مسيرات في الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت وعون يدعو لتحقيق نزيه

04 اغسطس 2022
يتهم ذوو الضحايا النظام السياسي بتعطيل التحقيق ودعم الإفلات من العقاب (العربي الجديد)
+ الخط -

أطلق المسؤولون اللبنانيون، اليوم الخميس، سلسلة مواقف بمناسبة مرور الذكرى الثانية على انفجار مرفأ بيروت، تؤكد ضرورة كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، في وقتٍ تُتَّهم السلطات اللبنانية بالإهمال الجنائي، وبعرقلة التحقيقات وتأخيرها، والتغطية على المتهمين والمدعى عليهم.

في المقابل، تشهد بيروت اليوم ثلاث مسيرات، يؤكد خلالها أهالي ضحايا الانفجار واللبنانيون أنه "في 4 أغسطس/آب 2020، فجّر نظام سياسي العاصمة، وتحاول أحزاب تعطيل التحقيق والإفلات من العقاب، والجريمة لن تمرّ".

وأدى انفجار مرفأ بيروت إلى مقتل أكثر من 230 شخصاً (لا وجود لتعداد رسمي من جانب السلطات اللبنانية)، وجرح ما يزيد عن سبعة آلاف شخص، مِنهم مَن لا يزال في المستشفى حتى اليوم متروكاً لإصابته في ظل غياب الدولة ويعالج على نفقته الخاصة، وهو أيضاً حال نحو 150 شخصاً أصيبوا بإعاقة.

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون: "بعد عامين على فاجعة 4 أغسطس/آب، أشارك أهالي الضحايا والجرحى حزنهم، وعائلات الموقوفين معاناتهم. وأؤكد التزامي بإحقاق العدالة المستندة إلى حقيقة كاملة يكشفها مسار قضائي نزيه، يذهب حتى النهاية، بعيداً عن أي تزوير أو استنسابية أو ظلم، لمحاسبة كل من يثبت تورّطه لأن لا أحد فوق القانون".

من جهته، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنه "يوم حزين لن ينجلي سواده قبل معرفة الحقيقة الكاملة، لترقد أرواح الضحايا بسلام، وتتبلسم قلوب ذويهم"، مشدداً على أن ميزان العدالة لن يستقيم من دون معاقبة المجرمين وتبرئة المظلومين، ولا قيامة للبنان من دون العدالة الناجزة، مهما طال الزمن".

بدوره، قال رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري عبر حسابه على "تويتر": "جرح عميق في قلب بيروت، لن يلتئم إلا بسقوط أهراءات التعطيل والاستقواء على الدولة والقانون، وتصدّع صوامع الاهتراء السياسي والاقتصادي وعروش الكراهية والتعصب الطائفي"، مشدداً على أن "العدالة لبيروت وأهلها وتخليد ذكرى الضحايا فوق كل اعتبار. لن ننسى".

وقال رئيس البرلمان نبيه بري إن "المسار الذي يوصل حتماً إلى العدالة وكشف الحقيقة تطبيق الدستور والقانون"، غامزاً من قناة إحالة المدعى عليهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الوزراء، غير المفعّل منذ تأسيسه في التسعينيات، والذي انتخب مجلس النواب قبل أيام أعضاءه التابعين للمنظومة السياسية ولأحزاب يُتهم أعضاء فيها بالتفجير.

وأشار بري إلى أننا اليوم جميعاً بأمسّ الحاجة إلى تحمّل المسؤولية الوطنية.

بدوره، قال "حزب الله" في بيانٍ: "شهدنا خلال العامين المنصرمين موجة هائلة من الحملات السياسية والإعلامية المكثفة، والتي تضمّنت اتهامات باطلة وزائفة، وقدراً كبيراً من التحريض أدى إلى توتر داخلي في غاية الخطورة كاد أن يطيح بأمن البلد واستقراره".

وأكد الحزب موقفه "الثابت والمعروف من هذه القضية، وهو المطالبة بتحقيق نزيه وعادل وشفاف وفق الأصول القانونية، ومراعاة وحدة المعايير بعيداً من الاستثمار السياسي والتحريض الطائفي والمزايدات الشعبوية"، مشيراً إلى أن العدالة وحدها من يحقق الإنصاف، ويطمئن النفوس، ويضمد الجراح، ويثبت الاستقرار الداخلي، ويدفع بنا جميعاً إلى الحوار الهادئ والعمل المشترك، لتجاوز الأزمة الخطيرة التي يمرّ بها لبنان.

وخلال قداس أقيم على راحة نفوس الضحايا بحضور الأهالي، وجّه البطريرك الماروني بشارة الراعي رسائل حادة بوجه السياسيين وخصوصاً "حزب الله" و"حركة أمل" المتهمين بتعطيل التحقيق، من دون أن يسمّيهما، مجدداً المطالبة بتحقيق دولي.

