معركة طرد "داعش" من ريف حلب تحيي "المنطقة الآمنة"

معركة طرد "داعش" من ريف حلب تحيي "المنطقة الآمنة"

28 ابريل 2016
سقوط قذائف من سورية على كيليس التركية(ياسين أكغول/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع الخطوات لتحرير مناطق ريف حلب الشمالي الواقعة تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ما يحيي فكرة إقامة "المنطقة الآمنة" التي كانت تدعو لها تركيا. فبعد إعلان الإدارة الأميركية إرسال المزيد من المستشارين العسكريين إلى سورية، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو وجود اتفاق تركي أميركي حول الأمر، كاشفاً عن عزم واشنطن إرسال بطاريات صواريخ "هايمارس" المضادة للصواريخ إلى الحدود التركية السورية. ويأتي ذلك في ظل توافقات إقليمية بلغت ذروتها في الانفراجة الواضحة في العلاقات التركية الإماراتية، التي سيتم تتويجها بعودة السفير الإماراتي إلى تركيا الشهر المقبل.
وأكد جاووش أوغلو، في حديث إلى مجموعة من الصحافيين الأتراك خلال زيارته إلى أبوظبي، تقارير الصحف التركية التي كشفت أن واشنطن ستقوم بإرسال بطاريات صواريخ "هايمارس" المضادة للصواريخ إلى الحدود التركية السورية، مشيراً إلى أن "المنطقة الآمنة" التي لم تعد تعارضها الإدارة الأميركية والتي تدعمها ألمانيا، ستُشكّل بشكل تلقائي بعد تحرير المنطقة. وقال جاووش أوغلو: "إن أولويتنا هي تطهير منطقة منبج من داعش، وبعد تحقيق ذلك فإن المنطقة الآمنة ستتحقق بشكل تلقائي"، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما "أكد أنه ليس ضد إقامة منطقة آمنة وألمانيا تتوافق معنا حول هذا الموضوع، وهم بدأوا يعون أخيراً أن الطرح التركي حول هذا الموضوع صحيح".
وأكد الوزير التركي وجود اتفاق تركي أميركي حول تحرير منطقة منبج، قائلاً: "علينا أن ندعم المعارضة السورية المعتدلة، ومدى مدفعيتنا المرابطة على الحدود هو أربعين كيلومتراً، بينما النظام الأميركي المضاد للصواريخ يبلغ مداه 90 كيلومتراً، ووصلنا إلى اتفاق مع الأميركيين حول كيفية إغلاق منطقة منبج، وأكثر من ذلك، فقد تم التوصل إلى اتفاق حول الاستراتيجية التي تتضمن إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة لقتال داعش، وتم تحديد أسماء جديدة للمشاركة في ذلك، كما سيتم تقديم الدعم للمعارضة السورية المعتدلة من الجو ومن الحدود التركية براً"، مضيفاً: "نظام هايمارس الصاروخي سيصل في مايو/أيار المقبل، مما سيساعد في توجيه ضربات أكثر فعالية لمواقع داعش، وسيتيح للمعارضة التقدّم على الأرض".
وكان أوباما قد أعلن يوم الإثنين من هانوفر، أن الإدارة الأميركية سترسل المزيد من المستشارين العسكريين إلى سورية، ليبلغ تعدادهم 300 مستشار، الأمر الذي رحبت به المعارضة السورية، إذ اعتبر المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، قرار أوباما بإرسال 250 جندياً آخرين لمحاربة تنظيم "داعش" في سورية، خطوة إيجابية. ولكنه أكد، في المقابل، أن سورية لن تتخلص من الإرهاب، إلا بانتهاء حكم رئيس النظام السوري، بشار الأسد.


