كيف ستضرب اعتقالات الأثرياء السعوديين عقارات دبي؟

عقارات دبي أكبر متضرر..ومخاوف من طلب الرياض لحسابات سعودية بالامارات

09 نوفمبر 2017
أثرياء السعودية مالكون كبار لعمارات دبي (Getty)
+ الخط -
من المتوقع أن تكون لاعتقالات رجال الأعمال والأمراء في السعودية ضمن ما يسمى بـ "حملة مكافحة الفساد" انعكاسات خطيرة على الاستثمار وأسواق المال والعقارات في منطقة الخليج ككل وليس في السعودية وحدها. وربما تكون السوق القطرية هي الوحيدة التي ستنجو من الآثار السالبة بسبب الحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات والبحرين ومصر عليها منذ بداية مايو/أيار الماضي. وبالتالي أصبحت معزولة عن الفوضى التي تضرب أسواق منطقة الخليج منذ يوم السبت الماضي.
ويتوقع خبراء مال سعوديون ألّا تقتصر خسائر أسواق الخليج على أسواق الأسهم التي واصلت تدهورها منذ يوم الأحد في كل من دبي وأبوظبي والمنامة والكويت، ولكنها ستشكل ضربة أكبر على عقارات دبي التي تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات السعودية. ويملك العديد من الأمراء ورجال الأعمال الذين هم قيد الاعتقال تحت ما يسمى بـ"حملة مكافحة الفساد" في السعودية، أبراجا سكنية وتجارية ضخمة في دبي.
وتشيرالأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الأراضي بدبي في يونيو/حزيران الماضي إلى أن الاستثمارات السعودية في عقارات دبي بلغت حوالى 12.51 مليار درهم في فترة 18 شهراً فقط، بين بداية العام 2016 وحتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي 2017.
وحسب تقديرات غير رسمية فإن المستثمرين السعوديين ربما تكون استثماراتهم في عقارات دبي خلال السنوات العشر الماضية قد فاقت 60 مليارات درهم، وإن معظم هذه الاستثمارات من قبل كبار رجال الأعمال والشركات العقارية التي دخلت سوق دبي مبكراً، ومن بينها شركة دار الأركان والراجحي وشركات أخرى.
وحسب أرقام دائرة الأراضي بدبي، فإن السعوديين استثمروا حوالى 3.4 مليارات درهم في العام 2015 بدبي. وإضافة إلى الاستثمارات المباشرة في بناء وشراء الأبراج والمساكن الفخمة والشقق، هنالك الاستثمارات المباشرة في شركات العقارات العاملة بدبي، سواء عبر تملك حصص مساهمة أإو عبراء شراء أسهمها في السوق. وبالتالي من المتوقع أن تتلقى دبي ضربة عقارية ضخمة من تداعيات ما سمّاه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بخطة "مكافحة الفساد".
وحتى الآن ضربت الاعتقالات تدفقات السيولة المتاحة للاستثمارفي السعودية، خاصة في أعقاب تجميد أكثر من 1200 حساب مصرفي من الحسابات ذات السيولة العالية التي يملكها مليارديرات وأمراء. وهذه السيولة كانت من أهم مصادر الاستثمارات المتدفقة على عقارات دبي.
ويذكر أن مدير وحدة العقارات بشركة ديلويت للتمويل مارتن كوبر، قال في تعليقات بدبي يوم الثلاثاء "إن السيولة المتوفرة لدى السعوديين كانت القوة الدافعة للاستثمار في عقارات دبي".
وعلى الرغم من أن كوبر لم يشر إلى تداعيات الاعتقالات السعودية، إلا أن الهبوط الكبير في مؤشرات الشركات العقارية بدبي وعلى رأسها شركة داماك وإعمار وأرابتك، أكبر دليل على التأثير المباشر للأحداث المتطورة في السعودية وتداعياتهاعلى عقارات دبي. حيث هبط سهم داماك 4.7% إلى 0.475 درهم، كما هبط سهم أرابتك بنسبة 4.5% ليبلغ 2.73 درهم. وحدث هذا الهبوط رغم تحسن النتائج.
ويذكر أن عقارات دبي السكنية تعاني أصلاً من أزمة إشغال خلال العام الجاري، حيث انخفض سعر الإيجارات في العديد من أحياء دبي الراقية، مثل جميرا والمارينا والبرشا.

