الحرب تكبّد الناتج المحلي اليمني 50 مليار دولار

الحرب تكبّد الناتج المحلي اليمني 50 مليار دولار

عدن

فاروق الكمالي

avata
فاروق الكمالي
01 اغسطس 2018
+ الخط -
قدّر تقرير حكومي يمني حديث، اطلعت عليه "العربي الجديد"، خسائر الناتج المحلي اليمني بنحو 50 مليار دولار حتى نهاية العام الجاري 2018، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد بين قوات الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف تقوده السعودية من جهة، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) من جهة أخرى منذ نحو 3 سنوات.
وتوقّعت وزارة التخطيط اليمنية في تقرير أصدرته، أخيراً، بالتعاون مع المكتب القُطري لمنظّمة "يونيسيف"، أن تتواصل خسائر الاقتصاد بسبب الحرب، ما لم يتحقّق السلام العاجل والمستدام، ويتم تحييد الاقتصاد عن الصراع.

وبيّن التقرير، أن الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مرشحة للتزايد إلى 49.9 مليار دولار (من دون الخسائر المادية) بحلول نهاية عام 2018، في حين أكد مراقبون أن الخسائر أكبر بكثير من الأرقام الرسمية المعلنة.
وأضاف التقرير: "بعد 3 سنوات من الصراع، تراوحت الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي بين 6 و15 % في المنطقة مقارنةً بما بين 4 و9 % في العالم، بينما قدّرت في اليمن بنحو 47.1 % عامي 2015 و2017".
وبالإضافة إلى الحرب عزا التقرير ارتفاع الخسائر الاقتصادية في اليمن، إلى تعثّر إنتاج وتصدير النفط والغاز، اللذين يمثّلان شريان الحياة للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى إغلاق بعض المنافذ الجوية والبرية وتقييد حركة التجارة الخارجية من قبل التحالف.

وبحسب تقرير وزارة التخطيط، تدهورت المالية العامة تدريجياً متأثرة بتداعيات الحرب، ووصلت إلى مرحلة الانهيار التام منذ نهاية عام 2016، وتمثل أكبر التداعيات في تراجع الإيرادات العامة بحوالي 60.6 % عام 2016 مقارنة بعام 2014 متأثرةً بعدد من العوامل، أهمها تعثر إيرادات النفط والغاز – التي كانت أكبر موارد الموازنة العامة – وتعليق دعم المانحين للموازنة العامة، وتدهور الإيرادات الضريبية.
وشهدت الموازنة العامة أزمة سيولة خانقة، وزاد من شدّتها عدم وجود موازنة عامة موحّدة وشفّافة لليمن كما جرت العادة، وفقدت السيطرة على أدوات السياسة المالية.

وأشار التقرير إلى انقسام مؤسسات الدولة وغياب الكهرباء كلياً من الشبكة العامة عن مناطق واسعة في البلاد، وظهور أزمة السيولة الحادة في الخزانة العامة والنظام المصرفي، التي تفاقمت منذ أواخر عام 2016، تاركةً معظم موظفي الدولة والمتقاعدين من دون مرتبات، وسط تعثر برامج الخدمات العامة، وتعطل كثير من الأنشطة الاقتصادية.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، يوسف سعيد، أن الحرب تركت تداعيات خطيرة على الاقتصاد اليمني، وأنه من الصعب أن يستعيد عافيته سريعاً حتى في حال تحقق السلام، رغم أن كل المؤشرات تدل على استمرار الحرب بلا أفق.