وأكد مصدر في الخارجية التركية لـ"العربي الجديد"، أن الاتفاق التركي الأميركي هو نتاج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، في بداية إبريل/نيسان الحالي، إذ استجابت الإدارة الأميركية للضغوط التركية، ووافقت على معظم أسماء المقاتلين الذين قدّمتهم الإدارة التركية ويبلغ عددهم 1800 جندي، ليتم تدريبهم، والزج بهم في المعارك إلى جانب القوات الموجودة في ريف حلب الشمالي التي تخوض معارك ضد "داعش" منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تبدأ العملية ضد التنظيم خلال فترة قريبة بعد إنهاء التحضيرات، وستعتمد على المقاتلين العرب والتركمان.
وعن "المنطقة الآمنة"، أوضح المصدر أنها ستضمن حماية النازحين السوريين على الحدود التركية، ولن تكون منطقة آمنة بالمعنى الذي كان مطروحاً في وقت سابق، ولكنها ستكون شبيهة بالمناطق الخاضعة لسيطرة حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، أي أنها لن تشهد اشتباكات ولن تدار فيها معارك ضد النظام السوري، وبالتالي لن يكون هناك مبرر لقصفها من قِبل الروس، وسيتم تحذير النظام من القيام بقصفها، ذلك بينما ستستمر الجهود للحفاظ على الهدنة الحالية الهشة والضغط لتحقيق نتائج ملموسة في محادثات جنيف.
ومع تواصل سقوط قذائف على مدينة كيليس التركية الحدودية مع سورية، ودفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات إلى المدينة وإلى الحدود مع سورية مقابل منطقة سيطرة "داعش"، كشفت صحيفة "دير شبيغل" عن زيادة التعاون الألماني التركي لمحاربة التنظيم، بعد أن أكدت وجود خطط لبناء مركز عسكري ألماني دائم في قاعدة "إنجرليك" التركية، حيث يوجد الآن عدد من طائرات التورنادو الاستطلاعية الألمانية، وطائرات إعادة تعبئة الوقود جواً، إلى جانب مئات الجنود الألمان. وبحسب التقرير، فإن تكلفة المركز الجديد ستكون حوالي 65 مليون يورو، إذ تسعى برلين لتحويل البعثة الألمانية المؤقتة في "إنجرليك" لمحاربة تنظيم "داعش" إلى بعثة دائمة، تضم أربعمئة عسكري ألماني.
وفي السياق نفسه، يقول الصحافي التركي اوكتاي يلماز، لـ"العربي الجديد"، إن تركيا قد تُقدم بالفعل على دعم عملية عسكرية محدودة في الشمال السوري لإبعاد تنظيم "داعش" عن حدودها، ومنع سقوط القذائف داخل أراضيها. ويرى أن وحدات خاصة تركية محدودة قد تشارك في العملية التي سيكون عمادها قوات "المعارضة السورية المعتدلة"، بينما تتولى تركيا إسنادها بالصواريخ والمدفعية والطيران بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي.
وحول ما إذا كانت فكرة "المنطقة الآمنة" التي طالما نادت بها تركيا ما زالت حية وقابلة للتطبيق، يرى يلماز أن العالم مقتنع بالفكرة لكن لا توجد إرادة سياسية لتنفيذها، مشيراً إلى أن المنطقة الآمنة تعني لدى تركيا أن تكون مطهرة من تنظيم "داعش" ومن قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذي يُشكّل امتدادا لحزب "العمال الكردستاني" المصنف إرهابياً في تركيا، وأن تكون مخصصة للنازحين السوريين والأغراض الإنسانية.
في غضون ذلك، تستمر الاتصالات بين "العمال الكردستاني" وواشنطن، الأمر الذي أكده قبل أيام القيادي العسكري البارز في الحزب جميل بايك في مقابلة أجراها مع قناة "بي بي سي". ويتوجّه صلاح الدين دميرتاش، الرئيس المشارك لحزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، اليوم الخميس، إلى الولايات المتحدة الأميركية، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأميركيين، الذي يمارسون ضغوطات كبيرة على قيادة حزب "العمال" في قنديل لسحب قواتها من تركيا ووقف الاشتباكات مع الدولة التركية والتفرغ لمحاربة "داعش" في الجبهات العراقية والسورية. فيما تشترط قيادة "العمال الكردستاني" العودة إلى المفاوضات مع الحكومة التركية لوقف الهجمات على قوات الأمن التركية، الأمر الذي ترفضه أنقرة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها قوات "العمال الكردستاني" في حرب المدن، وخوفاً من أن يسمح ذلك للحزب بتوسيع مناطق نفوذه.

المساهمون