الإسترليني أول ضحايا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

الإسترليني أول ضحايا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

24 يونيو 2016
بوريس جونسون لعب دوراً محورياً في خروج بريطانيا (Getty)
+ الخط -
فاجأت نتيجة الاستفتاء البريطاني أمس أسواق المال في أنحاء العالم، بعدما أيد البريطانيون خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي بنسبة 51.9%. وكانت الأسواق حتى الساعات الأولى من صباح أمس تتوقع فوز المعسكر المناصر لبقاء بريطاني في الاتحاد الأوروبي وإن كان ذلك بنسبة ضئيلة.
وأصيبت أسواق المال بشبه زلزال في لندن وعواصم المال الرئيسية التي فتحت أبوابها للتعامل بعد ظهور نتيجة الاستفتاء. وهرع المستثمرون، الذين هربوا من الجنيه الإسترليني والموجودات المقيمة بالإسترليني نحو الذهب الذي حقق أمس أعلى مكاسبه منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، بعدما أصيبت الأسواق بالصدمة.
وقفز المعدن الأصفر ثمانية بالمئة إلى أعلى مستوياته في أكثر من عامين مقتفياً أثر مكاسب الملاذات الآمنة الأخرى مثل السندات مع هبوط الأصول التي تنطوي على مخاطر مثل الأسهم والجنيه الاسترليني. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 5.1% إلى 1319.60 دولارا للأوقية (الأونصة) في التعاملات الصباحية. وصعد في بعض التعاملات إلى 1358.20 دولارا للأوقية مسجلاً أعلى مستوى له منذ مارس/آذار 2014. وكان الذهب قفز نحو 11% في سبتمبر/أيلول 2008.
وكان سعر صرف الإسترليني أولى ضحايا الاستفتاء، حيث انهار الجنيه إلى أدنى مستوى له في 31 عاماً أمس الجمعة مسجلاً أكبر خسارة في تاريخه. وكان الإسترليني بلغ أعلى مستوى له منذ بداية 2016 فوق 1.50 دولار عقب نشر نتائج استطلاع للرأي في وقت سابق أظهر تقدم معسكر المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي، لكنه هبط نحو 17 سنتاً من ذورته مع تأكد فوز معسكر مؤيدي الخروج في الاستفتاء التاريخي.
وفي تعاملات متذبذبة، فقد الإسترليني في بعض اللحظات أمس 11% من قيمته أمام الدولار، ليهبط إلى 1.32 دولار. وهي وتيرة هبوط تاريخية تزيد على أي وتيرة انخفاض شهدتها العملة، منذ نظام التعويم الحر لأسعار الصرف الذي جرى تبنيه في أوائل السبعينيات.
وانخفض الإسترليني إلى 1.3305 دولار، مسجلاً أدنى مستوى له أمام العملة الأميركية منذ سبتمبر/أيلول 1985 كما فقد الإسترليني 6.0% أمام اليورو و15% أمام الين.
وفقد مؤشر" فوتسي 100" لقياس أداء المائة شركة الكبرى في سوق لندن أكثر من 630 نقطة في التعاملات الصباحية، لينخفض إلى مستويات لم يشهدها منذ أزمة المال العالمية في العام 2007. كما هوت الأسهم الأوروبية أكثر من ثمانية بالمئة في مستهل التعاملات أمس بقيادة قطاع البنوك وتتجه لتكبد أكبر خسائرها اليومية بالنسبة المئوية على الإطلاق.
وهبط مؤشر "يوروفرست 300" لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 8.5% إلى 1244.03 نقطة، بعدما وصل إلى 1239.68 نقطة. وهبط مؤشر "ستوكس يوروب 600" بنسبة 8.8%.
وتكبدت أسهم الشركات المالية أكبر الخسائر في موجة الهبوط، حيث هوى مؤشر أسهم القطاع المصرفي الأوروبي 14% ليتجه صوب تكبد أكبر خسائره اليومية بالنسبة المئوية على الإطلاق. ونزل مؤشر أسهم شركات التأمين الأوروبية 12.8%، بينما انخفض مؤشر أسهم شركات السيارات 10.5%. وهوت أسهم باركليز 25% و"رويال بنك أوف سكوتلاند 23% ولويدز 23%. وفي أحدث التعاملات هبط مؤشر كاك 40 الفرنسي 8.8% في حين نزل مؤشر داكس الألماني 7.3%.

