خصوم الصدر يستنجدون بالشارع... ومساعٍ من النجف لتهدئة الأزمة

خصوم الصدر يستنجدون بالشارع... ومساعٍ من النجف لتهدئة الأزمة العراقية

01 اغسطس 2022
مناصرون لـ"الإطار التنسيقي" يحاولون الدخول إلى المنطقة الخضراء (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

شهد العراق، اليوم الإثنين، ساعات طويلة من التوتر، بعدما احتكم تحالف "الإطار التنسيقي" إلى الشارع رداً على اعتصام الصدريين في المنطقة الخضراء. 

ولم تكد التظاهرات تنطلق عند الساعة الخامسة عصراً بتوقيت بغداد، حتى بدأ الاحتكاك بين آلاف المتظاهرين المؤيدين لـ"الإطار" والقوات العراقية قرب المنطقة الخضراء، جرّاء محاولة المحتجين الدخول إلى المنطقة، في الوقت الذي عملت فيه القوات العراقية على إغلاق الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد بالكامل بعدد من الحواجز، فيما انتشرت وحدات مكافحة الشغب في محيطه.

كما عمد أنصار "الإطار التنسيقي"، وإن كانت أعدادهم أقل من تلك المشاركة في اعتصام الصدريين، إلى نصب خيمهم بالقرب من الجسر المعلق، في إشارة إلى عدم نيتهم الخروج من المنطقة، في انعكاس لقرار التحالف الحليف لإيران الضغط بورقة الشارع الذي يؤيده رداً على حراك التيار الصدري.

وتزامنت هذه التطورات مع مساعي أطراف دينية في مدينة النجف، جنوبي العراق، للبدء بوساطة تهدئة تهدف إلى وقف التصعيد والحرب الإعلامية بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، و"الإطار التنسيقي"، المظلة الجامعة للقوى السياسية والمسلحة الحليفة لإيران، وفقاً لما أكدته مصادر مقربة من مراجع دينية في المدينة لـ"العربي الجديد". 

عمد أنصار "الإطار التنسيقي" إلى نصب خيمهم في بغداد

وأوضحت المصادر أن التحرك يهدف إلى "وقف عروض الكثرة الجماهيرية بين الطرفين في بغداد لمنع أي اصطدام مسلح بالوقت الراهن".

إيران تدعو للتمسك بالدستور

كما برز اليوم الإثنين موقف إيراني هو الأول، إذ أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في مؤتمره الصحافي، أن طهران تتابع "بدقة وحساسية" التطورات في العراق، مؤكداً أنها "من شؤونه الداخلية"، ومعرباً عن أمل طهران في أن تتجاوز القوى السياسية العراقية هذا الوضع وهذه المرحلة، من خلال التمسك بالدستور والآليات القانونية وبالأساليب السلمية.

وتزداد الأوضاع السياسية في البلاد تأزماً مع دخول عدد من العشائر العربية الكبيرة في الجنوب والوسط العراقي على خط الأزمة، بإعلانها تأييد حراك التيار الصدري الحالي، والذي وصفته عشائر، مثل بني سعد وبني كعب وبني خالد وأجزاء من شمر والبو دراج وكنانة، في بيانات متعاقبة لمشايخها، بأنه "انتفاضة إصلاحية".

ويعود قرب تلك العشائر من التيار الصدري إلى أسباب عدة، أبرزها رمزية المرجع محمد الصدر والد مقتدى الصدر، وتبني الأخير شعارات وطنية رافضة التدخل الإيراني بالشأن العراقي.

في المقابل، يهدد إعلان فصائل مسلحة موالية لإيران، أبرزها مليشيا كتائب الإمام علي بزعامة شبل الزيدي المشاركة في تظاهرات تحالف "الإطار التنسيقي"، بمزيد من تأزم الموقف الميداني في الشارع العراقي. 

علماء الحوزة الدينية يسعون لمنع توسع الأزمة

وقال مصدر مقرّب من مراجع دينية في مدينة النجف جنوبي العراق، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن بعض علماء الحوزة الدينية يسعون "لمنع توسع الأزمة والوصول إلى نقطة صعبة". ولم "يستبعد تدخل المرجع الديني الأعلى علي السيستاني لمنع إراقة الدماء"، على حد تعبيره.

واعتبر أن "الشارع الشيعي بالمجمل هو الأقرب لموقف مقتدى الصدر في الأزمة الحالية، لكن دخول عناصر السلاح وتحشيدهم في بغداد من قبل قوى أخرى يدعو للقلق". وألمح إلى وجود فرصة حوار لا تزال قائمة، وضمن شروط وآليات تضمن حلاً جذرياً للأزمة.

بدوره، أكد عضو تحالف "الإطار التنسيقي" أحمد العوادي، لـ"العربي الجديد"، وجود حراك تهدئة من شخصيات في النجف، وصفها بأنها "غير مشتركة بالعملية السياسية، وإنما حريصة على وقف الفتنة وتسعى للتواصل مع مختلف الأطراف".

