جواد ظريف

تسبب التنافس الإيراني السعودي المستمر منذ أربعة عقود بدمار كبير لشعوب المنطقة ومجتمعاتها، وأعادها عقودا كثيرة إلى الوراء، وما لم يجد البلدان طريقة لوقفه، فسوف يأتي عليهما أيضا، فالسياسة التي يتبعها الطرفان هي حرفيا وصفة انتحار تسير بهما نحو الهاوية

ما قيل في ميونيخ، عن رسالة سعودية إلى طهران، تراوغ الرياض في نفيها، وعن تعليق الرياض محادثات مع قطر، كله يؤدي إلى خلاصة مرتجلة، وعابرة، موجزها أن التوهان السعودي في غير مسألة ومسألة ما زال على حاله.

كانت كلمة انتقام، وليس أي مفردةٍ أخرى، بمثابة محور الارتكاز التي استند إليها الخطاب الإعلامي/ السياسي الإيراني التعبوي، حتى أن طهران نقشت على رايتها شعار "انتقام سحت"، وهما مفردتان لهما المعنى ذاته في قاموس اللغة العربية.

تؤكد التصريحات القادمة من المحور الإيراني أن محاربة الوجود الأميركي في المنطقة قد بدأت، أي أن محاربة الوجود الأميركي لن تكون بأدوات إيرانية مباشرة، وإنما عبر "المقاومة" المحلية في العراق، وإن لم يذكر اسم العراق مباشرة.

ليس قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ليس إلا صورة يجري تركيز الأضواء عليها بشكل مقصود، لإخفاء الدور الأهم للثلاثي الحاكم في طهران، حسين طايب، رئيس استخبارات الحرس، ونجل المرشد، مجتبى خامنئي، وإبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية.

يعمل الرئيس الفرنسي، ماكرون، على تقريب الكرسيين، الإيراني والأميركي، في خطوة أولى في تقاربٍ سيسير في طريق طويل، قد لا ينتهي إلا بحلول الانتخابات، وعندها قد تشعر أوروبا بالارتياح بتعامل قانوني مع إيران، من دون الوصول إلى خط النهاية.

قد نسمع قريباً عن لقاءات بين أميركا وإيران، على غرار ما حصل في الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، ولكن هذه المرّة إذا ما حصل، فإن إيران ستخرج وقد خسرت كثيراً من نفوذها الخارجي الذي أنفقت لأجله مليارات الدولارات.