استمرار استخراج نفط السودان مرهون بالانتقال السياسي

استمرار استخراج نفط السودان مرهون بالانتقال السياسي

04 مايو 2019
خزينة الجنوب تعتمد 90% على إيرادات النفط (فرانس برس)
+ الخط -

تشتري حكومة السودان، نقدا، 28 ألف برميل يوميا من نفط الجنوب الذي يمر عبر أراضيها، وفق مصادر "العربي الجديد"، وتُحصّل عائدات بعضها نقدا وبعضها مشتقات نفطية هي عبارة عن "رسوم عبور" لصادرات النفط الجنوبية

مصدر مطلع في وزارة النفط والغاز السودانية، نفى تأخر الخرطوم في تسليم معدات أو آليات إنتاج، وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن كل المطلوبات تصل إلى مواقع الإنتاج والحقول باستمرار في مواقيتها، وأشار إلى أن الوضع حتى الآن "طبيعي".

واعتبر أن الضرر سيحدث في حال توقف أو نقص كميات النفط الجنوبي، لأن السودان يعتمد عليه كثيرا، فيما تشير أرقام رسمية إلى تكرير الخرطوم مشتقات نفطية تقدر بنحو 55% من حاجة الاستهلاك، غالبيتها من نفط الجنوب.

سفير جوبا لدى الخرطوم، ميان دوت، قلّل من تأثير الأحداث السياسية على إنتاج النفط الجنوبي، وقال إن عمليات الإنتاج مستمرة "بشكل طبيعي"، مقدّرا إنتاج الجنوب الحقيقي بين 130 و160 ألف برميل يوميا، وتوقع استمرار العمل بشكل طبيعي في الفترة المقبلة لزيادة الإنتاج للحدود القصوى.

ميان قال لـ"العربي الجديد"، إن ما يحدث في السودان "لم يؤثر على إنتاج النفط الجنوبي" بأي شكل، نافيا صحة ما راج عن تأثر حقول النفط في الجنوب بالاعتصام الجماهيري في الخرطوم، في إشارة إلى عودة طواقم سودانية إلى الخرطوم للمشاركة في الاعتصام.

مهندس عمليات البترول في حقول جنوبية لشركة النيل الكبرى، عبد الرحمن خاطر، أكد أن العمل مستمر كالمعتاد، مشيرا إلى عدم مغادرة المهندسين والفنيين مواقعهم.

يأتي تأكيده بعد تقارير إعلامية نُسبت إلى المتحدث الرسمي باسم حكومة الجنوب، مايكل مكوي، وقال فيها إن "إنتاج النفط الجنوبي انخفض من 170 ألف برميل يوميا إلى 135 ألفا"، جراء تواصل اعتصامات الخرطوم، معتبرا أن "تطورات الأوضاع في السودان حالت دون وصول المواد الكيميائية التي تستخدم في عملية الإنتاج من ميناء بورتسودان".

كما أشار مكوي إلى أن الأحداث الجارية في الخرطوم أثرت على إنتاج البترول، حيث انخفضت الكمية بهذا الشكل نتيجة عودة طواقم سودانية تعمل في حقول الإنتاج إلى الخرطوم، "حيث التحقوا بجموع السودانيين المعتصمين في القيادة العامة للقوات المسلحة"، وكشف أن وزير النفط في بلاده إيزيكيال قاتكوث، سيغادر إلى الخرطوم للنظر في تلك المشكلات، ومحاولة معالجتها في أقرب وقت ممكن.

وتعاني دولة الجنوب التي نالت حكما ذاتيا عام 2011، عقب انفصالها عن الدولة الأم (السودان)، من تبعات صراع داخلي واضطرابات أمنية، أثرت كثيرا على قطاع النفط الذي تعتمد عليه الخزينة العامة في دولة جنوب السودان بنسبة 90%، وتحديدا على عائدات النفط الذي يتم تصديره عبر الأراضي السودانية، في ظل ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي.

واستبعد وزير النفط السابق، إسحق بشير جماع، تأثر الإنتاج النفطي بالأحداث في السودان، وقال إن الأثر قد يكون على "العائد من الإنتاج" وليس على الإنتاج بحد ذاته.

جماع، الذي كان يشغل أيضا منصب وزير النفط حتى إطاحة حكومة الرئيس عمر حسن البشير، قال لـ"العربي الجديد"، إن الأحداث الجارية لا تتأثر بها الحقول، إلا في حال ترك الكوادر والمهندسين لمواقع العمل.


وزاد: "هذا ما لم يحدث"، موضحا أن معدلات الإنتاج الحالية هي ذاتها كما في السابق، بين 120 و170 ألف برميل يوميا، مؤكدا وجود عوامل أُخرى تؤدي إلى انخفاض الإنتاج، مثل الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار في مناطق الإنتاج وليس في مواقع أُخرى. 

وأكد جماع أن ظروف البلدين تجعل من استمرارية الإنتاج النفطي "حاجة ملحة" بغض النظر عن أي مؤثرات، كون البلدين يعتمدان كثيرا على النفط، وبينهما مصالح مشتركة، مشيرا إلى وجود حقول في الجنوب متوقفة أصلا بسبب الحرب السابقة، وهي أصلا لم تدخل دائرة الإنتاج، حيث كان من المقرر إدخالها إلى العمل منتصف العام الجاري. 
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت الحكومة السودانية التعاون الكامل مع جنوب السودان لإعادة تشغيل حقول النفط، تنفيذا لتوجيهات رئيسي البلدين بحكم الاتفاقية الخاصة بالتعاون المشترك والموقعة في أديس أبابا، والتي دعت إلى العمل بروح الفريق الواحد مع الشركات العاملة في جنوب السودان حتى يعود الإنتاج إلى سابق عهده لمصلحة الشعبين، وتذليل العقبات التي تعترض سير العمل في حقل هجليج والشركات الأُخرى السودانية والجنوبية التي تعمل في حقول الجنوب مع الشركاء من الصين والهند وماليزيا. 

وكان من المخطط زيادة الإنتاج الحالي بحلول يونيو/ حزيران المقبل بإضافة 70 ألف برميل يوميا من حقول "توماثاوث"، "التور"، "النار" و"منقا"، التي كانت متوقفة بسبب الحرب الأهلية في الجنوب وتعرض بعضها لأضرار وتخضع للصيانة حاليا.

المساهمون