أبرز العقبات والسيناريوهات المطروحة للحلّ الليبي في لقاءات بوزنيقة

أبرز العقبات والسيناريوهات المطروحة لحلّ الأزمة الليبية في لقاءات بوزنيقة المغربية

03 أكتوبر 2020
عاد ممثلو مجلسي النواب والدولة إلى استئناف لقاءاتهما في بوزنيقة (فاضل سنّة/فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال مسارات الحل الليبي متعثرة في ظل اختلاف مصالح أطراف محلية ليبية وإقليمية، وسط استقطاب دولي حادّ في الملف الليبي، تصرّ فيه واشنطن على إنتاج تسوية موقتة.

وعاد ممثلو مجلسي النواب والدولة إلى استئناف لقاءاتهما في بوزنيقة المغربية، بعد تأجيل دام لقرابة الأسبوع بسبب رفض الأمم المتحدة القفز على مراحل المشاورات، ومحاولة تمرير أسماء لشغل بعض المناصب السيادية الحساسة كالبنك المركزي، بحسب مصادر ليبية متعددة لـ"العربي الجديد".

وتطابقت معلومات مصادر ليبية، مقربة من مجلسي الدولة والنواب، على أن تأجيل استئناف اللقاء جاء على خلفية رفض الأمم المتحدة سعي ممثلي الطرفين للتوافق على شاغلي منصبي البنك المركزي والبنك الليبي الخارجي، وإصرارها على ضرورة توقف مسار بوزنيقة عند حدّ توافق الطرفين على وضع آليات وشروط شاغلي المناصب السيادية، وفق توزيع جغرافي، من دون ترشيح أسماء لشاغلي هذه المناصب.

وكشفت المصادر التي فضلت عدم نشر هويتها، عن أوضاع قد تهدّد بنسف مسارات المغرب وسويسرا، أنتجها إصرار أممي، بضوء أخضر أميركي وأوروبي، على ضرورة انسحاب الوجوه السياسية والوظيفية الموجودة من المشهد، واشتراطها عدم تولي كل المشاركين في المشاورات الحالية أي منصب في المشهد السياسي والحكومي المقبل، مشيرة إلى وجود محاولات التفاف حول مسار بوزنيقة.

وبحسب معلومات المصادر، فإن أطرافاً تسعى لإقناع النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، بالالتحاق بمجلس نواب طبرق لامتلاكه صلاحيات دستورية وقانونية للدعوة لانعقاد جلسة برلمانية، وسط وجود عدد كاف لعقد جلسة مكتملة النصاب في طرابلس، مشيرة إلى أن اتفاق بوزنيقة يستوجب تصديقاً من قبل مجلسي النواب والدولة، والتئامهما في طرابلس يعني سبيلاً للضغط على الأمم المتحدة من أجل القبول بتمرير صفقات سياسية لصالح طرف طرابلس.

ومقابل هذا الالتفاف، قالت ذات المصادر إن معسكر شرق البلاد لا يزال مصراً على ضرورة تعيين شغل منصب محافظ البنك المركزي والبنك الليبي الخارجي، وتمرير أسماء موالية له لشغل هذه المناصب، شرطاً للقبول بأي توافق حول آليات شاغلي المناصب الأخرى، في وقت كشف فيه دبلوماسي ليبي رفيع عن سيناريو إرسال قوات أممية لمدينتي سرت والجفرة، مشيراً إلى أنه مقترح أميركي جديد قد تمرره واشنطن من خلال مجلس الأمن، في خطوة لتقويض وتحجيم الوجود الروسي في ليبيا.

ويضيف الدبلوماسي الليبي متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن ضغوطاً أميركية في كل اتجاه في عدة عواصم، تدفع باتجاه تقليل التأثير الروسي على شكل التسوية الليبية الموقتة التي تسعى لإحلالها عن طريق الأمم المتحدة، من بينها إمكانية وجود عسكري في قاعدة الوطية، أقصى غرب البلاد، التي تشغلها حالياً قوات تركية، في تصعيد أميركي روسي جديد، لا يرجح الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق أن يرقى في ليبيا لدرجة الصدام المباشر.

