خروج بريطانيا.. هل يكرر الأزمة الاقتصادية العالمية

خروج بريطانيا.. هل يكرر الأزمة الاقتصادية العالمية

25 يونيو 2016
الأسواق قد تشهد تقلبات قوية (Getty)
+ الخط -

كان يوم "الجمعة الأسود" الذي شهدته الأسواق العالمية نتيجة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي قاسيا، وإن كانت أبعاده تذكر بأزمة مصرف ليمان براذرز، إلا أن النظام المالي العالمي لا يبدو مهددا في الوقت الحاضر، إذ تقتصر الأزمة على البعد السياسي.

ولم يشهد المستثمرون مثل هذه التقلبات منذ الأزمة المالية عام 2008 حين انهار مصرف الأعمال "ليمان براذرز"، وأزمة الديون في منطقة اليورو التي بلغت ذروتها في صيف 2011.

لكن إن كانت عواقب تراجع البورصة الجمعة والغموض الاقتصادي والسياسي المرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تستمر لبعض الوقت، إلا أنه من الصعب في المرحلة الراهنة التحدث عن أزمة مالية جديدة.

وقال مدير إدارة العمليات في شركة "راسل انفستمنتس فرنسا" المتمركز في لندن آلان زيتوني "إننا لا نشهد موجة بيع على خلفية حركة هلع (...) لسنا أمام دوامة على غرار ما حصل في قضية ليمان براذرز، مع ترقب سلسلة تبعات وتعثر مصدري سندات الديون في السداد".

وقال لوران كلافيل الخبير الاقتصادي لدى شركة "اكسا آي ام" إن "الحركة بلغت حجما كبيرا لكنها ليست كارثية في الوقت الحاضر" مضيفا أن الوضع "أقل خطورة بكثير من الانهيار الذي نجم عن ليمان، وأحداث صيف 2011".

وخلافا لما حصل خلال أزمة مصرف ليمان، فإن ما اهتز صباح الجمعة لم يكن مصير النظام المالي.


في 2007-2008، حاصرت المخاطر المستثمرين الذين كانوا يخشون انهيار القطاع المالي نتيجة أزمة الرهونات العقارية والصعوبات التي واجهتها المصارف.

وينطوي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على تحديات سياسية خطيرة للبناء الأوروبي، لا بل لمكانة السوق المالية نفسها في لندن، غير أنه لا يحمل في الوقت الحاضر على إعادة النظر في الاستقرار المالي العالمي.

ويستبعد خبراء مكتب "اوكسفورد ايكونوميكس" إمكانية أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "لحظة شبيهة بـ(أزمة) ليمان"، معتبرين أنه "لا بد أن تتخذ أمور كثيرة منحى سيئاً في الوقت نفسه"، حتى يتلقى النظام برمته ضربة "لا يمكن إصلاحها".

كما أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن أزمة اقتصادية على النطاق العالمي، إذ تبدو الدول الكبرى جميعها باستثناء بريطانيا بمنأى عن تباطؤ اقتصادي قوي.

الحد من الإنفاق

ولخص كلافيل الوضع بالقول "ليست هذه صدمة عالمية"، موضحا أن الوطأة المرتقبة على الاقتصاد في منطقة اليورو ستكون سلبية حتما، لكنها لن تكون هائلة، كما أن الانعكاسات على الاقتصاد الأميركي ستكون محدودة.

وكانت العواقب في وول ستريت الجمعة أقل حجما منها في أسواق المال الأوروبية.

غير أن فرانك ديكسمير مدير إدارة السندات في العالم لدى شركة "آليانز جي آي" لفت إلى أن "هذا التراكم لعوامل الغموض لا يوجه إشارة جيدة إلى المستثمرين الدوليين حين يكون المطلوب النظر في إقامة فروع في أوروبا أو توظيف استثمارات".

وما يختلف أيضا عن أزمتي 2008 و2011 أن السياسات النقدية تتسم الآن بليونة كبيرة، لا سيما في منطقة اليورو حيث يعمد البنك المركزي الأوروبي إلى إعادة شراء الديون بشكل مكثف.

وقال زيتوني إن "الأزمة سياسية"، ما لا يشكل بالضرورة خبراً ساراً للأسواق.

وقال ديكسمير "إن كان من الممكن تقدير الخسائر المالية، إلا أنه من الصعب للغاية تقدير العواقب السياسية. إننا نواجه عواقب على المدى البعيد بالمقارنة مع المدى القريب لردود فعل المستثمرين الذين فوجئوا بالوضع".

وحذر كلافيل من أن "ردود الفعل السياسية ستكون موضع متابعة عن كثب، ولا سيما في ما يتعلق بمستقبل منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي".

كما يتحتم بحسب ديكسمير متابعة قرارات كبار المستثمرين مثل صناديق التقاعد وشركات التامين التي "لا تبدي عادة رد فعل سريعا".

غير أن شركة "بلاك روك" العملاقة الأميركية لإدارة الأسهم حذرت بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "لا يبدل شيئا في ادارتها لأصول عملائها في أوروبا".

لكن إن استمرت المصارف في مواجهة صعوبات في البورصة، فقد يطرح ذلك تساؤلات حول قدرتها على إقراض الاقتصاد بصورة طبيعية.

وبالتالي فإن الأسواق قد تشهد في حال نجاتها من أزمة مالية، تقلبات قوية، وسيكون سلوكها في الأيام المقبلة مؤشرا جوهريا.

وقال ديكسمير إن "السوق تدخل فعلا في المجهول والغموض ويمكن توقع هزات ارتدادية (...) لا بد لنا رغم كل شيء من الحد من الإنفاق".