يأتي هذا بعد يومٍ، قُتل فيه أكثر من 12 عنصراً من حزب الله، عقب هجوم شنه مقاتلو "جيش فتح -القلمون" على نقطتين للحزب، بين منطقة رأس المعرة السورية وعرسال اللبنانية.
وإذا ما صحت هذه الأنباء، فإن استراتيجية "حرب الاستنزاف" لعناصر حزب الله في القلمون، والتي أعلن عنها جيش الفتح تشق طريق النجاح يوماً بعد يوم.
اقرأ أيضا: "جيش الفتح" يتوعّد بهزيمة النظام السوري في الساحلونقلت الشبكة عن مصادرها، أن المقاتلين قضوا خلال اشتباكات استمرت لساعات، بعد هجوم شنه مقاتلو الحزب، وكان يهدف، على ما يبدو، للتقدم إلى مناطق تخضع لسيطرة المعارضة السورية في القلمون الغربي.
إلى ذلك، أكد المكتب الإعلامي في جرود القلمون لـ"العربي الجديد" أن ما "تدعيه بعض وسائل الإعلام المؤيدة لحزب الله" حول تحقيق تقدم جديد في جرود عرسال "عار عن الصحة تماماً"، قائلاً إن الحزب اللبناني "يبحث عن انتصارات إعلامية فقط، بعد مقتل 15 من مقاتليه في القلمون أمس".
ونشر حساب "مراسل القلمون" التابع لجبهة النصرة على موقع "تويتر" مساء أمس، صورتين لجثتين بلباس عسكري، قال إنهما تعودان لعناصر من "المقاومة والممانعة"، إذ تم سحبهم بعد مقتلهم في الهجوم على موقعين لهم فجر الثلاثاء.
وكان نفس الحساب قد نشر قبل ذلك صوراً تحمل شعار "جيش الفتح-القلمون"، ويظهر فيها عدد من الرشاشات المتوسطة وذخيرتها، وأجهزة رصد وكاميرات، إلى جانب شعارات حزبية ودينية خاصة بعناصر "حزب الله"، وقال إنها "غنائم المجاهدين" من الهجوم الأخير.
وتأتي هذه التطورات، في وقت يواصل حزب الله محاولاته منذ أسابيع، للتقدم باتجاه نقاط جديدة بالقلمون الغربي، بينما نفذت قوات المعارضة، عدة هجمات سريعة، معتمدة أسلوب حرب الاستنزاف، وسط معلومات متقاطعة عن مقتل العشرات من عناصر الحزب خلال الشهر الماضي.اقرأ أيضاً: لبنان: "النصرة" تتبنى هجومين على مواقع حدودية لحزب الله
ضجة إعلامية صاحبت الإعلان عن مشروع عبد الفتاح السيسي، حفر تفريعة جزئية جديدة لقناة السويس، وتم تضخيم الموضوع، فوصف بأنه قناة سويس "جديدة". بينما قوبل المشروع بانتقادات حادة من جماعة الإخوان المسلمين، وصلت إلى حد اتهام السيسي بسرقة مشروع تنمية القناة، الخاص بمحمد مرسي. هذا البون الشاسع بين المؤيدين والمعارضين، مرده الأساس غياب الشفافية واختلاط الأمر بشأن طبيعة المشروع الراهن وأبعاده. ما سمح بشن حملات متناقضة بين التأييد والرفض، وكلاهما على غير أساس وبغير علم. فصار مؤيدون يدافعون عن مشروع تنمية القناة، أو حفر قناة جديدة، بينما هو ليس هذا ولا ذاك. وفي المقابل، يهاجمه المعارضون باعتباره استنساخاً لمشروع سابق لم ير النور، وهو، أيضاً، ليس كذلك.