هزة متوقعة في الأسواق حال مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي

هزة متوقعة في الأسواق حال مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي

14 يونيو 2016
الخروج سيعني خفض أسعار بعض البضائع المستوردة (Getty)
+ الخط -
ماذا لو صوتت بريطانيا ضد البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي سيجري بعد 9 أيام من الآن، وتحديداً في يوم 23 يونيو/حزيران المقبل؟
سؤال يثير الكثير من القلق لدى رجال الأعمال والبنوك والمستثمرين في بريطانيا وخارجها، ويضع علامات استفهام أمام العديد من القضايا المالية والتجارية التي كانت تؤخذ كمسلمات، خاصة تلك المرتبة بالاتحاد الأوروبي.
"العربي الجديد" حملت السؤال إلى البروفسور البريطاني جون ديفي الأستاذ الزائر بكلية "غيلد هول" للأعمال والقانون بجامعة لندن.
قبل الدخول في الإجابة عن أسئلة "العربي الجديد"، قال جون ديفي إنه يستبعد تصويت البريطانيين للخروج من أوروبا، رغم أن بعض الاستطلاعات تشير إلى ذلك.
ويضيف قائلا " لقد سبق أن أشارت استطلاعات الرأي إلى أن اسكتلندا ستصوت لصالح الاستقلال عن بريطانيا وأخطأت الاستطلاعات بنسبة كبيرة قاربت 10%".
وجون ديفي في هذا الرأي يوافق رأي المستثمر العالمي جورج سورس الذي أدلى به لصحيفة "وول ستريت جورنال" أمس والذي قال فيه سورس "في النهاية ستصوت بريطانيا لصالح البقاء في أوروبا".
وحتى الآن تواصل بريطانيا عضويتها في الاتحاد الأوروبي، ولكنها ليست عضواً في منطقة اليورو، وبالتالي فبريطانيا تفضل استمرارها في الوحدة السياسية والدفاعية مع أوروبا، لكنها ترفض التقيد بالوحدة المالية والنقدية، التي ترى أنها تقيد حركتها المصرفية والتجارية.


وحسب خبراء في حي المال البريطاني، تتركز مخاوف بريطانيا على مركزها المالي واحتمالات تحجيم المفوضية للصناعة المصرفية والخدمات المالية، التي تعد أحد أهم قطاعات النشاط الاقتصادي والمالي في بريطانيا، وبالتالي فهي ترغب في استثناء حي المال ومصارفه من قوانين الوحدة المصرفية الأوروبية التي ستدخل قريباً حيز التطبيق.
ويرى البروفسور ديفي أن دول الاتحاد الأوروبي تضيق الخناق على حي المال البريطاني، ويقول هذا ما يرفضه البريطانيون.
ويعد حي المال البريطاني من أهم المراكز المالية في العالم، وتقدم في مرات كثيرة في التصنيفات العالمية على حي "وول ستريت" في نيويورك، رغم الثقل الكبير للاقتصاد الأميركي مقارنة بالاقتصاد البريطاني.

وحي المال الذي تبلغ مساحته ميلاً مربعاً، والواقع في منطقة "بانك" بالقرب من بنك إنجلترا (البنك المركزي) وسط لندن، يؤدي دوراً مهماً في الاقتصاد البريطاني والنشاط المالي العالمي، فهو يستضيف حوالي 250 مصرفاً أجنبياً، كما يدير ثروات مالية تقدر بنحو 5.4 ترليونات دولار، ويساهم بنحو 10% من الناتج المحلي البريطاني المقدر بـ 2988 مليار دولار و12% من الدخل الذي تحصله الخزينة البريطانية من الضرائب، كما يوفر ما يقرب من 400 ألف وظيفة من وظائف الدخل المتوسط والكبير للبريطانيين.
وحسب إحصائيات "سيتي يوكيه"، فإن الصفقات المالية التي ينفذها حي المال البريطاني تقدر بحوالي 2.7 ترليون دولار يومياً، وتتم يومياً المتاجرة يومياً في سوق لندن المالي في 70% من السندات العالمية و20% من الأسهم العالمية المسجلة في البورصة البريطانية.
ويقول ديفي إن هذه الحيوية والضخامة لحي المال البريطاني لم تكن نتيجة لعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وإنما كانت نتيجة لقوة بريطانيا وعلاقاتها التاريخية مع دول العالم.
وبالتالي يمكن القول إن "حي المال البريطاني" يعد إلى حد كبير دولة داخل بريطانيا، لها خصوصيتها من حيث الإجراءات والقوانين والتشريعات المالية التي تحميها.
ويرى ديفي أن المصارف العالمية وشركات المال والاستثمار تجد في لندن من الحرية والمرونة في التشريعات ما لا تجده في مدن العالم الأخرى، ولذا فهي تفضل البقاء في لندن.
ويرى البروفسور البريطاني أن بنوك الاستثمار المتعددة الجنسيات التي تقيم في مركز لندن المالي لن تتأثر كثيراً في حال التصويت بـ"لا" أو الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقبل.