وقال الراعي: "نحن اليوم أمام جريمتين، جريمة تفجير المرفأ، وجريمة تجميد التحقيق، فالتجميد لا يقلّ فداحةً عن التفجير، لأنّه فعلٌ مُتعمَّدٌ وإراديّ بلغَ حدَّ زرع الفتنة بين أهالي الضحايا".

وأضاف: "لا تستطيعُ السلطات الحاكمة والمهيمنة التبرؤ مما حصل، فمنها من تسبّب بالتفجير، ومنها من عَلِمَ بوجود المواد المتفجرة وبخطورتها، وأهْمل، ومنها من تَلكأَ، ومنها من سَكَت، ومنها من غَطّى، ومنها من جَبُنَ، ومنها من عطّل التحقيق، ومنها من وَجدَ في تجميد عمل القاضي المسؤول الحلَّ المريحَ لكي يتهرب من مسؤولية حسم مرجعية التحقيق"، معتبراً أنها "لعبة توزيع الأدوار بين عدد من المسؤولين على مختلف المستويات الدستورية والسياسية والأمنية والقضائية". مشدداً على أن "المطلوب أن يَستأنف قاضي التحقيق العدلي عمله وصولًا إلى الحقيقة".

وجدد البطريرك الماروني المطالبة بالتحقيق الدولي، خصوصاً في ظل تعقيدات التحقيق المحلي والعراقيل السياسية، مشدداً على أنه لا يحق لدولة أن تمتنع عن إجراء تحقيق لبناني وتمنع بالمقابل إجراء تحقيق دولي، مستغرباً أن "جريمة تفجير المرفأ غائبة عن اهتمامات الحكومة قبل استقالتها وبعدها، لا بل إن بعض وزرائها يتغافل عنها، وبعضهم الآخر يعرقل سير العدالة من دون وجه حق ومن دون أن يبادر مجلس الوزراء إلى التحرك ومعالجة الأمر"، غامزاً من قناة عدم توقيع وزير المال يوسف الخليل، المحسوب على بري، تشكيلات محكمة التمييز التي تتسبب بتجميد التحقيق.

ورفع الراعي "لاءاته": "لا تعرقلوا عمل المحقق العدليّ بطلبات الردّ المتسارعة بحقّه، بقصد تكبيل يديه بغية طمس الحقيقة وعرقلة العدالة، لا تعرقلوا التحقيق بالضغط السياسيّ على القضاة، وبعدم إعطاء أذونات ملاحقة بحقّ مطلوبين إلى التحقيق، لا تعطّلوا التشكيلات القضائيّة للهيئة العامّة لمحكمة التمييز بالامتناع عن توقيعها بقوّة النافذين السياسيّين، لا تتعرّضوا لأهالي الشهداء بالضرب والتوقيف والتحقيق على خلفيّة التظاهر والمطالبة بالعدالة.. فإنّكم بذلك تقتلونهم مرّتين".

وتوقف المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار عن النظر بالقضية منذ 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بفعل طلب الرد المقدم من المدعى عليهما، النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر (ينتميان إلى "حركة أمل" برئاسة نبيه بري)، علماً أن مجموع الدعاوى وطلبات الرد من المدعى عليهم بوجه البيطار بلغ 21، منها 11 مقدمة من نائبي "أمل"، وست من وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (ينتمي إلى "تيار المردة" برئاسة سليمان فرنجية حليف "حزب الله")، وثلاث من وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، ودعوى من رئيس الحكومة السابق حسان دياب، في حين قدمت تسع دعاوى لإزاحة القضاة الذين ينظرون بطلبات رد المحقق العدلي.

كما من أسباب تجميد التحقيقات الخلاف على التشكيلات الجزئية لرؤساء غرف محكمة التمييز، في ظل رفض وزير المال يوسف الخليل، المحسوب على بري، التوقيع عليها.

ويتهم "حزب الله" وحلفاؤه القاضي البيطار بالاستنسابية، فيما يضعون قراراته التي طاولتهم في خانة الاستهداف السياسي، في حين يعتبر القضاء في لبنان هشاً سريع التعطيل، باعتبار أن السلطة السياسية تضع يدها على التشكيلات القضائية، من هنا ترفع مطالب معارضي السلطة والتغييريين بضرورة إقرار قانون استقلالية القضاء، من دون تشويهه بتعديلات تخدم المنظومة.

ودعت منظمات حقوقية محلية ودولية، أمس الأربعاء، في بيان، إلى إجراء تحقيق دولي، باعتباره "السبيل الوحيد للمضي قدماً لضمان تحقيق العدالة".

وقالت 11 منظمة حقوقية إنه "على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته المقبلة، في سبتمبر/أيلول 2022؛ إصدار قرار يقضي بإنشاء بعثة مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق في الانفجار، كي تحدد الحقائق والملابسات، بما في ذلك الأسباب الجذرية للانفجار، بغية تحديد مسؤولية الدولة والأفراد ودعم تحقيق العدالة للضحايا".