يدرك المدقق فيما أعلن من المشروع، سريعاً، كونه مجرد تفريعة جديدة للقناة، وتعميق بعض المناطق في المجرى الحالي والتفريعات القديمة. وهذا بذاته جيد ومفيد ولا غبار عليه، لكن هذه حدوده لا أكثر. وبالفعل، مطلوب في هذه المرحلة زيادة عائدات القناة، ورفع قدرتها الاستيعابية للملاحة، على الرغم من أن متخصصين يشككون في هذا، على اعتبار أن زيادة عدد السفن المارة يخضع، أساساً، لعوامل مرتبطة بحركة التجارة العالمية، ورواج السوق العالمي أو كساده، أما القدرة أو الكفاءة الملاحية للممرات المائية فهي متغير ثانوي. لكن، السؤال الرئيس الذي يجب استقصاء الإجابة عنه، هل هذا هو المشروع القومي لتنمية مصر واستنهاض اقتصادها؟ وتستوجب الإجابة التعرف على مشكلات الاقتصاد المصري، وأوجه الخلل والنقص فيه، وبالتالي، متطلباته التنموية.ما يعلمه القاصي والداني أن مصر في حاجة ماسة إلى استثمارات صناعية وزراعية، تتيح فرص عمل، وتُحدّث قطاع الصناعة، وتقلل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، خصوصاً في مجال الطاقة والغذاء. أما زيادة عائدات قناة السويس فسيساعد على التقليل من العجز المالي في الموازنة العامة للدولة، بما ينعكس بالضرورة على تمويل الإنفاق الحكومي، على الخدمات والأجور وغيرهما. لكن، هذه الحزمة برمتها تظل مجرد حلقة "مالية"، ضمن سلسلة إجراءات وسياسات مطلوبة للبدء في طريق التنمية الشاملة. خصوصاً أن كل ما سيتحصل من زيادة في العائدات هو، في النهاية، سيولة نقدية، ستبتلعها النفقات الضخمة، ولن يتبقى منها ما يسهم في الارتقاء بالاقتصاد، أو حتى بالإنسان المصري، تعليماً أو صحة أو بنية أساسية. فضلاً عن ذلك كله، استمرار عوائد القناة واستقرارها مرهون دائماً بالأحوال السياسية والأمنية في المنطقة، وليس فقط في مصر، وغيرها من اعتبارات تجعل الإيرادات عرضة للتذبذب، صعوداً وهبوطاً.إن وصف "مشروع قومي" أوسع بكثير من استدرار عوائد نقدية في مقابل خدمة. فالمشروع القومي يعني نقلة نوعية وكمية في الدولة، مجتمعاً وحُكماً. وهو يفترض منظومة متكاملة من المسارات الفرعية، تصب جميعاً في إطار واحد، وتحقق مصلحة عليا، وطفرة شاملة، تنعكس على حياة المجتمع، وأداء مؤسسات الدولة. حتى، وإن كان ذلك تدريجياً، لكنه يظل شاملاً. هكذا مشروعات ضخمة ونوعية، لا تُقرر أو تفرض بقرارات فوقية، في غياب برلمان، أو أي سلطة رقابية. وإنما تخضع لدراسات ومفاضلات ومراجعات مطولة بين المتخصصين، ثم على المستوى العام. حتى إذا ما توافق عليها الشعب، يصبح الالتزام بها واجباً وطنياً. وتصير الرقابة عليها ومتابعة تنفيذها مسؤولية شعبية ورسمية. أما أن تشق تفريعة جديدة لقناة السويس (مهما طالت كيلومتراتها) فهذا تطوير وتحديث لمشروعٍ هو تجاري خدمي بطبيعته. وما لم يتم التعامل معه في تلك الحدود، وبقي الإصرار على تضخيمه وتمجيده بغير أساس، سيلحق بمشروعات سابقة، مثل توشكى، وترعة السلام، والنوبارية، والصالحية، والثورة الخضراء، فكلها حملت أيضاً لقب "قومية" ونالت الدعاية نفسها، ثم فشلت.