ولكن خبراء يرون أن ما يحدث في اليوم الأول، لا يعكس حقيقة التداعيات السالبة التي ستترتب على هذا الاستفتاء؛ والتي ستكون كبيرة على بريطانيا التي تواجه حالياً العزلة من محيطها الأوروبي واحتمالات التمزق، بسبب مطالبة أقاليم مثل اسكتلندا وأيرلندا مجدداً بالانفصال، خاصة وأن الأيرلنديين والاسكتلنديين صوتوا بقوة لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي جرى أمس الأول. ورغم ذلك يرى متفائلون أن الخسائر ربما لا تكون كبيرة بالنسبة للاستثمارات الأجنبية في لندن.
وكان البروفسور جون ديفي الأستاذ الزائر بكلية غيلد للأعمال التجارية التابعة لجامعة لندن قد أبلغ "العربي الجديد"، أن المصارف العالمية وشركات المال والاستثمار ربما تختار البقاء في لندن رغم نتيجة الاستفتاء، لأنها تجد في لندن من الحرية والمرونة في التشريعات ما لا تجده في مدن العالم الأخرى. ويرى ديفي، أن تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي لن تكون كبيرة جداً وبدرجة تضرب الاستثمارات الأجنبية، كما ذكرت بعض التقارير.
من جانبها، قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أمس الجمعة إن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي يؤثر سلباً على التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا وتصنيفات المصدرين الآخرين لأدوات الدين في البلاد.
وقالت الوكالة في بيان "هذه النتيجة تحمل في طياتها فترة طويلة من الضبابية بشأن السياسات، وبالتالي ستفرض ضغوطاً على الأداء الاقتصادي والمالي للمملكة المتحدة.
ومن المتوقع وحسب وكالة موديز أن تتأثر سندات الخزينة الأميركية، ويبتعد المستثمرون الأجانب عن الاستثمار في سندات الدين البريطانية. وقالت موديز في بيان نقلته رويترز "زيادة الضبابية ستقلص تدفق الاستثمارات والثقة على الأرجح بما يضغط على آفاق النمو في المملكة المتحدة؛ وهو ما يؤثر سلباً على التصنيف الائتماني للديون السيادية و(ديون) المصدرين الآخرين للسندات في المملكة المتحدة". والمملكة المتحدة حاصلة على تصنيف يقل درجة واحدة عن ‭‭‭‭AAA‬‬‬‬ من وكالة موديز مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وتدور في أسواق الصرف مخاوف من تداعيات عمليات البيع المكثفة التي تحدث حالياً لليورو والإسترليني، فبينما قال بنك إنجلترا إنه سيتدخل في الأسواق لحماية الإسترليني من المضاربات الضارة. قال البنك المركزي الأوروبي أمس إنه مستعد لضخ سيولة إضافية باليورو والعملات الأجنبية إذا اقتضت الضرورة. وقال المركزي الأوروبي في بيان "عقب نتيجة الاستفتاء البريطاني يراقب البنك المركزي الأوروبي أسواق المال عن كثب كما أنه على اتصال وثيق مع غيره من البنوك المركزية".
وأضاف "البنك المركزي الأوروبي مستعد لضخ سيولة إضافية باليورو والعملات الأجنبية إذا لزم الأمر... سيواصل البنك المركزي الأوروبي القيام بمسؤولياته لضمان استقرار الأسعار والاستقرار المالي في منطقة اليورو".
وكان البنك المركزي الأوروبي قرر مد يد المساعدة للمصارف اليونانية التي تعاني من أزمة نقدية. القرار يأتي بالاستناد إلى التقدم الذي أحرزته اثينا بخصوص مختلف الإجراءات لتحسين وضعها المالي.
كما اتخذ البنك المركزي الأوروبي خطوات للتدخل لحماية المصارف الأوروبية الضعيفة، خصة المصارف اليونانية،
ومن المتوقع أن تحصل أثينا على قرض بـ 7.5 مليارات يورو هذا الأسبوع في إطار خطة الإنقاذ المالية الثالثة التي تم الاتفاق عليها الصائفة المنصرمة. ومن المقرر ستستخدم البنوك اليونانية أرباح السيولة الرخيصة للتخفيف من ميزانيتها المثقلة بالأعباء. وحسب يورو نيوز من المتوقع أن يشرك المركزي الأوروبي اليونان في برنامج التيسيير الكمي؛ وهو ما تأمله أثينا في الحصول على سيولة بتكاليف أقل.