الصحف الفرنسية وانسحاب بريطانيا.. أسف وحزن وقلق من المستقبل

الصحف الفرنسية وانسحاب بريطانيا.. أسف وحزن وقلق من المستقبل

25 يونيو 2016
الصحف الفرنسية تعبر عن القلق والحزن (Getty)
+ الخط -
لم يُعرف خبر قرار أغلبية الشعب البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي إلا في ساعة متأخرة، وهو ما جعل صحف أمس، الجمعة 24 يونيو/حزيران، الفرنسية تخلو من إشارة إلى هذا الحدث الجلل، عدا صحيفة "لوموند" المسائية، التي كرّست ملفا كبيرا للحدث بعنوان.


وتداركت صحف السبت 25 يونيو/حزيران، الأمر فكرست أهم صفحاتها وملفاتها لهذا الزلزال، الذي لا يعرف أحدٌ، بالتحديد، حجم الضرر الذي سيلحقه بالاتحاد الأوروبي ومؤسساته.

زلزال أوروبا

ملف صحيفة "لوفيغارو" اليمينية، كان بعنوان "زلزال في أوروبا". ونقرأ فيه مواضيع ومقالات عن "أوروبا التي لم تكن تكلّف بريطانيا كثيرا" و"زلزال على الأسواق المالية" و"مملكة غير متحدة بعد تصويت اسكتلندا وأيرلندا ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي"، و"43 سنة من الحبّ والكراهية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة".

كما نقرأ تصريحا لوزير الخارجية الفرنسي، أيرولت، يعترف فيه بأن العلاقات ما بين بروكسيل والشعوب الأوروبية لم تكن جيدة، ولهذا يطالب بـ"أوروبا تُشرك المواطنين في قراراتها بشكل أكبر"، كما طمأن بأن "خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي غيرُ وارد".

كما تتطرق مواضع أخرى لقضايا مرتبطة بهذا الانسحاب البريطاني، كقضية اللاجئين والمهاجرين، الذين يرى الكثير من المراقبين أن المعالجة الألمانية لها أثارت امتعاض البريطانيين الخائفين على جزيرتهم والرافضين لتدفق الأجانب إلى بلادهم، وهنا نقرأ مقالا بعنوان: "مهاجرو كاليه: أي مستقبل لاتفاقات توكي؟"، ويتعلق الأمر بالاتفاقات التي جرت سنة 2003، بين بريطانيا وفرنسا من أجل ثني المهاجرين عن العبور إلى بريطانيا، وإرسال شرطة بريطانية إلى الأراضي الفرنسية للمراقبة. وهو ما أثار امتعاض كزافيي برتراند، السياسي اليميني القوي في منطقة "نورد - با دي كاليه - بيكاردي"، الذي طالب بفتح مخيمات للاجئين في الجانب البريطاني من الحدود، على غرار ما هو موجود في فرنسا.

"عصر القلق"

أما صحيفة "ليبراسيون" فاختارت لهذا الحدث عنوانا مرحا: "حظ سعيد". وكتب لورونت جوفرين، مدير التحرير، افتتاحية بعنوان: "هوّة". يقول فيها: "إن ما حدث، وحتى نكون دقيقين، هو أن الطبقات الشعبية البريطانية، تمردت ضد التوجّه الدولي للنُّخَب والانفتاح على القارة، الذي يحظى بالأغلبية في المدن المختلطة وبين الشباب. وقامت هذه الطبقات الشعبية بتكنيس توجهات النُّخَب في الضواحي القلقة والأرياف المُهملَة".



وأضاف جوفرين: "رغم الصعوبات المباشرة وصدمة البورصة وإعادة كتابة الاتفاقات التجارية، فإن إغواء الاستقلال في اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، الذي يبدو أن أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي اكتشفوه، كما لو أنهم لم يقيسوا نتائجَ دعايتهم المعادية حدَّ الهَوَس لأوروبا، فإن الانفصال سيتمّ. بحر المانش ليس مَضْيَقا، وإنما هو هوّةٌ".


