"مفاجأة" البنك الدولي للنمو العربي: اليمن 14.7% عام 2019

"مفاجأة" البنك الدولي للنمو العربي عام 2019: اليمن 14.7% ولبنان أخيراً

04 أكتوبر 2018
+ الخط -

تتزاحم علامات التعجّب والاستفهام عند الاطلاع على توقعات النمو الصادرة عن المنظمات الدولية، ربطاً بالظروف الاستثنائية القائمة في دول تشهد حروباً وصراعات عنيفة، كما هي حال اليمن الذي يتوقع البنك الدولي لاقتصاده أن يسجل نمواً إيجابياً نسبته 14.7% عام 2019.

اللافت أن هذا النمو الإيجابي المُنتظر والمرتفع جداً العام المقبل، يصدره البنك الدولي الذي تشير توقعاته ذاتها في تقرير "اقتصاد جديد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، إلى أن اقتصاد اليمن سينكمش بنسبة 2.6% عام 2018، بعدما انكمش 5.9% عام 2017 و13.6% عام 2016.

لكن البنك يربط توقعاته الإيجابية للسنة المقبلة بظروف يراهن عليها، مع أن تحققها نظرياً يبقى أمراً صعباً، فهو يشير في التقرير إلى أنه "ﻻ ﺗﺯﺍﻝ ﺑﻠﺩﺍﻥ... ﻏﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺻﺭﺍﻋﺎﺕ، ﻭﺗﺯﺍﻳﺩ ﻣﺳﺗﻭﻳﺎﺕ ﺍﻧﻌﺩﺍﻡ ﺍﻷﻣﻥ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﻳﻘﻳﻥ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﻲ"، لكن "ﻳﻣﻛﻥ ﻟﺟﻬﻭﺩ ﺍﻟﺗﻌﺎﻓﻲ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻹﻋﻣﺎﺭ ﺍﻟﻣﺗﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﺗﻧﺗﻌﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﻳﻣﻥ ﻭﻟﻳﺑﻳﺎ ﻭﺳﻭﺭﻳة ﻻﺣﻘﺎً، ﺃﻥ ﺗُﺣﺳّﻥ ﺍﻷﺩﺍء ﺍﻻﻗﺗﺻﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺑﻠﺩﺍﻥ ﺇﺫﺍ ﺗﻡ ﺗﻧﻔﻳﺫ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺿﺭﻭﺭﻳﺔ".

جيبوتي وليبيا والعراق ومصر

وتلي اليمن مباشرة في توقعات البنك لعام 2019، جيبوتي بنسبة 7.3%، ثم ليبيا 6.8%، والعراق 6.2%، ومصر 5.6%، بينما تشير توقعات عام 2018 إلى أن هذه الدول ستسجل معدلات نمو تبلغ نسبتها 6.7% و7.2% و1.9% و5.3% على التوالي.


بالنسبة إلى مصر، يفيد تقرير البنك بأنها سجلت أكبر زيادة في نسب الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي في السنوات القليلة الماضية إلى جانب عدد من دول المنطقة، وحذّر من ارتفاع مستويات الدين العام والخارجي، إذ بلغ الدين الخارجي نهاية يونيو/حزيران الماضي 92.6 مليار دولار.



وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد المصري يتعافى بعد سنوات من تراجع النمو وارتفاع الدين وتزايد عجز الموازنة والحساب الجاري، محذراً من أن "يؤدي تدهور البيئة الأمنية وتزايد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة إلى إبطاء الانتعاش في قطاع السياحة وتحويلات المغتربين والاستثمار الأجنبي المباشر، وهي مصادر مهمة لوظائف قطاع الخدمات وإيرادات النقد الأجنبي لمستوردي النفط في المنطقة".

عُمان والكويت والإمارات

ويُمكن تصنيف عُمان والكويت والإمارات في خانة متقاربة لمعدلات النمو المتوقعة لعام 2019، انطلاقاً من كونها تفوق 3% لكنها تقل عن 4%، حيث من المتوقع أن تسجل هذه الدول، تباعاً، 3.4% و3.1% و3%، فيما من المتوقع أن تسجل هذا العام 1.9% و1.5% و2% على التوالي.