ولفت البرق في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى حديث وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو حول استعداد واشنطن لاستخدام ترسانتها الدبلوماسية في الملف الليبي، مؤكداً أن استخدام هذا المصطلح يعني انخراطاً أميركياً أكثر كثافة في الملف الليبي، وإصراراً من واشنطن على انتزاع الملف الليبي من أي تأثير روسي.

وكانت السفارة الأميركية في ليبيا نشرت، خلال تغريدة على حسابها أمس الجمعة، أن بومبيو وعد باستخدام جميع الأدوات المتاحة في ترسانة الدبلوماسية الأميركية، لتهيئة الظروف لاستقرار ليبيا، فيما قالت إن سفيرها ريتشارد نورلاند، أجرى مشاورات في باريس حول الملف الليبي.

وأشارت الى أن "نورلاند، أجرى في هذا الصدد محادثات مثمرة اليوم مع الإليزيه"، مضيفة أن "زيارته إلى باريس ستتبعها مشاورات في عواصم أخرى". وأكدت أن "كل ذلك لدعم الجهود الليبية لكتابة مستقبلهم من خلال العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة".

2/2 في هذا الصدد، أجرى السفير نورلاند محادثات مثمرة اليوم مع الإليزيه و الكي دورسيه. وستتبع زيارته إلى #باريس مشاورات في عواصم أخرى - كل ذلك لدعم الجهود الليبية لكتابة مستقبلهم من خلال العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة. #ليبيا pic.twitter.com/ReaPHszVCW

— U.S. Embassy - Libya (@USAEmbassyLibya) October 2, 2020

ويرجح البرق تراجع تركيا في ليبيا، خصوصاً على مستوى الاتفاقات الموقعة مع حكومة "الوفاق" بعد خفض التوتر في شرق المتوسط الذي ارتبطت فيه طرابلس باتفاق بحري مع تركيا، وبسبب انشغال أنقره بملفات أخرى، لكنه لا يرى انسحاباً تركياً كلياً من ليبيا، بل إعادة رسم توازنات، منها وجود أميركي عسكري في مواجهة وجود روسي لن يتعدى حدّ الضغط.

لكن الصحافية الليبية نجاح الترهوني ترى أن الخطورة تواجه مسارات الحلّ الليبية الأخرى، بعد رفض الأمم المتحدة بقاء المشاركين في اللقاءات في أي مشهد مقبل، مشيرة إلى أن عدم التفات الأطراف الدولية، ومنها واشنطن، لخطورة العراقيل التي قد يضعها المتنفذون المحليون قد يشلّ فعالية المساعي الحالية.

وتابعت بالقول في حديثها لـ"العربي الجديد"، إن "إنهاء وجود الوجوه الحالية يعني انتزاع المشهد من الأطراف الاقليمية التي طالما راهنت على بعض الشخصيات، وبالتالي يجب عليها البحث عن غيرهم للإبقاء على توازنها ومصالحها، ولذا فالأمر معقد".

ولم تعلن البعثة الأممية عن موقفها الرسمي من نتائج اللقاءات الجارية في المغرب، غير أنها عبّرت عن ترجيبها بلقاءات أخرى جرت في سويسرا والغردقة المصرية، كما أنها لم تعلن شكل المنتدى السياسي المرتقب عقده في أكتوبر/تشرين الأول الجاري وشكل الممثلين الليبيين فيه.

وترجح الترهوني أن البعثة لا تزال تعوّل على نتائج اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 لتثبيت نهائي لوقف إطلاق النار وإبعاد الطرفين المسلحين عن مناطق التماس في سرت والجفرة، للتقليل من تأثير قواهما المسلحة على أي نتائج قد تفرضها الأمم المتحدة بشرعية دولية تدعمها واشنطن بقوة.

وترى الترهوني أن توقيت خروج التسريبات التي تتحدث عن رغبة دولية وأممية في إقصاء كل المتنفذين الليبيين في المشهد، يعني قرب وصول الملف الليبي إلى مرحلة تكون فيها الكلمة الدولية هي الفصل، لكنها في ذات الوقت لا تقلّل من خطر عبث شخصيات نافذة كاللواء المتقاعد خليفة حفتر أو الموجودين بطرابلس بنتائج المسارات الحالية، قائلة: "لقد تمرس هؤلاء بما فيه الكفاية بطرق العرقلة والالتفاف التي جمّدت اتفاق الصخيرات لخمس سنوات متصلة".