تهاوي أسعار النفط يضرب موازنات الخليج مجدداً...والسعودية تغرق الأسواق

تهاوي أسعار النفط يضرب موازنات الخليج مجدداً...والسعودية تغرق الأسواق

27 نوفمبر 2018
السعودية الأكثر تضررا من تهاوي الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -

 

لم تدم التوقعات بإمكانية خروج دول الخليج العربي من العجز المالي كثيراً، فسرعان ما أعاد تهاوي أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة، بواعث القلق من امتداد العجز لأمد أطول، ليضرب موازنات الحكومات، ويدفعها للاستمرار في عمليات الاقتراض التي انخرطت فيها لسد احتياجاتها التمويلية.

وما يزيد من مخاطر تهاوي الأسعار، ما كشف عنه مصدر بقطاع النفط، الإثنين، عن أن إنتاج السعودية من الخام ارتفع إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مع تزايد الضغط الذي يمارسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المملكة للإحجام عن خفض الإنتاج في اجتماع أوبك الأسبوع المقبل.

أوضح المصدر، وفق رويترز، أن إنتاج السعودية من النفط الخام بلغ ما بين 11.1 مليوناً و11.3 مليون برميل يومياً في نوفمبر/ تشرين الثاني، وتزيد تلك المستويات نحو 500 ألف برميل يوميا، مقارنة بمستويات أكتوبر/تشرين الأول، وأكثر من مليون برميل يوميا عن مستوى الإنتاج في أوائل 2018، حين كانت الرياض تخفض الإنتاج مع غيرها من أعضاء أوبك.

وأظهر تقرير صادر عن مؤسسة كابيتال إيكونوميكس في لندن الأسبوع الماضي، أن تراجع سعر خام برنت من 85 دولارا للبرميل في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول إلى أقل من 65 دولاراً، قد محا 130 مليار دولار من إيرادات دول الخليج على أساس سنوي، وبما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن مستوى الأسعار بعد هذا التقرير، يشير إلى فقدان الخليج معدلات أكبر من الإيرادات، بعد أن هوت الأسعار إلى نحو 60 دولاراً للبرميل، وفق معاملات، أمس الإثنين.

وبحسب تقرير نشره موقع "بيتروليوم إيكونوميست" البريطاني المتخصص في قضايا النفط، فإن الانخفاض الأخير في أسعار النفط "من المرجح أن يستمر أكثر".

وتبدو السعودية الخاسر الأكبر من تراجع الأسعار، بوصفها تحتل المرتبة الأولى عالمياً وخليجيا في تصدير الخام، وتمثل الإيرادات النفطية أكثر من 60% في الموازنة السعودية.

وسجلت الميزانية السعودية خلال الأعوام من 2010 إلى 2013 فوائض نقدية تراوحت بين 88 مليار ريال (23.4 مليار دولار) إلى 374 مليار ريال (99.7 مليار دولار)، لكنها تحولت للعجز بعد ذلك.

وتكبدت المملكة أكبر عجز لها خلال الـ 10 سنوات الماضية في عام 2015 بنحو 366 مليار ريال (97.6 مليار دولار)، وذلك بسبب تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 51%، مسجلة عجزا للعام الثاني على التوالي، بعد أن بلغ العجز خلال 2014 حوالي 66 مليار ريال (17.6 مليار دولار).

وبلغ العجز في 2016 وللعام الثالث على التوالي 297 مليار ريال (79.2 مليار دولار)، ونحو 229.8 مليار ريال (61.3 مليار دولار) في 2017، فيما تقدر وزارة المالية العجز بنهاية العام الجاري 2018 بحوالي 195 مليار ريال (52 مليار دولار) و128 مليار ريال (34.1 مليار دولار) في 2019.

ووفق مستويات أسعار النفط الحالية فإن العجز المالي للسعودية سيزيد عن التقديرات الحكومية للعام الجاري والمقبل، حيث تحتاج الدولة إلى 70 دولاراً للبرميل لتحقيق التعادل في الموازنة، وفق بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي في وقت سابق من العام الجاري.

ويبدو أن خسائر البحرين ستكون أكثر فداحة، حيث تشير البيانات المالية إلى أنها تحتاج إلى سعر 95.2 دولارا لبرميل النفط لتحقيق التعادل في موازنتها للعام الجاري، بينما تحتاج سلطنة عمان إلى 76.3 دولارا للبرميل، فيما تحتاج الإمارات إلى 61.7 دولاراً للبرميل لتحقيق التعادل في الموازنة.

في المقابل، فإن قطر والكويت ستحققان فائضا لتنجوا من العجز المالي، إذ يبلغ سعر التعادل المطلوب في قطر وفق بيانات صندوق النقد الدولي نحو 47.2 دولاراً للبرميل، فيما تحتاج الكويت إلى 47.1 دولاراً للبرميل.

كان وزير المالية علي شريف العمادي، قد كشف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن قطر حققت في الأشهر التسعة الأولى من 2018 فائضاً في الموازنة للمرة الأولى خلال عامين، متوقعاً تسجيل فائض خلال العام المقبل 2019.

وكانت التوقعات تشير إلى أن تسجل قطر عجزاً قدره 28.1 مليار ريال ( 7.6 مليارات دولار) في موازنة 2018، بانخفاض نسبته 1.1% مقارنة بالعجز المسجل في 2017. لكن بيانات مصرف قطر المركزي، أظهرت مؤخراً تحقيق الدولة فائضاً بقيمة 1.9 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري.

وفي الكويت، سجلت الموازنة عجزاً بقيمة 15.2 مليار دولار خلال العامين الماليين 2015 /2016 و2016/ 2017، وفي العام المالي 2017/ 2018 بلغ العجز 10.5 مليارات دولار، فيما بدأت في تحقيق فائض خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 2018 /2019 بقيمة 7.2 مليارات دولار. ويبدأ العام المالي في الكويت في إبريل/نيسان من كل عام.

يقول أحمد المخيزيم، الخبير الاستراتيجي في معهد المحللين الماليين الخليجي في اتصال هاتفي لـ"العربي الجديد" إن "موازنات أغلب دول الخليج أضحت مهددة بالعودة إلى العجز، بعد أن بدأت في التعافي، فالتوقعات السابقة كانت تشير إلى احتمال تسجيل بعض الدول فوائض مالية خلال العام المالي الجاري، ولكن انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياته في عام سيعصف بهذه التوقعات".

وقفز العجز في البحرين من 455.1 مليون دينار (1.2 مليار دولار) في عام 2014 إلى 1.51 مليار دينار في 2015، وإلى 1.63 مليار دينار في 2016، و1.3 مليار دينار في 2017 ونحو 1.2 مليار دينار مقدرة لعام 2018 وفق بيانات مجلس الوزراء.

ويضع العجز المالي دول الخليج في مأزق الاستمرار في الاقتراض. ووفق تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية العالمية في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فإن دول الخليج بحاجة إلى جمع حوالي 300 مليار دولار بين 2018 و2021، وإن متطلبات التمويل الأضخم هي من نصيب السعودية.

وأصبحت السعودية أبرز مُصدر دين دولي في المنطقة إذ اقترضت 52 مليار دولار عبر مزيج من السندات الدولية التقليدية والإسلامية منذ دخولها الأسواق العالمية للمرة الأولى أواخر 2016.

وفي المتوسط، تتوقع ستاندرد آند بورز جمع 70% من الـ300 مليار دولار التي تحتاجها دول الخليج، عن طريق الدين وسحب الـ 30% الباقية من الأصول.

المساهمون