البنوك المنهارة وأزمة ثقة المودعين

البنوك المنهارة وأزمة ثقة المودعين

14 مارس 2023
قدمت السلطات ضمانات لكل الودائع في القطاع المصرفي بغض النظر عن قيمتها (فرانس برس)
+ الخط -

أزمة بدأت تتسع رقعتها حول العالم، مع الإعلان عن إفلاس عدد من البنوك الأميركية، أزمة يمكن أن تعصف بالقطاع المالي والمصرفي في أي دولة وبشكل مفاجئ.

الأزمة تتمثل في تراجع ثقة المودعين في البنوك التي يتعاملون معها، وضعف درجة المصداقية في قوة ومناعة القطاع المصرفي، والشك في درجة حماية الأنظمة لأموال المدخرين.

في الولايات المتحدة سحب المودعون في يوم واحد نحو 42 مليار دولار من بنك سيليكون فالي الذي انهار في يوم الجمعة الماضي.

ورغم إعلان السلطات الأميركية عن تقديم ضمانات لكل الودائع في القطاع المصرفي بغض النظر عن قيمتها والبنك الذي يتعاملون معه، إلا أن أزمة ثقة المودعين بدأت تتزايد يوماً بعد يوم عقب إعلان إفلاس 3 بنوك، وعمليات البيع المكثفة لأسهم البنوك في البورصات، ورفع منسوب المخاطر عقب خفض وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي الأميركي إلى "سلبي" من مستقر مع تزايد المخاوف من توالي الأزمات. كما أعلنت وكالة التصنيف العالمية مراجعة أعمال 6 بنوك لاحتمال خفض تصنيفها.

إضافة إلى أسباب أخرى منها خسارة البنوك الأميركية الكبرى أكثر من 170 مليار دولار من قيمتها في سوق الأسهم خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتأكيد مصرفيين كبار ومسؤولين سابقين للمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع على أن انهيار بنك سيليكون فالي سيؤدي إلى إفلاس المزيد من البنوك.

موقف
التحديثات الحية

يزيد غموض الموقف التصريحات الصادرة اليوم الأربعاء عن أكسل بي ليمان رئيس مجموعة كريدي سويس المصرفية السويسرية والتي قال فيها إن هناك مخاوف من انتشار أزمة بنك سيليكون فالي على نطاق العالم، وإن تلك الأزمة تعطي إشارات تحذيرية لما هو قادم من سنوات.

ببساطة، باتت ثقة أصحاب المدخرات مهتزة في القطاع المصرفي الأميركي بعد ثلاث حالات إفلاس لبنوك هي سيليكون فالي وسيغنتشر وسليفرغيت، وعودة شبح الأزمة المالية العالمية، واستعادة ذكريات سقوط ليمان برازرز، وما تبعه من سقوط بنوك كبرى أخرى في 2008 وفقدان المودعين جزءاً من مدخراتهم.

في الولايات المتحدة سحب المودعون في يوم واحد نحو 42 مليار دولار من بنك "سيليكون فالي" المنهار

وتعبيرا عن أزمة الثقة تدافع آلاف المودعين الأميركيين لسحب ودائعهم من البنوك الصغيرة وإيداعها في البنوك ذات المراكز المالية القوية، ولذا شهدت أربعة من أكبر البنوك إقبالًا كبيرًا من المودعين الذين يخشون وقوع أزمة مالية واسعة النطاق. 

فأكبر بنك في الولايات المتحدة وهو جيه بي مورغان استقبل مليارات الدولارات خلال الأيام القليلة الماضية. تكرر المشهد مع بنوك كبرى أخرى، منها بنك أوف أميركا وسيتي جروب وويلز فارجو، التي شهدت تدفقات نقدية من المودعين أكثر من المعتاد، في أعقاب الانهيارات الأخيرة.

إذاً، هناك أزمة ثقة في البنوك الصغيرة داخل الولايات المتحدة، وهذه الأزمة مرشحة لأن تمتد لعدد من بنوك العالم في الدول التي تعاني من هشاشة مالية وفجوات تمويلية ضخمة، أو لدى بنوكها علاقة بالبنوك الأميركية المنهارة.

وكما وأدت السلطات الأميركية الفتنة في مهدها عبر إعلان ضمان كل أموال البنوك، فإن الحكومات والبنوك المركزية حول العالم مطالبة أيضا للخروج علنا وتأكيد هذه الضمانة وإدراجها وبشكل واضح، في قوانين البنوك وأنظمة حماية الودائع، لأن المودعين وأصحاب المدخرات لا يثقون كثيرا في إعلانات وتصريحات الحكومات وكبار المسؤولين خاصة المتعلقة بالقطاع المصرفي وأسعار العملات والفائدة.

المساهمون