في السياق، يتوقع التقرير ﺃﻥ تﺳﻬﻡ ﺇﻳﺟﺎﺑياً ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺗﻌﺎﺵ ﺍﻻﻗﺗﺻﺎﺩﻱ ﻓﻲ دول ﻣﺟﻠﺱ ﺍﻟﺗﻌﺎﻭﻥ الخليجي مجموعة عوامل، هي: ﺍﻟﺗﻭﻗﻑ ﺍﻟﻣﺯﻣﻊ ﻻﺗﻔﺎﻕ ﺧﻔﺽ ﺍﻹﻧﺗﺎﺝ الذي توصلت إليه اجتماعات "ﺃﻭﺑﻙ+" ﺑﻌﺩ ﻋﺎﻡ 2018، ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻧﻔﻁ، ﻭﺗﺣﺳّﻥ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺍﻹﻧﺗﺎﺟﻳﺔ ﻟﻠﺧﺎﻡ، ﻭﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺎت ﻭما يعتبره "ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺗﻲ ﺑﺩﺃﺕ أخيراً، ﻭﺍﻟﺭﺍﻣﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺣﻘﻳﻖ ﺍﻻﺳﺗﻘﺭﺍﺭ، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻓﺭﺽ ﺿﺭﻳﺑﺔ ﺍﻟﻘﻳﻣﺔ ﺍﻟﻣﺿﺎﻓﺔ ﺑﻧﺳﺑﺔ 5% ﺍﻟﺿﺭﻳﺑﻳﺔ ﺍﻷﺧﺭﻯ، ﻭﺧﻔﺽ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﻭﻗﻭﺩ.

المغرب وتونس وقطر والبحرين

ومن بين الدول العربية 4 بلدان يتوقع البنك الدولي أن تحقق عام 2019 نمواً بين 2.5% وأقل من 3%، وهي على التوالي، المغرب وتونس ودولة قطر والبحرين، فيتوقع أن تبلغ نسب نموها الاقتصادي 2.9% للمغرب ومثلها لتونس و2.7% لقطر و2.6% للبحرين، فيما يتوقع أن يبلغ النمو بنهاية العام الجاري (2018) 3.2% لكل من المغرب والبحرين، و2.4% لتونس و2.3% لقطر.


ويشير التقرير إلى أنه في البلدان التي تربط عملاتها بالدولار، ومنها عُمان وقطر والسعودية والإمارات، يعني رفع ﺍﻟﻔﺎﺋﺩﺓ ﺍﻷﻣيرﻛﻳﺔ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺗﻛﺎﻟﻳﻑ ﺍﻻﻗﺗﺭﺍﺽ ﻟﻠﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﻭﺍﻟﺣﻛﻭﻣﻲ ﻭﻗﻁﺎﻉ ﺍﻟﺷﺭﻛﺎﺕ.

الجزائر والأردن والسعودية                   

أما الدول التي يقل نموها المتوقع عام 2019 عن 2.5% لكنه يبقى فوق 2%، فهي الجزائر والأردن والسعودية، التي يُنتظر أن يسجل النمو فيها 2.3% لكل من الجزائر والأردن، مقابل 2.1% للسعودية، وذلك فيما تشير توقعات 2018 إلى تسجيل نمو يبلغ 2.5% و2.1% و2% على التوالي.

في السياق، يتوقع التقرير ﺃﻥ ﻳﺗﻘﻠﺹ ﺍﻟﻌﺟﺯ ﺍﻟﺿﺧﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻣﻭﺍﺯﻧﺔ ﻭﺍﻟﺣﺳﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺟﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺷﻬﺩﺗﻪ ﺩﻭﻝ ﻣﺟﻠﺱ التعاون الخليجي، ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻧﻬﻳﺎﺭ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻧﻔﻁ عام 2014، تقلصاً ملحوظاً عام 2020.



ويضيف أنه ﻋﻠﻰ ﺭﻏﻡ تنفيذ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺎﺕ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﻓﻲ ﻋﺩﺓ ﻣﺟﺎﻻﺕ، ﺑﻳﻧﻬﺎ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﻣﺎﻟﻲ ﻭﺍﻹﻳﺭﺍﺩﺍﺕ ﻏﻳﺭ ﺍﻟﻧﻔﻁﻳﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻡ ﺗﻧﻬﺽ ﺑﺗﻐﻳﻳﺭﺍﺕ ﺟﻭﻫﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﺟﻭﺭ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ. 

ﻭﻣﻥ ﺍﻟﻣﺭﺟﺢ، بحسب التقرير، ﺃﻥ ﻳﻅﻝ ﺍﻟﺩﻳﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺭﺗﻔﻌﺎً، ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻟﻧﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺟﺎﺭﻳﺔ، ﻻ ﺳﻳﻣﺎ ﺗﻠﻙ ﺍﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺟﻭﺭ ﻭﺍﻟﻣﺯﺍﻳﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺁﺧﺫﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﻳﺎﺩﺓ".

