هشاشة مصارف تونس تعرّض أموال المودعين للمخاطر رغم الضمانات

هشاشة مصارف تونس تعرّض أموال المودعين للمخاطر رغم الضمانات

19 مارس 2023
يعد صندوق ضمان الودائع البنكية الجهاز الأول لحماية أموال المودعين (فرانس برس)
+ الخط -

اختبرت البنوك التونسية نظام حماية الودائع في مارس/ آذار 2022، وذلك لأول مرة منذ إحداث صندوق ضمان الودائع البنكية، وكان ذلك عقب الإعلان الرسمي عن إفلاس البنك التونسي الفرنسي وتصفية أصوله .

وبعد أسابيع قليلة من تصفية أصول البنك باشرت السلطات المالية الترتيبات لتعويض نحو 7500 من مودعي البنك عن طريق صندوق ضمان الودائع البنكية المحدث سنة 2016  المحدث بمقتضى المادة 149 من القانون جويلية يوليو 2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية.

ويعد صندوق ضمان الودائع البنكية الجهاز الأول لحماية أموال المودعين، حيث يلزم قانون البنوك والمؤسسات المالية كل المصارف المرخص لها بالانخراط في الصندوق بدفع نسبة 0,3 في المائة من حجم الودائع للسنة المنتهية.

وبموجب قانون البنوك، يستفيد المودعون من خدمة تأمين الودائع التي تدفعها البنوك في شكل مساهمات سنوية.

ورغم أنّ إفلاس البنوك ليس بالأمر المتواتر في الساحة المالية التونسية، إلا أن إعلان تصفية البنك الفرنسي التونسي، العام الماضي، أثار مخاوف المودعين بشأن مصير أموالهم، وهو ما جعل صندوق ضمان الودائع البنكية يعلن البدء في تعويض المودعين بعد 20 يوما من إفلاس المصرف، الذي استمر نشاطه في تونس 142 عاما .

ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري إن صندوق ضمان الودائع البنكية يتدخل في مستويات محددة، حيث لا يتعدى سقف التعويضات المالية التي يقدمها للمودعين 60 ألف دينار ( 20 ألف دولار) في مرحلة أولى، على أن يُعوّض باقي المبلغ بعد انتهاء عملية التصفية القانونية للمؤسسة المالية.

ويؤكد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الجهاز المصرفي التونسي عموما لا يخضع لمعايير كفاية رأس المال التي تضعها لجنة بازل للإشراف على البنوك، ما يعرّضها لمخاطر عالية. ويفيد بأن الجهاز البنكي التونسي استهلك أمواله الذاتية بنسبة 110 في المائة في إقراض الدولة، ما يعرض أموال المودعين للخطر.

وأفاد أن الجهاز البنكي التونسي استهلك أمواله الذاتية بنسبة 110 بالمائة في اقراض الدولة معتبرا أن هشاشة المصارف التونسية تعرَّض أموال المودعين لمخاطر عالية .

ولا يستبعد النوري تأثر المصارف التونسية بأزمة المصارف الأميركية، مشيراً إلى أنّ هشاشة الجهاز البنكي التونسي تجعله عرضة لأي ارتدادات قد تصل عبر قنوات التبليغ أو الأزمة التنظمية.

وأضاف "يحتاج دعم الصلابة المالية للمصارف وفق تقديرات إلى توفير احتياطات مالية يومية في المصارف بين 600 و800 مليون دينار ".

يقدر مستوى الخسائر المحتملة للبنوك التونسية نتيجة إقراضها الدولة في شكل سندات خزينة، بحوالي 110 بالمائة (1.1 مرة) من إجمالي الأموال الذاتية، ويكون مستوى المخاطر أعلى بكثير في صورة احتساب قروض البنوك للمؤسسات العمومية والقروض الممنوحة للدولة بالعملة الأجنبية، وفق تقرير نشرته وكالة التصنيف الائتماني موديز في فبراير/شباط الماضي .

وخفضت موديز، الشهر الماضي، التصنيف الائتماني للودائع طويلة المدى لمجموعة من البنوك التونسية إلى درجة المخاطر مع آفاق سلبية.

ويتعلق التخفيض على التوالي ببنك الأمان والبنك التونسي وبنك تونس العربي الدولي والشركة التونسية للبنك. 

وأشارت الوكالة الى ان البنوك التونسية قد تعرضت لمخاطر إعادة التمويل قصير المدى من طرف المركزي التونسي وان قيمة إعادة التمويلات ارتفعت إجمالا بشكل ملحوظ لتصل الى 14 مليار دينار في جانفي 2023 مقابل 8 مليار دينار في ديسمبر 2022.

وتوقعت "موديز" أن تشتد في المستقبل مصاعب البنوك على مستوى تلبية حاجياتها التمويلية خصوصا اذا ما لم تتطور ودائع العملاء، مبينة أن هذه الوضعية ستتعقد في علاقة مباشرة بالمناخ التشغيلي للقطاع البنكي في ظل وضع يتسم بارتفاع عجز الميزانية ولجوء الدولة للاقتراض من البنوك لتغطيته.

ويشتمل الجهاز المصرفي التونسي على 24 مصرفاً، من بينها 6 مصارف تستحوذ على 70  بالمائة من السوق.
 

المساهمون