الطريق نحو الخروج البريطاني: سنوات مقبلة من المفاوضات

الطريق نحو الخروج البريطاني: سنوات مقبلة من المفاوضات

25 يونيو 2016
ترغب بعض الدول بحسم الأمور بسرعة (ليون نيل/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أن النتائج النهائية للاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، جاءت لصالح الخروج من الاتحاد، إلا أن هذا لا يعني خروج بريطانيا الفوري، بل عبر مفاوضات طويلة مع الاتحاد لتنفيذ الانفصال. ومن المتوقع أن يستغرق خروج بريطانيا بشكل كامل من الاتحاد، من عامين إلى عشر سنوات، وتستمر بريطانيا خلال تلك الفترة في تطبيق أنظمة الاتحاد.
وعلى الحكومة البريطانية أن تعدّ أولاً مشروع قانون خاص بالخروج من الاتحاد الأوروبي، تطرحه على السلطة التشريعية للمصادقة عليه، إذ إن نتيجة الاستفتاء لن تكون مُلزمة أو نافذة إلا بعد مصادقة مجلس العموم، بغرفتيه (النواب واللوردات) عليها. وتبدأ الإجراءات، بإعلام المفوضية الأوروبية، بقرار خروج بريطانيا من الاتحاد، وفقاً للمادة 50 من معاهدة لشبونة، وبعدها يبدأ الطرفان مفاوضات، من أجل التوصل لاتفاق ينظّم إجراءات عملية الخروج.
كما أن خروج بريطانيا النهائي، لا يكون سارياً إلا بعد تصديق البرلمان الأوروبي على طلب الخروج الذي ستتقدّم به الحكومة البريطانية. ومن المرجح أن تشرع بريطانيا في هذه الإجراءات سريعاً، لا سيما أن رؤساء المجلس الأوروبي دونالد توسك، والمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، والبرلمان الأوروبي مارتن شولتز، والرئيس الدوري الهولندي للاتحاد مارك روتي، دعوا في بيان مشترك "حكومة المملكة المتحدة لأن تنفذ قرار الشعب البريطاني هذا بأسرع وقت ممكن"، وعبّروا عن جهوزيتهم "للشروع في المفاوضات". وأكد البيان مواصلة الاتحاد مسيرته مع 27 بلداً، مضيفا "بالرغم من كون هذه العملية مؤلمة، فإننا ننتظر من حكومة المملكة المتحدة، تسريع تطبيق قرار الشعب، وأي تأخير من شأنه أن يزيد من حالة الغموض". وأشار البيان إلى المادة 50 من ميثاق الاتحاد الأوروبي المتعلق بالخروج منه، مضيفاً: "مستعدون لبحث شروط المحادثات المتعلقة بالخروج من الاتحاد مع المملكة على وجه السرعة، فيما ستستمر عضوية المملكة في الاتحاد حتى نهاية المباحثات".


وسوف تستغرق المفاوضات حوالي سنتين، طبقاً للمادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي التي توضح شروط الانفصال، والكيفية التي يجب أن تسير بها عملية المفاوضات، وإن كان بعض الخبراء يقدّرون أن تستمر إجراءات الانفصال لعشر سنوات وربما أكثر، إلا أن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ترغب في حسم الأمور مع بريطانيا بسرعة. وتسري قوانين الاتحاد الأوروبي في بريطانيا خلال المفاوضات، كما تستمر حركة التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشكلها المعتاد، إلا أن بريطانيا لن تشارك في اتخاذ القرارات الداخلية للاتحاد، ولا في الاجتماعات التي ستُعقد بخصوص شروط خروجها من الاتحاد. وبعد التوصل للاتفاق، أو بعد عامين على الأكثر من القرار، لا تعود معاهدات الاتحاد الأوروبي سارية في بريطانيا. ويمكن تمديد هذه الفترة، بالاتفاق بين لندن والاتحاد الأوروبي.
وستحدد الاتفاقات التي ستتوصل إليها بريطانيا، ما إذا كان مواطنوها سيحتاجون للحصول على تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد. وفي حال البقاء في السوق الأوروبية المشتركة، سيكون بإمكان المواطنين البريطانيين الاستمرار في العمل داخل دول الاتحاد، إلا أنه في حال وضعت لندن قيوداً على منح أذون عمل لمواطني الاتحاد الأوروبي، فسيعامل البريطانيون الراغبون بالعمل في دول الاتحاد بالمثل.
وبدأ الاتحاد الأوروبي منذ أمس الجمعة سلسلة تحركات لتحضير الخطوات المقبلة للتكتل من دون بريطانيا، بدأت بلقاءات ثنائية في البرلمان الأوروبي بين مختلف الكتل السياسية. كما يُعقد اجتماع بين وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي (فرنسا وألمانيا وهولندا ولوكمسبورغ وبلجيكا وإيطاليا) اليوم السبت في ألمانيا لمناقشة هذا الموضوع. كذلك يُرتقب عقد اجتماع للمفوضين الأوروبيين الـ28 يوم الإثنين المقبل في بروكسل لبحث تطبيق نتائج الاستفتاء البريطاني عملياً. وقد طُلب حتى قبل صدور نتائج الاستفتاء من خبراء قانونيين أوروبيين تعليق مشاريع إجازاتهم الصيفية في يوليو/تموز لبدء العمل القانوني المكثف المنتظر.
كذلك من المرتقب أن يحضر خروج بريطانيا من الاتحاد، في القمة الأوروبية التي ستُعقد في بروكسل في 28 و29 الحالي، والتي تُعقد بشكل معتاد كما يحصل عند انتهاء الرئاسة الدورية لستة أشهر لكل دولة. وكانت أبرز نقاط جدول أعمال القمة، أزمة الهجرة والوظائف والاستثمار، لكن القرار البريطاني سيفرض نفسه ليصبح موضوع البحث الأساسي.

المساهمون