ويلفت إلى أنه ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻣﺎﺿﻲ، ﻋﻛﺳﺕ ﺍﻟﺳﻌﻭﺩﻳﺔ ﻣﺳﺎﺭ ﺗﺧﻔﻳﺽ ﺭﻭﺍﺗﺏ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺃﻋﺎﺩﺕ ﻣﻧﺢ ﺍﻟﻌﻼﻭﺍﺕ ﻟﻣﻭﻅﻔﻲ ﺍﻟﺧﺩﻣﺔ ﺍﻟﻣﺩﻧﻳﺔ ﻭﺍﻟﺑﺩﻻﺕ ﻷﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﺟﻳﺵ.

ﻭيحذر التقرير من أن ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻧﻔﻁ ﻭﺍﻟﺗﺣﺳﻳﻧﺎﺕ ﺍﻟﻣﺭﺗﺑﻁﺔ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﺟﺯ ﺍﻟﻣﻭﺍﺯﻧﺔ ﻭﻋﺟﺯ ﺍﻟﺣﺳﺎﺏ ﺍﻟﺟﺎﺭﻱ، ﻳﻣﻛﻥ ﺃﻥ تﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺍﻹﻗﺑﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺍﻟﺻﻌﺑﺔ، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﺎﺋﺽ ﺍﻟﻌﻣﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻓﻭﺍﺗﻳﺭ ﺍﻷﺟﻭﺭ ﻭﺇﻏﺭﺍء ﺻﺎﻧﻌﻲ ﺍﻟﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺳﻳﺎﺳﺎﺕ ﻣﻭﺍﺗﻳﺔ ﻟﻠﺗﻘﻠﺑﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﺭﻳﺔ.


ويلاحظ البنك الدولي في تقريره أﻥ ﻓﺭﺽ الدفعة الثانية على ﺍﻟﻌﻘﻭﺑﺎﺕ ﺍﻷميرﻛﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺭﺍﻥ ﻓﻲ 4 ﻧﻭﻓﻣﺑﺭ/ﺗﺷﺭﻳﻥ ﺍﻟﺛﺎﻧﻲ المقبل، ﻗﺩ يخفض ﺻﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻧﻔﻁ ﺍﻹﻳﺭﺍﻧﻳﺔ ﺑﻣﺋﺎﺕ آلاف ﺍﻟﺑﺭﺍﻣﻳﻝ ﻳﻭﻣﻳﺎً، ويعتبر أنه "ﻣﺎ ﻟﻡ ﻳﻘﺗﺭﻥ ﺍﻧﺧﻔﺎﺽ ﺍﻹﻧﺗﺎﺝ ﺑﺯﻳﺎﺩﺗﻪ ﻣﻥ ﺑﻠﺩ ﺁﺧﺭ ﻣﺻﺩﺭ ﻟﻠﻧﻔﻁ، وخصوصاً ﺍﻟﺳﻌﻭﺩﻳﺔ، فإن سوق النفط ﺳﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻥ ﻧﻘﺹ ﺍﻟﻣﻌﺭﻭﺽ، ﺍﻷﻣﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻳﺿﻊ ﺿﻐﻭﻁﺎً ﺗﺻﺎﻋﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ" في الأسواق العالمية.

فلسطين ولبنان وسورية

وفي ذيل قائمة توقعات البنك الدولي لعام 2019، تقبع فلسطين ولبنان، حيث يتوقع لاقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة أن ينمو بنسبة 1.9% صعوداً من 1.7% عام 2018، مقابل 1.3% نمواً لاقتصاد لبنان العام المقبل، صعوداً من 1% خلال عام 2018.


في الشأن اللبناني، يعتبر التقرير أن ﺍﻟﺗﺄﺧﻳﺭ ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻳﻝ ﺍﻟﺣﻛﻭﻣﺔ ﻭﺗﺭﺍﺟﻊ ﻧﺷﺎﻁ ﺍﻟﺑﻧﺎء ﺑﺳﺑﺏ ﺍﻧﺧﻔﺎﺽ ﺍﻹﻗﺭﺍﺽ ﺍﻟﻣﺻﺭﻓﻲ، ﻳﻌﻭﻗﺎﻥ ﺍﻟﻧﻣﻭ ﻋﻥ ﺗﺣﻘﻳﻖ ﺇﻣﻛﺎﻧﺎﺗﻪ.

أما بالنسبة إلى سورية، فلم يصدر البنك توقعات النمو هذا العام ولا تقديرات عام 2017، وكانت آخر مرة توقع فيها نمواً سنة 2016 بنسبة 1.7%.

المساهمون