"حرب خطوط" في جولة المفاوضات الرابعة بين لبنان وإسرائيل

"حرب خطوط" في جولة المفاوضات الرابعة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود

11 نوفمبر 2020
المفاوضات الرابعة بين لبنان وإسرائيل (علي عبده/فرانس برس)
+ الخط -

 

انطلقت، اليوم الأربعاء، الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المباشرة بين الوفدين اللبناني والعدو الإسرائيلي في الناقورة جنوبيّ لبنان، برعاية الأمم المتحدة وحضور الوسيط الأميركي، على وقع جدال "الخطوط" واتّساع الهوّة في مواقف الطرفَيْن، وآخرها ما عبَّر عنه وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، الذي تحدث عن أجواء غير تفاؤلية نتيجة مطالب لبنان "القاسية"، على حدِّ وصفه.

وأشار بيان صادر عن حكومة الولايات المتحدة الأميركية، ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، إلى أنّ "المحادثات كانت مثمرة، وما زلنا نأمل أن تؤدي المفاوضات إلى حلٍّ طال انتظاره"، لافتاً، إلى أنّ الطرفين اتفقا على مواصلة المفاوضات في أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وساد التكتّم، اليوم، المفاوضات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وسط تدابير أمنية مشددة في محيط مكان عقد الاجتماع الرابع في مقرّ الأمم المتحدة، البعيد نسبياً عن النقاط المخصصة لوجود المصوّرين والمراسلين، والذي استمرّ هذه المرّة لأكثر من ستّ ساعاتٍ في ظل تسيير دوريات للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، في الناقورة.

ومن المتوقع أن يضع الوفد اللبناني الرئيس ميشال عون في صورة وأجواء الجولة والنقاط التي تمّ البحث فيها.

وقال العميد الركن المتقاعد أنطون مراد  لـ"العربي الجديد" إن "جولة اليوم ستكون حامية"، موضحاً أنه "في وقت قام فيه العدو الإسرائيلي باختلاق خطّيْن جديدَيْن، أحدهما بزاوية 310 درجات، ما يمنحه مساحة إضافية شمالاً، ويكبّر الهامش بين الخطّين اللبناني والإسرائيلي، بحيث تصبح مساحة التفاوض حوالى 5000 كيلومتر مربع، الأمر الذي من شأنه أن يجعل المفاوضات أكثر صعوبة".
ويرى العميد أنّ العدو الإسرائيلي أقدم على هذه الخطوة، وهي غير قانونية، من بوابة الاستفزاز، والردّ على الخط اللبناني الجديد، فيما يستند الخط اللبناني الجديد إلى اتفاقيات دولية، منها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، ولو أراد الوفد اللبناني استفزاز الجانب الإسرائيلي، لكان بإمكانه إثارة طروحات كثيرة، مثل الخط باللون الأزرق على الخريطة الذي يشكل امتداداً للحدود البرية، والخط البرتقالي الموازي لخطّ العرض، ليصل بذلك إلى حقلَيْ تامار ولفياتان.

ويبين أننا اليوم أمام "حرب خطوط، منها خط النقطة 23، خط النقطة 1، خط فريديرك هوف، والخط الإسرائيلي الجديد". ورسم خط "هوف" السفير الأميركي السابق فريدريك هوف، الذي كان يؤدي دور الوسيط الأميركي بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي عام 2012، وكان يقضي باقتسام مساحة 860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها.
وبموجب ذلك، يتراجع الطرف الإسرائيلي بما يقارب الستين في المائة، فتحوز تل أبيب 360 كيلومتراً مربعاً من أصل 860، بينما يحصل لبنان على ما يفوق 500 كيلومتر مربع، وكان رفض من الجانب اللبناني لمطالبته بكامل المساحة التي تعدّ ضمن حدوده وحقوقه المغتصبة.

وكان رئيس الوفد اللبناني، العميد الركن الطيار بسام ياسين، قد قال في كلمة له خلال الجولة الأولى من المفاوضات: إننا "هنا لنناقش ونفاوض حول ترسيم حدودنا البحرية على أساس القانون الدولي واتفاقية الهدنة عام 1949 الموثقة لدى دوائر الأمم المتحدة، واتفاقية بوليه – نيوكومب عام 1923، وتحديداً بشأن ما نصّت عليه حول الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة برّاً".
وهذه الوقائع والتطوّرات، على حد اعتبار مراد، قد تدفع الوسيط الأميركي إلى تنظيم التفاوض تفادياً للفشل، علماً أنّ لبنان يواجه نقطة ضعف كبيرة، ألا وهي غياب السلطة السياسية الواضحة والموحدة والجاهزة لاتخاذ القرارات، بحيث إن هناك سلطات عدّة، منها قوى سياسية خارج السلطة، يفترض بها أن تدعم الوفد، فكانت أول من هاجمه وشكّكت في "وطنية" أحد أهم أعضائه، وهناك في السلطة الرسمية، من اعتبر أنه سلّم الأمانة، بعد إعلانه اتفاق الإطار في خطوة اعتبرها بمثابة انتصار، مقابل سلطة لم تتمكن من ضبط نفسها في ظلّ هذه المهمّة الوطنية الحسّاسة، وبدأت تطالب بالصلاحيات الدستورية، في حين أن الرئاسة الأولى تتولى رعاية المفاوضات، وهذه جرأة من جانبها، لكنها تبقى رعاية فخرية، وهذه كلّها نقاط ضعفٍ استغلّها الإسرائيلي، وهذه عوامل تدفع الوفد اللبناني إلى القتال لخوض معركة منعزلة من دون حماية له أو تحصين من الخلف، والعدو طبعاً سيلجأ إلى تطويق وفد لبنان.
ويضم الوفد اللبناني، العميد الركن الطيار بسام ياسين، رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي، أعضاءً.

ويؤكد مراد أنّها لحظة اتخاذ القرارات الجريئة، موضحاً بقوله: "قد تتوقف هنا المفاوضات لفترة طويلة، بحيث يأخذ الوسيط الأميركي والراعي الأممي فترة من الوقت، للنقاش والبحث، ومحاولة الوصول إلى نتيجة مع الجانب اللبناني، باعتبار أنّ الأميركيين يعلمون ماذا يريد العدو الإسرائيلي. 
ويشدد على ضرورة أن تعتمد مجموعة السلطات في لبنان على التصلّب الواعي لتحقيق الانتصارات الفعلية، والابتعاد عن التعنّت الأعمى الذي لا يحقق إلّا انتصارات وهمية.
ودخل لبنان الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة، على وقع اعتراضين سُجّلا بوجه الوفد اللبناني المفاوض الذي اختاره الرئيس ميشال عون، الأول دستوري من جانب رئاسة الحكومة، والثاني صدر عن حركة "أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) و"حزب الله"، ببيان فجر المفاوضات التي انطلقت في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وحمل دعوة إلى إعادة النظر بتشكيلة الوفد بما ينسجم مع اتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس بري مطلع شهر أكتوبر، قبل أن تهدأ الأجواء بين الأفرقاء اللبنانيين، الذين اتفقوا على وضع الخلافات جانباً، وطيّ الصفحة، حفاظاً على الوحدة لمواجهة وفد الاحتلال الإسرائيلي.

المساهمون