وقال سعيد لـ"العربي الجديد": "الأوضاع الصعبة، التي نتجت من الحرب، انعكست تآكلاً في دخول السكان وتدهوراً مخيفاً في القدرة الشرائية، واختلالات في الاقتصاد الكلي، وفي انقسام النظام المالي والبنك المركزي بين عدن وصنعاء، ويصبح الوضع سيئاً للغاية مع حجم الاختلالات الاقتصادية، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي، إلى أكثر من 50 %، بحسب التقارير الدولية الأخيرة".
واعتبر سعيد أن الإجراءات، التي يفرضها التحالف، بإعاقة وصول السلع المستوردة وانسيابها من المنبع إلى الموانئ اليمنية، واحدة من الصعوبات التي تواجه اقتصاد اليمن في ظل الحرب، موضحاً أن هذه العوائق دفعت أسعار السلع إلى الارتفاع بشكل قياسي.
وضاعف الوضع الاقتصادي المتدهور معاناة اليمنيين، وينذر استمرار القتال في اليمن بتفاقم المعاناة الإنسانية وارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي ويهدد بظهور مجاعة في مناطق الساحل الغربي في اليمن حيث يعيش نحو مليوني مواطن من أفقر فقراء البلاد.
وتركت الحرب المستمرة، إلى جانب عدم استقرار الأوضاع السياسية الممتد، والأزمة الاقتصادية الناشئة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وارتفاع معدلات البطالة، أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقارير رسمية.

ويستورد اليمن نحو 90% من الغذاء، وتأثرت عملية استيراد ونقل وتوزيع المواد الغذائية بسبب الصراع والحرب الدائرة، ويواجه البلد تحديات ومعضلات اقتصادية واجتماعية وسياسية متعددة أبرزها الفقر وانعدام الأمن الغذائي والبطالة وعجز موارد الطاقة والمياه وتدهور البيئة الاستثمارية.
وكان البنك الدولي، توقع أن الاقتصاد اليمني سيبقى في حالة ركود خلال عامي 2017 و2018، حيث إن الصراع المتزايد يمنع أنشطة إعادة الإعمار، موضحاً أن عدم الاستقرار المستمر، حتى بعد اتفاق السلام، سيؤدي إلى تأخير التنويع الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه في البلد لسنوات عديدة قادمة.

وقال البنك في تقريره عن "الآفاق الاقتصادية لليمن 2018": "من المستحيل تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في ظل الظروف الحالية لتجزؤ السيطرة على المؤسسات الاقتصادية الرئيسية بين الحكومة المعترف بها في عدن والسلطة الفعلية في العاصمة صنعاء".


دلالات

ذات صلة

الصورة
Russia and Ukraine

اقتصاد

توقع تحليل أجرته "وحدة المعلومات الاقتصادية" EIU (إيكونوميست) أن يؤدي ما أفضت إليه الحرب الأوكرانية من ارتفاع أسعار النفط والعقوبات ضد روسيا إلى ضربة مالية كبيرة للاقتصاد العالمي، بحيث يتكبد ما لا يقل عن 400 مليار دولار هذا العام، وفقا لرأي خبراء.
الصورة
قرصنة

اقتصاد

باتت القرصنة الإلكترونية خطراً يهدد اقتصادات العالم، والتي تتنوّع أشكالها بدءاً من اختراق البريد الشخصي أو القرصنة المصرفية لحسابات مالية، وصولاً للتجسس الاقتصادي للحصول على أسرار علمية أو خطط شركات وأنظمة لتطوير منتجاتها.
الصورة
مصارف دبي الأكثر عرضة لمخاطر الأصول بسبب إفلاس شركات العقار

اقتصاد

توقعت وكالة التصنيف الأميركية تواصل تدهور نوعية الأصول لدى مصارف الخليج وتراجع الربحية وارتفاع الخسائر خلال الـ18 شهراً المقبلة. وبنت الوكالة توقعاتها على أساس تمكن العالم من اكتشاف عقار ناجع لجائحة كورونا بحلول منتصف العام المقبل
الصورة
بروكلين/نيويورك/فيروس كورونا-Getty

اقتصاد

قال وزير الخزانة الأميركي السابق لورانس سمارز والخبير الاقتصادي بجامعة هارفارد ديفيد كاتلر إن جائحة كوفيد-19 ستكلف الولايات المتحدة 16 تريليون دولار، أو ما يقرب من 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.

المساهمون