شبح الطرد من السكن في بلاد العم سام

شبح الطرد من السكن في بلاد العم سام

06 يونيو 2021
اتساع رقعة الفقر في الولايات المتحدة (Getty)
+ الخط -

عندما تتجول في شوارع الولايات المتحدة وتحيط بك ناطحات السحاب والبنايات الفخمة من كل جانب، تحسد ملايين الأميركيين على حالة الرفاه ورغد العيش التي ينعمون بها، وتتخيل أن معظم قاطني هذه المباني الفارهة هم من طبقة الأثرياء وميسوري الحال.

لكن بعد ذلك تكتشف أن خلف تلك الحوائط ملايين الفقراء والمشردين المحتملين والمتعثرين الذين تلاحقهم البنوك والمؤسسات المالية، كما يلاحقهم ملاك العقارات والمحال التجارية والمطاعم.
وهذه الأيام يضع ملايين الأميركيين أيديهم على قلوبهم خوفاً من قيام أصحاب ومالكي المباني السكنية والعقارات بطردهم إلى الشوارع بسبب عجزهم عن سداد الإيجارات المستحقة عليهم والمتراكمة منذ شهور طويلة، وتحديداً منذ بدء تفشي فيروس كورونا والتي أعقبها تعثر الملايين، الذين فقدوا وظائفهم خلال الأزمة، عن دفع فواتير الإيجار والمرافق العامة من مياه وكهرباء وغاز وتدفئة.

وكذلك التعثر عن سداد مستحقات البنوك وأقساط الرهن العقاري والتأمين والسيارات وبطاقات الائتمان، إضافة إلى نفاد الأموال التي كانوا يخصصونها لشراء الاحتياجات الأساسية من غذاء وغيره. 

يتخوف أكثر من 11 مليون أميركي من فقدان مساكنهم مع استمرار الظروف التي دفعتهم نحو العجز في سداد قيمة إيجارات المنازل التي يقطنونها

ومع قرب نهاية فترة السماح الممنوحة لهؤلاء المستأجرين من قبل السلطات المسؤولة لسداد المديونيات المتأخرة المستحقة عليهم، يتخوف أكثر من 11 مليون أميركي من فقدان مساكنهم مع استمرار الظروف التي دفعتهم نحو العجز في سداد قيمة إيجارات المنازل التي يقطنونها.

وأبرز هذه الظروف تراجع أداء الاقتصاد الاميركي، وتداعيات وباء كورونا الخطيرة والتي تسببت في تهاوي الدخول والأجور والإيرادات، وزيادة معدل البطالة لمستويات قياسية، مع اختفاء فرص العمل المتاحة، وفرض قيود مكافحة الوباء وحظر التجول وإغلاق المصانع والشركات والمحال التجارية والمطاعم وغيرها.

موقف
التحديثات الحية

وعلى الرغم من إقرار تشريعات الإغاثة الفيدرالية ومساعدات الإيجارات الطارئة لمعالجة أزمة إيجارات المنازل والتي تقدر بنحو 45 مليار دولار ومدفوعات البطالة الإضافية، إلا أنها لم تمكن ملايين الأميركيين من سداد الإيجارات بشكل منتظم، بل وتوقف الملايين عن السداد من الأصل.

ومع تهديد ملاك العقارات بطرد المستأجرين المتعثرين وتأزم الوضع الاقتصادي والمالي للولايات المتحدة، سارعت السلطات المسؤولة، ومنها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية، في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بإقرار تشريع يحظر على أصحاب العقارات طرد أي ساكن متعثر من منزله وذلك حتى نهاية شهر يونيو/ حزيران الجاري.
إلا أن تلك السلطات لم تسدد قيمة تلك الإيجارات نيابة عن المستأجرين المتعثرين، وهو ما يعني ترحيل المشكلة وعدم حلها بشكل جذري، إذ إنّ حظر الإخلاء لا يعفي من دفع الإيجار.

والمستأجر لا يزال مطالباً بسداد كل المتأخرات نهاية هذا الشهر، وإلا فسيتم طرده مع قرب انتهاء الحظر على الإخلاء إذا لم يتمكن من السداد خلال أيام.
والنتيجة زيادة حالات التشرد التي بات يعاني منها ملايين الأميركيين حيث تزدحم الشوارع والميادين بالأسر المشردة التي تقطن أسفل الفنادق والمولات التجارية والبنوك وشركات التأمين وفي المنتزهات والحدائق العامة.

ليست أزمة التشرد هي وحدها التي ستعاني منها الأسر الأميركية خلال الفترة المقبلة، فهناك أزمة أخرى متعلقة بقطاع السكن أيضاً، تترجمها توقعات زيادة أسعار المساكن والإيجارات بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تسارع معدل النمو الاقتصادي بالولايات المتحدة، وزيادة معدل تضخم الأسعار، ورفع سعر الفائدة على الدولار.

والنتيجة تعمق الفوارق الاجتماعية والطبقية داخل المجتمع الأميركي، وتعمق أزمات الفقر والتشرد والتفرقة، فالأثرياء يزدادون غنىً ويحصدون المزيد من المليارات والثروات على الرغم من الظروف الصعبة التي خلقتها كورونا.

والفقراء يزدادون فقراً وتشرّداً وتعاسة في بلد يتفاخر بأنه الدولة الرأسمالية الأولى في العالم، والكبرى في جذب الاستثمارات الخارجية، ومحور اهتمام المستثمرين والأغنياء حول العالم.

المساهمون