وتراجعت أسعار الإيجار في أحياء دبي الرئيسية في المتوسط بنسب تراوحت بين 13 و19%، عما كانت عليه في العام الماضي. كما أن هنالك العديد من الشقق والمساكن الخالية في الأحياء، وذلك حسب تقرير صدر قبل أسبوعين عن شركة إستيكو العقارية في دبي.
وفي أكبر إشارة إلى تداعيات حملة "مكافحة الفساد"على عقارات دبي، هبط مؤشر سوق دبي المالي بنهاية تعاملات أمس الأربعاء لأدنى مستوى له في أربعة أشهر، مع استمرار تعرض الأسهم العقارية لضغوط بيعية قوية في ظل تزايد مخاوف المستثمرين من عدم الاستقرار في السعودية.
وخسر المؤشر العام للسوق 1.89%، في أكبر وتيرة تراجع منذ نهاية جلسة 3 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري، حيث بلغ مستوى 3414.92 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ مطلع يوليو/تموز الماضي، ليفقد من خلالها 65.78 نقطة، متوافقاً مع أداء الجلسة الماضية.
وحاول مستثمرون وخبراء إماراتيون تبرير الهبوط، حيث قال الرئيس التنفيذي لشركة مايندكرافت للاستشارات، فادي الغطيس، "الهبوط الكبير الذي شهدته الأسواق اليوم غير مبني على معلومات دقيقة بشأن حملة الفساد التي يقودها ولي العهد بالسعودية ضد رجال أعمال لهم علاقة بالشركات المدرجة".
وأضاف فادي الغطيس أن ما حدث بجلسة أمس هو خروج كبير لمحافظ محلية في ظل الإعلان عن أسماء من الممكن أن يكون لها ترابط بتلك الحملة وهو الأمر غير المؤكد. وأكد أن خوف المستثمرين الكبير غير مبرر لأنه ليس هناك معلومات أو بيانات رسمية تؤكد هذا الترابط الذي يظل في طور التكهنات.
ونصح الخبير المالي المستثمرين بعدم الانجرار وراء الهلع البيعي الذي يسيطر على بعض المحافظ في ظل وجود استقرار بالاقتصاد المحلي وتحسن النتائج خصوصاً بالشركات الكبرى. 
وفي ذات الشأن حول عقارات دبي، قال الرئيس التنفيذي لشركة بلوبرينت القابضة مشعل الملحم في الكويت، إن سوق دبي العقارية شهدت تراجعاً على صعيد مختلف القطاعات على مدار الاثني عشر شهرا الماضية، ولم يقتصر ذلك على قطاع العقار السكني، بل شمل أيضاً قطاع المباني المكتبية والأسواق التجارية وحركة الفنادق، مبيناً أنه على الرغم من التباطؤ الواضح الذي يشهده قطاع العقارات السكنية في الطلب على المساكن، إلا أن مجموعة كبيرة من أكبر المطورين العقاريين قد أعلنوا عن طرح مشاريع سكنية عملاقة، منهم على سبيل المثال شركتا نخيل وديار، اللتان أعلنتا مشاريع بقيمة تتجاوز 330 مليون دينار كويتي. وكانت تصريحات الملحم في نهاية اكتوبر/ تشرين، أي انها قبل حملة الاعتقالات السعودية. 
وعلى صعيد أسواق المال الخليجية، يشير تقرير بوكالة بلومبيرغ الاقتصادية يوم الثلاثاء، إلى أن أسواق المال الخليجية خسرت قرابة 7 مليارات دولار خلال الـ72 ساعة التي تلت الاعتقالات السعودية، حيث انخفضت قيمتها السوقية إلى أقل مستوياتها في العام الماضي 2016.

وحسب التقرير "انخفضت القيمة السوقية للأسهم الخليجية إلى 910.7 مليارات دولار، أي أنها فقدت 6.8 مليارات دولار. وكان من المتوقع أن تنهارالبورصة السعودية، لولا التدخل الكثيف لصناديق الاستثمار والمعاشات الحكومية التي اشترت أسهم الشركات وسط الذعر الذي انتاب المستثمرين في الأسهم السعودية".
وأثارت الاعتقالات التي طاولت كبار المليارديرات في السوق السعودي وعلى رأسهم الوليد بن طلال، مخاوف المستثمرين الأجانب والخليجيين والسعوديين على السواء، حيث لا يزال السؤال المطروح بين المتداولين حول من سيكون في "قائمة الاعتقال غداً".
وبالتالي، وحسب بلومبيرغ، يتردد معظم المتعاملين في الشراء، خاصة أن سوق المال السعودية والبحرينية والإماراتية يشكل المستثمرون السعوديون كبار المتعاملين في أسهمها وتشكل الشركات السعودية جزءاً كبيراً من تداولات بعضها.
وخلال 72 ساعة خسرت البورصة الإماراتية 2.6 مليار دولار، كما خسرت البورصة في الكويت أكثر من 3 مليارات دولار. وهي من البورصات التي يوجد بها مستثمرون سعوديون من الوزن الثقيل .
وحتى الآن من غير المعروف من الذي ستشمله قائمة الاعتقالات المقبلة في السعودية ومن ستتعرض أمواله للتجميد غداً، وهذا يرفع من وتيرة القلق لدى المستثمرين، خاصة أن معظم الشركات في السعودية يملكها الأثرياء والأمراء بشكل مباشر أو غير مباشر. وكل ذلك يتفاعل وسط مراقبة مشددة لحركة الأموال من قبل البنوك السعودية التي تخضع، وحسب قول مصادر سعودية، للإشراف المباشر من قبل الديوان الملكي.
وتثار المخاوف في دبي من احتمال طلب السعودية تحويل بعض الحسابات المصرفية الخاصة بالمعتقلين بمصارف إماراتية أو طلب تحويل ملكية لبعض العقارات والبنايات السكنية والتجارية من أفراد إلى صناديق سعودية.


المساهمون