو باولو عاصمة الأغنياء، وريو دي جانيرو -المدينة الثانية في البرازيل سكانياً- عاصمة الفقراء، لكنّ فقراء الأولى يكرهون حتى فقراء الأخيرة. ما السرّ في ذلك؟ ببساطة، الحسد، كما يقول أبناء الريو. فالأخيرون متهمون دائماً أنّهم لا يحبون العمل ولا يرغبون فيه حتى لو تأمّن لهم. حياتهم كلّها رقص وبحر وكرة قدم... وأعمال إجرامية.

في ذلك الكلام شيء من الصحة، فالكرنفال ومدارس السامبا سمة معروفة للريو. واللاعبون الأبرز في البلاد هم أبناء الريو بأزقتها وشواطئها. تلك الشواطئ التي تكسب سمعة عالمية خصوصاً مع تمثال "المسيح الفادي" المطلّ عليها وعلى المدينة البحرية بأكملها.

أما الجرائم فترتبط أكثر بالفوضى التي تنتشر في أحياء الفقراء. تلك العشوائيات المعروفة باسم "فافيلا" هي الأسوأ سمعة في كلّ البلاد، في كلّ مشكلة اجتماعية، وفي كلّ تصنيف لضعف التنمية، ولانتشار الجريمة المنظمة، والفقر، والتسرّب المدرسي، وتلوث البيئة، وتلوث المياه، وانتشار الأمراض، وحتى فساد الأجهزة الأمنية.

لعلّ إحدى الإضاءات الأساسية عليها، ولو بنظرة سينمائية، ما جاء في فيلم "سيدادي دي ديوس" البرازيلي، أو "مدينة الربّ"، الذي رشح لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي عام 2002. لكن، بعيداً عن السينما، فإنّ هذه الأحياء التي تضم مئات آلاف السكان، والتي بنيت منازلها من الخشب والتنك والقصدير من دون أيّ تنظيم، هي الأكثر فقراً في المدينة التي تستضيف الأولمبياد الصيفي.

الأولمبياد بالذات، صنع الكثير من فرص العمل لسكان الفافيلا، وقبل ذلك فعلت بطولة كأس العالم لكرة القدم 2014، خصوصاً على صعيد العمل في البناء، وتجهيز المنشآت، والخدمات. هي أعمال يحتاج لها أبناء الريو بكاملها في كلّ الأحوال، بالترافق مع الأزمة الاقتصادية التي تضرب البرازيل ككلّ، وترفع معدلات البطالة إلى أكثر من 10 في المائة، في بلد يصل عدد سكانه إلى 202 مليون نسمة، وهو ما يعني أنّ في البلاد أكثر من 20 مليون عاطل من العمل.

خطط التنمية الموجهة إلى أحياء التنك، فشلت كلّ مرة بسبب ضعف الميزانيات أولاً، والفساد الإداري ثانياً، وما يتعلق بمن يعيشون هناك ثالثاً ممن اعتادوا أنماط حياة محددة. وهو ما يجدر بالحكومة البرازيلية العمل بشكل جدي من أجل تغييره لتحسين أوضاعهم، وإعادتهم إلى سكة العمل المنتج.

من المبادرات الأخيرة المرتبطة بالألعاب الأولمبية بالذات ما ينقله موقع "لاتين كوريسبندنت" بخصوص تنظيف مياه المدينة، لا سيّما العشوائيات. فعقب الإعلان عن فوز المدينة بتنظيم الألعاب الأولمبية، عام 2009، تعهدت حكومة ولاية ريو دي جانيرو بتنظيف المياه سواء المفتوحة في خليج غوانبارا أو التي تجلب إلى المسابح المغلقة التي تشهد منافسات السباحة في الأولمبياد.

وكان من المفترض أن تؤمّن خطة ما بعد التعهد معالجة نحو 80 في المائة من المياه الآسنة التي تصبّ في غوانبارا. لكنّ ذلك لم يحصل بالرغم من كلّ الجهود، وما زال نحو 50 في المائة من المياه الآسنة غير معالج. المشكلة إذاً، لم تعد تطاول البرازيليين وحدهم بل الرياضيين، والسائحين خصوصاً من الجماهير التي تقصد الشواطئ في درجات حرارة مرتفعة في البلاد. أمر مماثل، وربما أسوأ، يحصل في بحيرة رودريغو دي فريتاس التي حذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار الفيروسات فيها.

بالنسبة لأحياء الفافيلا بالذات، لُحظت وعود كثيرة في السنوات الأخيرة، لكنّ شيئاً منها لم يُطبّق فعلياً. فما إن بدأ مشروع لتعبيد الطرقات وزرع الأشجار مع نظام ري يعتمد على الطاقة الشمسية، وطلاء الجدران، وبناء 117 مبنى سكنيا لأهل تلك الأحياء حتى توقف. النتيجة كانت 26 مبنى فقط من أصل 117، أي أقل من الربع، وما زالت المباني فارغة من السكان.

أحياء الفقراء في الريو عصيّة على الحلّ، ومليئة بالمشاكل التي لا تغيب عنها أمراض كالضنك وزيكا، أما المجتمع المدني فلا يملك إلّا القليل ليقدمه. من ذلك مبادرة تتولاها جمعية "ريفيتوريو غاستروموتيفا" لتقديم وجبات يومية إلى العاملين في الأولمبياد بحسب صحيفة "برازيل صن". معظم من يستفيدون من المبادرة هم من فقراء الأحياء العشوائية في الريو، الذين يأملون أن تصدق وعود الجمعية التي تساهم في مشروعها 80 جهة غير حكومية، في أن يمتد تقديم الوجبات اليومية أبعد من الأولمبياد ويكون مشروعاً دائماً.

فقراء الريو، خصوصاً أبناء الـ"فافيلا"، يريدون أن يعملوا إذا تأمنت لهم الأعمال، وليس كما يتهمهم أهل ساو باولو، لكنّ البطالة هي الثابت الوحيد لديهم. أما العمل فزياراته متباعدة جداً، وربما تكون كحال الأولمبياد نفسه، لأول وآخر مرة.

ذات صلة

الصورة
_DSC9478.JPG

رياضة

تحدث هشام حطب، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، عن أن مصر جاهزة وقادرة على تنظيم الألعاب الأولمبية لعام 2036، كأول دولة عربية وأفريقية تنال هذا الشرف، وذلك لمحو آثار الحصول على صفر في سباق استضافة مونديال 2010 الذي نظمته جنوب أفريقيا.

الصورة
رياضيات عربيات خلدن مسيرتهن بأحرف من ذهب (العربي الجديد/Getty)

رياضة

تحتفل المرأة يوم الأربعاء 8 مارس/آذار بعيدها السنوي، وفي هذا اليوم الكبير الذي يعد ذكرى سنوية مميزة، تستحضر الذاكرة عديد الإنجازات الخالدة التي حققتها النساء العربيات في عالم الرياضة.

الصورة
المنوبي حضر عديد النهائيات طوال مسيرته (العربي الجديد/Getty)

رياضة

كشف المصور الصحافي التونسي، حسني المنوبي، أن حضور نهائيات كأس العالم، أصبح من تقاليد عائلته، فوالده بشير المنوبي حضر العديد من النهائيات، ومنذ صغره تعلق بالتصوير وسار على خطى والده.

الصورة
Mo Farah

رياضة

قررت دائرة الشرطة في العاصمة البريطانية لندن، الخميس، فتح تحقيق في كشف البطل الأولمبي أربع مرات، مو فرح، الذي اعترف بأنه قدم إلى المملكة المتحدة من طريق التهريب، عندما كان طفلاً صغيراً.