ويضيف ديفي في إجاباته لـ"العربي الجديد"، "نعم سيكون هنالك تأثير سلبي في البداية، وربما تحدث خضة في أعقاب النتيجة مباشرة، ولكن بعد مدة وبعد أن ينجلي الغبار، ستجد المصارف العالمية وشركات الاستثمار أن أفضل الخيارات أمامها هو البقاء في لندن، مع إجراء تغييرات طفيفة على فروعها حتى تتمكن من الاستمرارية في حصد الميزات".
ويستبعد ديفي انتقال بنوك الاستثمار العالمية إلى مدن أوروبية مثل باريس أو فرانكفورت".
ويقول "ببساطة، إن الكفاءات المصرفية سترفض الانتقال إلى هذه العواصم بسبب الضرائب المرتفعة في فرنسا وألمانيا، وكذلك بسبب المزايا التي ستفقدها إذا غادرت لندن".
ويشير في هذا الصدد إلى أن العديد من المصارف ستفتح لها فروعا في العاصمة دبلن بأيرلندا أو تدعيم فروعها القائمة من هناك، وبالتالي ستستفيد من مزايا المتاجرة مع أوروبا من جهة، لأن أيرلندا عضو في الاتحاد الأوروبي، كما ستستفيد من تواجدها في عاصمة مالية حرة مثل لندن، غير مكبلة بالقوانين الأوروبية".

ويقول البروفسور البريطاني "إن أوروبا ستخسر في حال خروج بريطانيا، أكثر من خسارة لندن".
وأشار في هذا الصدد إلى الخسارة الدبلوماسية والخسارة العسكرية.
وقال الخبير ديفي، إن بريطانيا لديها علاقات تاريخية ومعرفة واسعة بالعالم تفتقدها أوروبا، كما أنها هي القوة العسكرية الرئيسية إلى جانب فرنسا.
وبالتالي بالنسبة للبروفسور ديفي، فإنه لا يرى أن التصويت ضد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد البريطاني. وذلك خلافاً لآراء العديد من خبراء المال والسياسة الذين قالوا إن الخروج سيسبب كارثة، وسيدمر موقع لندن كـ "عاصمة مالية ومصرفية" تقود العالم. ولكنه يؤكد لـ "العربي الجديد"، أنه يؤيد بقاء بريطانيا ضمن دول الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل يرى ثمانية اقتصاديين من كبار خبراء الاقتصاد في بريطانيا، أن اقتصاد البلاد سيتحسن في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويقولون "البديل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي سيكون واضحاً لبريطانيا، حيث أنها ستتعامل تجارياً مع دول العالم وفقاً لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية. وستكون أكثر حرية ومرونة".
وقال هؤلاء الاقتصاديون في ورقة نشرت أخيراً واطلعت عليها" العربي الجديد" إنه، في حال تصويت البريطانيين لصالح الخروج، فلا تحتاج بريطانيا إلى إجراء ترتيبات تجارية خاصة مع دول الاتحاد الأوروبي.
وحسب تعليقاتهم فإن المستهلك البريطاني سيكون المستفيد الأول، حيث ستختفي الرسوم الجمركية التي كانت تفرضها دول الاتحاد الأوروبي على المنتجات المستوردة من خارجها.
ويرون أن هذا سيجعل البضائع رخيصة بالنسبة للمستهلك البريطاني. 
ومن بين هؤلاء البروفسور باتريك مينفورد الأستاذ بكلية الأعمال في جامعة كاردف في ويلز، وأساتذة في جامعات ليفربول وبرمنغهام. وأطلق عليهم مجموعة الثمانية، لأنهم أصدروا دراسة مشتركة يدحضون فيها الدراسة الصادرة عن كلية الأعمال في جامعة "لندن سكول أوف إيكونومكس" كما انتقدوا الدراسات الصادرة عن وزارة الخزانة البريطانية والتي تحذر من الآثار الضارة للاقتصاد البريطاني من خروج بريطانيا.