إسرائيل خططت لاغتيال عرفات بتفجير مدرج كرة القدم في بيروت

إسرائيل خططت لاغتيال عرفات بتفجير مدرج كرة القدم في بيروت

12 نوفمبر 2020
إحياء الذكرى السنوية الـ16 لرحيل ياسر عرفات (Getty)
+ الخط -

كشف تقرير إسرائيلي النقاب عن أن تل أبيب خططت لاغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وعدد من القيادات الفلسطينية، بتفجير استاد كرة القدم في العاصمة اللبنانية بيروت، في عام 1982.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، الخميس، "في يناير/كانون الثاني 1982، خططت إسرائيل لتفجير ملعب كرة القدم في لبنان من أجل القضاء على ياسر عرفات و(القيادي خليل الوزير) أبو جهاد، وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ولكنها تراجعت قبل وقت قصير من التنفيذ".

وأضافت "لو تم إطلاق هذه العملية، لكان الشرق الأوسط يبدو مختلفًا تمامًا". وأشارت إلى أن إسرائيل أطلقت على العملية اسم "أولمبيا"، وكانت تهدف إلى "تفجير ملعب كرة القدم في بيروت بالكامل".

وتابعت "الهدف كان القضاء على ياسر عرفات و(القيادي الفلسطيني البارز آنذاك) خليل الوزير، وقادة منظمة التحرير الفلسطينية، الذين كانوا موجودين في الموقع". وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن موعد تنفيذ العملية كان 1 يناير/كانون الثاني 1982.

وكشفت الصحيفة النقاب عن أن عناصر المخابرات الإسرائيلية "قاموا بإخفاء عدة كيلوغرامات من المتفجرات تحت المقاعد، وكان من المفترض أن تقف ثلاث عربات مفخخة أخرى تحمل طنين من المتفجرات بجانب المدرج".

 

وقالت "مع تدفق الناجين المذعورين، كان من المقرر تنشيط المركبات المفخخة عن بُعد، ما يؤدي إلى النهاية الدموية الكبرى للعملية، مشيرة إلى أن فكرة العملية جاءت ردا على قتل عائلة حاران الإسرائيلية على يد اللبناني سمير القنطار.

ونفذ "القنطار"، في إبريل/ نيسان (1979، عملية بتوجيه من جبهة التحرير الفلسطينية (إحدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) في مدينة نهاريا، أسفرت عن مقتل إسرائيلي وابنته.

وأضافت "بعد جنازة (عائلة حاران)، أمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، رافائيل إيتان، قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي يانوش بن غال بقتلهم جميعًا (يقصد قادة منظمة التحرير)".

وأضافت "كانت الرسالة واضحة: اغتيال جميع أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان"، موضحة أن بن غال استعان لتنفيذ العملية بالضابط "مئير داغان".

وشغل داغان منصب رئيس جهاز المخابرات الخارجية "الموساد" بين عامي 2002 و2011، لكن الصحيفة لم توضح منصبه في ذلك الوقت.

وأضافت الصحيفة "عملية تفجير الملعب لم تجتز كل الرتب والموافقات المعتادة؛ تم تصميمها في الظل من قبل عدد صغير من الشركاء السريين".

وأشارت إلى أن "عملية أولمبيا توقفت في اللحظة الأخيرة، فقبل ساعات من الوقت المحدد، تم استدعاء مخططي العملية إلى رئيس الحكومة آنذاك مناحيم بيغن، الذي، في خطوة مثيرة وبينما كان مريضًا في سريره، قرر إلغاءها".

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

 

وقالت "بعد نصف عام (من إلغاء العملية) بدأت حرب لبنان الأولى، وانتهت بعد 18 عامًا فقط، وبتكلفة باهظة من الضحايا"، في إشارة للغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.

وأضافت "اعتقد داغان، حتى يوم وفاته (2016)، أن إسرائيل أضاعت فرصة ذهبية، وقال: لو تمت الموافقة عليها، لكانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية قد خرجت من اللعبة في ذلك اليوم، لكننا جميعاً نجونا من حرب لبنان (الغزو الإسرائيلي عام 1982) بعد ستة أشهر، ومن عدد لا حصر له من المشاكل الأخرى".

وأشارت الصحيفة إلى أن وحدة سرية فائقة، بقيادة داغان، وبعلم رئيس الأركان، ولكن من دون معرفة بقية هيئة الأركان العامة وشعبة المخابرات تقريبًا، عملت على تنفيذ هجمات وعمليات حرب عصابات واغتيالات للفلسطينيين، تم إخفاء معظمها عن رئيس الوزراء في حينه، مناحيم بيغن".

وتقول الصحيفة إن عملية "أولمبيا" أخفيت كلها عن أنظار قيادة الجيش، وعندما تبيّن أن شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" تحاول اكتشاف العملية، تحول رفائيل إيتان والجنرال بن غال إلى عقد اجتماعات شخصية وجهاً لوجه وإدارة "حرب الظلال في لبنان" بعيداً عن أعين الآخرين، بما في ذلك عمليات اغتيال لنشطاء وعناصر في منظمة التحرير، وتنفيذ هذه العمليات من دون الحصول على مصادقة من الجهات العليا في الجيش، حتى بعد وقوع عمليات قُتل فيها نساء وأطفال.

ولكن، بحسب الصحيفة، عندما عُرض على بيغن أمر العمليات التكتيكية لاغتيال عناصر في منظمة التحرير، فضّل قبول رواية الجنرال بن غال الذي نفى وقوع عمليات من دون مصادقات عليا، واعتبر رفائيل إيتان وداغان أن بيغن وافق ضمنياً على مثل هذه العمليات، لكنه كان يريد أن تتم من دون علمه أو الرجوع إليه قبل تنفيذها.