من جهته، قال القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "تحالفه لا يفكر أساساً بالاحتكاك مع الصدريين في الشارع ونسعى للتفاوض، لكن تظاهرات الإطار هي للتعبير عن موقفنا"، وفقاً لقوله. ولفت إلى أن تظاهرات تحالفه "موجهة ضد كل من يريد خطف الدولة، فالعراق لا يمكن أن يُقاد بطريقة فرض الإرادات من خلال التهديد بالشارع".

أما مدير مكتب التيار الصدري في بغداد إبراهيم الموسوي، فرد على سؤال لـ"العربي الجديد" حول مآلات وجودهم في البرلمان والمنطقة الخضراء ككل، بالقول إنهم مستمرون "إلى حين تحقيق مطالب الإصلاح"، معتبراً أن مشاركة آخرين من خارج التيار الصدري يجعلها "ثورة إصلاحية لاستعادة الدولة من الفساد والتبعية".

التيار الصدري يوسع حراكه

ووسع التيار الصدري اليوم الإثنين نطاق حراكه في مدن جنوب العراق، كربلاء والبصرة وذي قار والقادسية والمثنى، ووسطه، بابل وواسط، إضافة إلى كركوك شمالاً وديالى شرقاً، بتنظيم احتجاجات حُدّدت ساحات المدن الرئيسية لها، تضمنت كلمات وجهاء وأعيان العشائر ورجال الدين، مؤيدة للحراك الصدري.

وكان لافتاً استمرار الناشطين الصدريين ترديد الشعار الرئيس لثوار أكتوبر/تشرين الأول 2019، وهو "انعل (يلعن) أبو إيران لأبو أميركا"، من دون استبداله أو وقف استعماله، سواء في بغداد أو المحافظات، ما يعني قبول قيادة التيار بالشعار الذي رادفته شعارات وأهازيج أخرى مثل "عرب مو ذيل (غير تابعين) للعجمي".

في السياق، قال العضو البارز في التيار الصدري عصام حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "جمهور التيار الصدري لا يريد أي صدام مع قوى الإطار، ولا يسعى لحرب شيعية – شيعية كما يروج البعض، ونزوله للشارع من أجل تحقيق أهداف، جميع العراقيين يطالبون بها، وليس الصدريون فقط". 

وأكد أن "عملية إنزال الإطار التنسيقي جمهوره إلى الشارع هي محاولة منه لإشعال فتنة بين الشعب الواحد، ومحاولة لجر الشارع نحو الاقتتال، فبعض قادة الإطار مستعدون لفعل أي شيء من أجل ضمان بقاء السلطة والنفوذ لهم خلال المرحلة المقبلة".

وشدد حسين على أن "التيار الصدري لن يتراجع عن خطواته الشعبية، وهذه الخطوات سوف تتصاعد، وسوف تشمل جميع المدن، وليس العاصمة بغداد فقط، والتيار الصدري لن يحاور قادة الإطار من أجل تشكيل حكومة توافق تؤسس لمرحلة فساد ودمار جديدة للعراق". 

ويقترب الحراك الصدري من نهاية أسبوعه الأول، إذ بدأ أول تحرك لأنصار الصدر يوم الأربعاء الماضي، تخلله اقتحام المنطقة الخضراء لساعات قبل الانسحاب والعودة للاعتصام منذ يوم السبت الماضي. 

ويقابل هذا التحرك تردد للقوى المدنية والعلمانية في العراق بتأييده أو الانضمام إليه، خوفاً من تقلبات الصدر المعهودة أو التوصل إلى تسوية في النهاية مع خصومه تضر بوضع المدنيين كحلقة أضعف، بحسب ما تحدث عدد منهم لـ"العربي الجديد". 

مخاوف من تصعيد خطير

إلى ذلك، قال المحلل السياسي العراقي غالب الدعمي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم استجابة الإطار التنسيقي لما يريده زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ربما يدفع إلى تصعيد خطير على مختلف الأصعدة، والأمر ربما يصل إلى الصدام بين جمهوري الطرفين، وهذا الأمر ستكون له تداعيات خطيرة". 


أيدت عشائر عربية كبيرة حراك التيار الصدري الحالي

ولفت الدعمي إلى أن "التيار الصدري لا يريد أن يكون خارج العملية السياسية، كما لا يريد أن يكون ضمن عملية سياسية مبنية على أساس المحاصصة، فهو يريد تشكيل حكومة أغلبية، سواء أكانت من التيار أم من الإطار التنسيقي". 

وأضاف أن "التيار الصدري، عندما لم يستطع تشكيل أي حكومة أغلبية، توجه نحو الشارع لتحقيق هذا الهدف". وأعرب عن اعتقاده بأن الصدر أصبح "قريباً من تحقيق هذا الهدف، خصوصاً أن التيار يملك كتلة بشرية هائلة، وهي مطيعة لقيادته، وإذا لم يستجب الإطار لما يريده الصدريون، فالأمور تسير نحو الأسوأ بمختلف الجوانب". 

المساهمون