وفي الصحيفة تصريح للوزير الأول السابق توني بلير، يتأسف فيه على التصويت البريطاني، ويحذّر من نتائج مأساوية على بلاده، ويقول: "إننا ندخل في عصر قَلق كبير"، ثم يدعو الاتحاد الأوروبي إلى "أن يقيس نتائج الخيارات التي سيُقْدِم عليها". وفي الصحيفة مقال عن "تايتانيك كاميرون"، الذي يُذكّرُ سقوطُهُ: بـ"السيبوكو الياباني، حيث يتم الانتحار ببطء لا يخلو من كوريغرافيا أمام جمهور وتحت ضغوط العشيرة (الحزب)".

تتحدث "ليبراسيون" عن عواقب خروج البريطانيين الاقتصادية، فتقول على لسان الخبير الاقتصادي، باتريك أرتوس: إن "النموّ يمكن أن يفقد 2 في المائة في السنة". صحيحٌ، يطمئننا الباحث أرتوس، بأن الصدمة ستكون أقلّ من أزمة 2007، و"لكن البريطانيين ستشهد قوتهم الشرائية تدنيا"، ويضيف بأنه "من الوارد حدوث انهيار في ميدان العقار. لأن الأثمان في لندن يحدّدها مستثمرون أجانب. ومنذ شهرين بدأوا يهجرون المدينة". ولأنّ متاعب بريطانيا بدأت، خاصة في ما يتعلق باتفاقيات التبادل الحر، وهي في حدود 200 اتفاق. ولا يمكن لبريطانيا الآن أن تعيد التفاوض حولها، كما السابق، من موقع قوة.



"مواجهة المجهول"

أما صحيفة لاكَرْوا فكان ملفها عن الزلزال الأخير بعنوان: "في مواجهة المجهول" (البريطانيون صوتوا لفائدة الخروج من الاتحاد الأوروبي). وكانت افتتاحية الصحيفة من توقيع غيوم غوبرت، بعنوان: "تغيير المحرّك"، نقرأ فيه: "المصلحة الاقتصادية القصيرة أو المتوسطة المدى لا تكفي للردّ على انتظارات الشعوب. وهنا مأساة الاتحاد الأوروبي الذي كان مُحرِّكُه، دائما، هو الاندماج الاقتصادي. إن رجال ونساء هذه القارة يتطلعون إلى شيء آخر غير زيادة الثروة عن طريق حرية السوق. إنهم يريدون المزيد من القُرْب والمزيد من التقاسُم ومن الانسجام الاجتماعي".

المقال المركزي هو بعنوان: "بريطانيا العظمى تقطع الجسور". وفي مقال آخر، نقرأ فيه تحليلا للتصويت باعتبار أنه "تصويت - عقاب من قبل ساكنة تمّ إهمالها". ويقول صاحب المقال بأن "الأغنياء صوتوا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي والطبقة الشغّالة صوتت من أجل الخروج. وللمرة الأولى استطاع صوتُ الشعب اختيارَ مصيره".

ولم يَفُت الصحيفة أن تعدد النتائج والعواقب السلبية لهذا الخروج من الاتحاد الأوروبي، في مقال حمل عنوان "نتائج متسلسلة": "الوضعية السياسية في لندن مشوشة وغامضة، فرئيس الوزراء كاميرون لعب بالنار واكتوى بها، في حين أن حزب العمّال لن يَسْلم من زوابع ومشاكل، فإذا كان نوابه صوّتوا لصالح أوروبا فإن معظم ناخبيه صوّتوا لصالح الخروج". كما تتحدث الصحيفة عن "مخاطر وحدة المملكة المتحدة"، إضافة إلى "الزوبعة التي طاولت الأسواق المالية"، ثم احتمال "انتقال عدوى الانفصال إلى دول أوروبية أخرى"، كإيطاليا مع رابطة الشمال، وإسبانيا مع كاتالونيا.

مجلة "بوليتيس"، الأسبوعية الفرنسية، التي صدرت قبيل إعلان النتائج، كرّست ملفا هاما للتصويت، ضمنته لقاءً مع المؤرخ والمفكر البريطاني طارق علي، أكّد فيه أن التصويت مهما كانت نتائجه سيحدث شرخا في حزب المحافظين. ورأى أن حزب العمال سيستفيد من انقسامات المحافظين، التي ستحدث لا محالة، في حال تصويت البريطانيين على الخروج، "إلّا إذا قرّر أنصار توني بلير تنظيم انقلاب داخلي ضد جيريمي كوربين".