لبنان: سباق بين الديون وتنقيب البحر وتشدّد بمكافحة الفساد

لبنان: سباق بين الديون وتنقيب البحر وتشدّد في مكافحة الفساد

25 فبراير 2020
وزيرة الإعلام تعلن مقررات الحكومة اليوم (دالاتي ونهرا)
+ الخط -

برز في المشهد اللبناني اليوم اهتمام المسؤولين بمتابعة محصّلة مباحثات "صندوق النقد الدولي" بشأن الديون وتمويل الدولة، فيما من المتوقع أن تبدأت شركة "توتال" التنقيب في المتوسط خلال 48 ساعة، ويتابع القضاء سلسلة من ملفات مكافحة الفساد بتشدّد لافت.

مجلس الوزراء عقد، اليوم، جلسة في القصر الجمهوري ببعبدا، أفضت، بحسب وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، إلى تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون أن سفينة التنقيب في المياه الإقليمية اللبنانية وصلت إلى الشاطئ وستبدأ عملها خلال 48 ساعة في البلوك الرقم 4، على أمل أن تحمل نتائج إيجابية بالنسبة للبنان الغارق بديونه وفساده.

في هذا الملف، أعلنت شركة "توتال" الفرنسية أن سفينة الحفر "تونغستن إكسبلورر" Tungsten Explorer وصلت إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة في لبنان للقيام بعمليات الحفر لأول بئر استكشافية في الرقعة (البلوك) المذكورة الواقعة قبالة الشاطئ على بعد حوالى 30 كيلومتراً من بيروت.

وأعلنت الشركة، في بيان، أن "حفر البئر الاستكشافية سيتم على عمق 1500 متر من سطح البحر، كما يهدف حفر البئر الى استكشاف مكامن تقع على عمق يتخطى 2500 متر تحت قعر البحر"، فيما من المقدّر أن تستمر أعمال الحفر شهرين تغادر السفينة بعدهما لبنان.

يُشار إلى أنه في فبراير/شباط 2018، كان ائتلاف عالمي مؤلف من "توتال" بصفتها المشغل وحصتها 40%، و"إيني" ENI الإيطالية وحصتها 40%، و"نوفاتك" Novatek الروسية البالغة حصتها 20%، قد وقّع مع الدولة اللبنانية اتفاقية التنقيب والإنتاج في البلوك الرقم 4.

رئيس "هيئة إدارة قطاع البترول"، وليد نصر، أوضح أن "عملية الحفر ستستغرق بين 55 و60 يوماً"، مضيفاً: "يستغرق تحليل نتائج الحفر حوالى الشهرين، ووفق النتيجة هناك احتمالان: إما بئر جافة أي لا غاز فيها ولا نفط، وإما كميات من هاتين المادتين، وعندها قد تحتاج توتال إلى حفر آبار إضافية للتمكن من تحديد الكميات ولمعرفة ما إذا كانت تجارية أم لا".

السندات وإعادة هيكلة الدين العام

على صعيد آخر، أعلنت وزيرة الإعلام بعد جلسة الحكومة، أن "مجلس الوزراء وافق على الاستعانة بالمستشار المالي (لازارد) والمستشار القانوني (كليري غوتليب) لمساعدة الحكومة بشأن السندات الدولية وإعادة هيكلة الدين العام".

ونقلت عن رئيس الحكومة حسّان دياب قوله خلال الجلسة، إن "الدول الشقيقة والصديقة لن تتخلى عن لبنان، وهذا ما نتمناه، لأن انهيار لبنان سيتسبّب بالضرر لكل من تخلى عنه".



في السياق، أعلن الوزير السابق المحامي كميل أبو سليمان، في حديث تلفزيوني، أن وزير المالية غازي وزني طلب منه قبل أسبوعين، ومن ثم رئيس مجلس الوزراء، استشارات ومساعدة قانونية في موضوع السندات الدولارية (اليوروبوند) المستحقة في 9 مارس/آذار المقبل، موضحاً أنه قدّم ومكتبه الاستشارات والمساعدة القانونية مجاناً إلى حين إتمام استدراج عروض لتسمية مكتب محاماة للتوكل عن الدولة، مضيفاً: "اتفقنا على أن يكون هناك استدراج عروض، فلا أنا أرضى بالاتفاق بالتراضي ولا الحكومة".