ولكن بعد تعيين أريئيل شارون وزيراً للأمن في أغسطس/ آب 1981، أوعز الأخير لداغان بمواصلة عملياته ونشاطاته بهدف "زرع الفوضى في مناطق النفوذ الفلسطيني في لبنان: في صور وصيدا وبيروت حتى يتوفر سبب للغزو الإسرائيلي للبنان"، بحسب ما نقلت الصحيفة عن أفرايم سنيه.

وتضيف الصحيفة أن شارون ضم الضابط السابق في الموساد آنذاك رافي إيتان للعمل مع داغان، وقد لخص الأخير تلك الفترة في مذكرة رسمية قال فيها: "منذ أواسط العام 1980، وحتى بدء الغزو للبنان عام 1982، نفذنا عشرات عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين بالأساس عبر زرع عبوات ناسفة في المخيمات والمنشآت المختلفة والمركبات، وقد تمت كل هذه العمليات بموافقة رئيس أركان الجيش، ووزير الأمن عيزر فايتسمان، ثم أريئيل شارون". وأقر إيتان بأن هذه العمليات تمت بدون أن يعرف رئيس الحكومة شيئاً عن طابعها بين نهاية 1980 وحتى يونيو/ حزيران 1981، وأنه فقط بعد ذلك التاريخ أطلع رئيس الحكومة بيغن على هذه العمليات، بعد أن أقنعه بتأسيس وحدة خاصة في لبنان، كانت أقيمت قبل ذلك.

وبحسب الصحيفة، فإن شارون كان يأمل أن تدفع هذه العمليات ياسر عرفات للردّ عليها وخرق اتفاقية وقف إطلاق النار التي كان تم التوصل إليها بين إسرائيل ومنظمة التحرير بوساطة أميركية. لكن عرفات امتنع عن خرف اتفاقية وقف إطلاق النار، على الرغم من ازدياد عمليات التفجير واتهامه لإسرائيل والموساد بالسعي لكسرها.

ونقلت الصحيفة عن أحد عناصر الموساد السابقين مفاخرته بأن الموساد درّب عناصر لبنانية وعلّمها نجاعة العبوات الناسفة، وكيف شاهد عن بعد تفجيرات طاولت شارعاً كاملاً في بيروت.

 

ومع بدء التخطيط للعملية في الاستاد، كان واضحاً للمجموعة الصغيرة أن تنفيذ العملية سيجر مباشرة الاتهامات لإسرائيل بالمسؤولية عنها، بحسب ما كتب رافي إيتان، وبالتالي سيعرفون ماذا يجب أن يكون ردهم، وهو مهاجمة إسرائيل، وخرق اتفاقية إطلاق النار وتوفير الذريعة لشارون بغزو لبنان.

وتدعي الصحيفة أن ثلاثة من العملاء اللبنانيين الشيعة تسلّلوا ليلة 10 ديسمبر/كانون الأول إلى الاستاد وقاموا بزرع العبوات الناسفة تحت منصة القيادة، وتحت مقاعد الاستاد، وقاموا بربطها بمفجر للعبوات يمكن تشغيله عن بعد، فيما كانت إسرائيل تُعدّ شاحنتين مفخختين لركنهما عند مدخل الاستاد.

وبحسب الصحيفة، فقد تمكن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أوري ساجي من كشف ما تخطط له مجموعة داغان، وأبلغ وزير الاتصالات مردخاي تسيبوري، مضيفاً أنه من المحتمل أن يجلس إلى منصة قيادة الاجتماع المخطط دبلوماسيون أجانب مما سيثير غضب العالم ضد إسرائيل.

ووفق رواية الصحيفة فإن مئير داغان، عندما طلب بيغن مثول المسؤولين عن العملية أمامه، ليلة التنفيذ، حاول إقناعه بأن "من زرع العبوات هم من الشيعة، وأنه في حال مقتل عرفات، لن تكون أيادي إسرائيل ملطخة، وأن المسألة ستكون "قضايا داخلية" ونحن خارج الصورة". لكن رئيس شعبة الاستخبارات، الذي تمت كل العمليات من وراء ظهره، أعاد على مسامع بيغن تحذيرات من احتمال وجود دبلوماسيين أجانب في الموقع، وأنه في حال إصابتهم بمكروه، ستكون إسرائيل في أزمة خطيرة جدا أمام العالم.

وبحسب رواية الصحيفة فإن بيغن طلب إلغاء العملية كلها قائلاً: "أعتقد أنه يجب أن نقتل عرفات ولكن بدون قتل مدنيين أبرياء".

وأحيا الفلسطينيون في مختلف مناطق الضفة الغربية، أمس الأربعاء، الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات، بفعاليات شعبية، حيث انطلقت مسيرات إحياءً للذكرى، واندلعت مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال أصيب خلالها عدد من الفلسطينيين.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة له بمناسبة ذكرى استشهاد عرفات: "نقولُ لشعبِنا المناضلِ الصابرِ الصامدِ في كلِ مكان، إِننا على العهدِ باقون وللأمانةِ حافظون، وسنبقى أوفياءَ لأرواحِ شهدائِنا، ودماءِ جرحانا، وعذاباتِ أسرانا".

وتابع، "نقفُ بكلِ شموخٍ وكبرياء، نواصلُ المسيرةَ بكلِ عزيمةٍ وإصرار، نحافظُ على حقوقِ شعبِنا وثوابتهِ الوطنية. إيماننا باللهِ وثقتنا بشعبِنا وعدالةِ قضيتِنا كبيران، لمْ ولنْ نحيدَ عنها مهما كانَ حجمُ التحدياتِ والضغوطِ التي نتعرضُ لها".