اعترافات العادلي تؤكد إصدار مبارك أمر قتل متظاهري يناير

اعترافات العادلي تؤكد إصدار مبارك أمر قتل متظاهري يناير

20 أكتوبر 2016
تمت تبرئة مبارك بعد تحقيقات غير دقيقة(أحمد المالكي/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر قضائية مصرية، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، عن أن وزير الداخلية الأسبق خلال فترة ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حبيب العادلي، اعترف بشكل لا يحمل لبساً أثناء التحقيق معه قبل 30 يونيو/حزيران 2013، أنه تلقى أمراً مباشراً من الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بإطلاق النار على المتظاهرين لردعهم ومنع تكرار الثورة التي حدثت في تونس حينها.

وأشارت المصادر إلى أن هذه الاعترافات جاءت في إطار عمل لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس المعزول، محمد مرسي، والتحقيقات الجديدة التي أجرتها النيابة العامة بقيادة النائب العام الأسبق، طلعت عبدالله. وأوضحت أن اعترافات العادلي وغيرها من الأدلة القاطعة التي تثبت تورط عناصر وزارة الداخلية في قتل المتظاهرين، موجودة في مذكرة النيابة المكونة من 600 صفحة بشأن القضية. وكشفت المصادر، لأول مرة، عن أن من قام بعمليات قتل المتظاهرين ليست قوات الأمن المركزي، ولكنها قوات تابعة لقطاع الأمن العام. وكانت ترتدي زياً مشابهاً لزي قوات الأمن المركزي، مع فارق وحيد يتمثل بـ"شارة" تم وضعها على كتف السُّترات التي كان يرتديها المنتمون للقطاع.

وأوضحت المصادر أن الداخلية كانت تؤكد على أن التحقيقات السابقة التي تمت بمعرفة النائب العام الأسبق، عبد المجيد محمود، أظهرت أن تسليح قوات الأمن المركزي لم يكن يتضمن تزويد العناصر بطلقات حيّة، لكن ثبت من خلال التحقيقات وجود قوات أخرى، تابعة لقطاع الأمن العام، وهي التي كانت مسلحة بطلقات نارية حية. وتم إثبات ذلك بعدما تم التدقيق بمخازن الذخائر التي تطابقت تماماً مع أماكن وجود تلك القوات ونوعية الإصابات وعدد الطلقات التي أصابت المتظاهرين وقتها، وفق المصادر.

في هذا السياق، أكدت المصادر القضائية المصرية، أن القاضي محمود الرشيدي، والذي ترأس ما يعرف بـ"محاكمة القرن" التي كان متهماً بها مبارك ونجلاه جمال وعلاء، والعادلي، إضافةً إلى ستة أشخاص من كبار مساعدي مبارك، استبعد التحقيقات التي قامت بها النيابة العامة، والتي تتضمن الأدلة والاعترافات الخاصة برجال مبارك. وأضافت أن الرشيدي أصدر حكماً بالبراءة بعد تحقيقات غير دقيقة، برّأت مبارك والعادلي والمساعدين الستة في القضية. وأعربت المصادر عن أسفها لكون "هذه التحقيقات لا تزال في أدراج النائب العام، من دون أن يلتفت لها أحد".

يشار إلى أن القضية الوحيدة التي صدر فيها حكمٌ بالسجن ضد مبارك، وهي المعروفة إعلامياً بـ"القصور الرئاسية"، تم تحقيقها من جانب النيابة خلال فترة حكم مرسي، والنائب العام الأسبق، طلعت عبدالله. وأوضحت المصادر القضائية أن القضايا الأخرى المتعلقة بمبارك وأعوانه، والتي تم التحقيق فيها في عهود أخرى مثل المجلس العسكري قبل استلام عبدالله منصبه، قد تم إفسادها.

وفي ما يتعلق بقضية قتل المتظاهرين، قالت المصادر إنه تم الوصول خلال التحقيقات التي أجريت بمعرفة النيابة العامة، وأثناء فترة تولي عبدالله منصب النائب العام، إلى "المخازن التي خرجت منها أسلحة الشرطة في تلك الفترة، والمجموعات المسلحة، وكمية الذخائر التي كانت معها ونوعية الطلقات والذخائر، وكذلك تم التوصل لنوعية الطلقات التي أصيب بها المتظاهرون. وهو ما كشف تطابق تلك الطلقات مع تلك التي كانت بصحبة قوات الشرطة"، وفق المصادر.

وكشفت التحقيقات وقتها، والتي تجاهلها القاضي الرشيدي، عن "أن كميات الذخائر التي نفدت من الشرطة وقتها، وأماكن وجود مجموعات الشرطة المسلحة تطابقت مع الكميات والأماكن المدونة في كشوف تم التوصل إليها من داخل وزارة الداخلية". وأكدت التحقيقات أنه كان سيتم إصدار حكم إدانة ضد مبارك في القضية لولا تنحية الرشيدي لتلك التحقيقات وعدم الأخذ بها، في تصرف مثير للجدل وأدى في النهاية إلى تبرئة مبارك وأعوانه.

وكانت جبهة استقلال القضاء الرافضة للانقلاب العسكري قد وصفت الحكم بتبرئة مبارك ومعاونيه في قتل المتظاهرين فور صدوره بـ"المعيب"، مضيفة أنه "صدر بالمخالفة لما استقرت عليه دلائل عدة كافية توجب إعدام مبارك وكل معاونيه في عمليات القتل التي شهدتها تظاهرات 25 يناير". وجاء في بيان الجبهة الذي صدر عقب صدور الحكم أن "المحاكمة باطلة وتستوجب الطعن، وإحالة الرشيدي للصلاحية والعزل هي مسألة وقت".

وبلغت أوراق القضية بحسب الرشيدي نحو 160 ألف ورقة، فيما تقدر أعداد القتلى خلال أحداث الثورة بنحو 1000 قتيل، ونحو ستة آلاف مصاب. وخلال الجلسات الأخيرة لنظر القضية، سمحت المحكمة لمبارك بإلقاء كلمة من داخل قفص المحاكمة للدفاع عن نفسه استمرت لنحو 24 دقيقة، وهي الكلمة التي وصفها مراقبون بأنها كانت كلمة تجميلية للرئيس المخلوع تمهيداً لحكم البراءة، إذ أكد خلالها أنه لم يكن ساعياً لمنصب أو سلطة، مدعياً أنه كان زاهداً في السلطة، كما استعرض خلالها سنوات حكمه منذ توليه الحكم خلفاً للرئيس الراحل، أنور السادات.