وأشار إلى أن مواقفه الداعية لعدم سداد سندات الدين الخارجية واضحة منذ بداية الأزمة، وقال: "لقد أعلنت عن ذلك منذ استحقاق نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وكنت ضد دفع المليار و500 مليون دولار يومها، لأن ما تبقى من الأموال في مصرف لبنان هو أموال المودعين في البنوك. فعوض أن ندفع لنحو 100 من حاملي السندات، وخصوصاً المستثمرين الأجانب الذين كانوا يدركون المخاطر التي يتخذونها، كان الأفضل أن ندفع هذا المبلغ للشعب اللبناني، وخصوصاً لصغار المودعين".

وعن استحقاق مارس/آذار، قال أبو سليمان إن قيمته مليار و200 مليون دولار، مضيفاً: "بالمجمل علينا 4 مليارات و400 مليون دولار هذا العام بين فوائد وأصل الدين. وسابقاً كنا نلجأ عند الاستحقاق إلى إعادة التمويل، واليوم هذا غير ممكن، لذا حتماً الطريقة الوحيدة للدفع هي عبر انتقاص ما تبقى من ودائع الناس في المصرف المركزي".

وأردف قائلاً: "ستكون هناك عواقب لعدم دفع اليوروبوند، كالدعاوى ومحاولة حجز على أصول المصرف المركزي، لكن يمكننا التعامل معها. أتمنى التوفيق في إعادة الهيكلة".

مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة

إلى ذلك، عقدت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة جلسة برئاسة النائب إبراهيم كنعان، الذي قال: "أنهت مجموعة العمل التي كلفتها الأسبوع الماضي بتحضير مشروع يتضمن صيغة موحدة عن الاقتراحات المطروحة، على صعيد الإثراء غير المشروع وتعديلات لجنة الإدارة والعدل السابقة والتعديلات المقترحة، والسرية المصرفية واسترداد الأموال المنهوبة".

وأوضح أنه "يجري درس مفصل لتحديد من هم الأشخاص الذين يفترض أن تتم ملاحقتهم، ومن هم الذين يُعتبرون موظفين ومنتخبين يتعاطون الشأن العام؟ وهل تشمل الملاحقة العائلات والمستشارين؟ وهل التصريح هو علني أو يفترض أن يكون سرياً أو يمزج بين الاثنين؟ وماذا يتضمن التصريح؟ وهل هناك إمكانية لملاحقة أناس في القطاع الخاص لتورّطهم في الجرم المالي مع المسؤول أو رئيس الحزب أو الوزير والنائب؟".




وذكر أن "آلية استرداد الأموال المنهوبة هي من ضمن هذه الاقتراحات، إلى جانب السرية المصرفية وإسقاط الحصانات"، وقال: "سأطلب، كما وعدت، من رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحويل القوانين المتصلة من المحكمة الخاصة بالجرائم المالية وسواها من الاقتراحات".

صندوق النقد الدولي

وعن اجتماعات صندوق النقد الدولي، قال كنعان: "هناك استحقاق اليوروبوند في 9 مارس/آذار المقبل. والمطلوب العمل لأن التفاوض كان يفترض أن يبدأ قبل هذه المرحلة. وانطلاقا من متابعتي مع عدد من الوزراء، من بينهم وزير المالية، فهناك جهد كبير يبذل، وهناك جدية بحسب ما سمعت من وفد صندوق النقد الدولي".

وتابع أن "المطلوب في الأيام المقبلة أن يبدأ فريق العمل الحكومي بالتفاوض، وأن نبدأ بالموازاة بخطة متكاملة مالية واقتصادية ترتكز على إصلاح فعلي، نادينا به منذ سنوات، عند درس الموازنات وإصدار التوصيات في ما يتعلق بالجمعيات والأبنية المؤجرة والاستدانة وسواها".

ادعاء بجرائم اختلاس وتزوير و"تبييض"

على الصعيد القضائي المتصل بمكافحة الفساد، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على 45 شخصاً في ملف هيئة إدارة السير والمركبات والآليات (النافعة)، بجرائم التزوير واستعمال المزور واختلاس أموال عامة وقبول رشى وتبييض أموال، وأحال الملفات إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور".

والمدعى عليهم، بحسب "الوكالة الوطنية للإعلام"، هم 27 موظفاً إدارياً في النافعة، إضافة إلى مُعقبي معاملات وسماسرة.

المساهمون