فنانة لبنانية تستخرج من حطام بيروت تمثالاً للأمل
بارتفاع نحو ثلاثة أمتار يقف تمثال لسيدة رافعة ذراعها بينما تنثر الريح شعرها بعيداً عن وجهها المجروح، وعند قدمها ساعة محطمة تشير عقاربها إلى السادسة وثماني دقائق.. توقيت وقوع انفجار مرفأ بيروت مساء يوم الرابع من أغسطس/ آب.
التمثال الذي لم يُذكر له اسم، حتى الآن، أنجزته الفنانة اللبنانية حياة ناظر من شظايا الزجاج والمعادن الملتوية التي كانت في بيوت بعض سكان بيروت قبل الانفجار الذي أودى بحياة 200 وتسبب في إصابة 6000 بجراح، ويرمز لآمال المدينة في النهوض من تحت الأنقاض.
وأشارت الفنانة حياة ناظر إلى أن المجسم يمثل لحظة الانفجار كأنه وقع للتو، بما سببه من آلام، لكن المرأة المجسدة فيه تحاول النهوض من الردم.
وفاقم الانفجار الهائل، الذي سوى مناطق شاسعة في بيروت بالأرض وتسبب في تشريد زهاء 300 ألف من سكانها، أسوأ أزمة مالية يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
وتؤمن الفنانة بنهوض لبنان. وتقول إن من تأثروا بالانفجار وشاهدوا التمثال الذي يبلغ طوله 2.6 متر، والمعروض مؤقتاً أمام الميناء المدمر، يستمدون منه القوة والأمل في الاستمرار، مبينة "نحن الموجوعين ليس ثمة خيار لنا سوى الاستمرار وإكمال الطريق".
وبدأت حياة ناظر بالفعل في العمل على منحوتة لامرأة قبل الانفجار، لكنها تطوعت للمشاركة في تنظيف البيوت المدمرة والشوارع. وفي الليل كانت تعود للمنحوتة فتستخدم الشظايا وقطع الزجاج والمعدن التي جمعتها في بنائها.
وقالت إنها جمعت هذه الشظايا لدى مشاركتها في تنظيف البيوت والشوارع، مضيفة "شعرت بأن بيروت رغم عذابها امرأة قوية وحساسة". وتوضح أنها ما كانت تدرك أهمية الفن قبل ذلك لكنها آمنت بالتغيير بعد ذلك.
وتقول ناظر، التي استلهمت تمثالها من أغنية المطربة اللبنانية ماجدة الرومي "بيروت ست الدنيا" وكلماتها التي فيها "قومي من تحت الردم"، إن إتمام التمثال استغرق ما يزيد قليلاً على شهرين.
ولم تُطلق حياة اسما لعملها الفني لأنها تريد من الناس أن يفعلوا ذلك. وهذه ليست أول مرة تستخدم فيها حياة ناظر أنقاضاً في عمل فني لها. فقد تضمنت أعمال سابقة لها منها نموذج لطائر العنقاء الأسطوري صنعته من قطع من خيام المحتجين المحترقة ومنحوتة على شكل قلب من حجارة وأسطوانات فارغة للغاز المسيل للدموع جمعتها من مكان اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن.
(رويترز)
