أميركا تثبت الفائدة للحد من قوة الدولار وتداعيات الصين

أميركا تثبت الفائدة للحد من قوة الدولار وتداعيات الصين

19 سبتمبر 2015
جانب من تدافع المتداولين بسوق وول ستريت (أرشيف/Getty)
+ الخط -

يبدو أن قوة الدولار وتداعياته على الصادرات الأميركية، إضافة إلى أزمة الصين والمخاوف من انعكاسات رفع الفائدة على الاقتصادات الناشئة المثقلة بالديون، كانت وراء قرار مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" مساء أمس، بتثبيت رفع الفائدة.

ورغم أن البنك المركزي الأميركي أبقى الباب مفتوحاً لرفع الفائدة على الدولار خلال الشهور المتبقية من العام، إلا أن العديد من المصرفيين يعتقدون أن قرار رفع الفائدة الأميركية ربما لايحدث قبل حلول العام المقبل 2016.

في هذا الصدد قال الاقتصادي مايكل فيرولي من مصرف "جي بي مورغان"، "يبدو أن قوة الدولار والظروف المالية والاقتصادية عالمياً، أصبحت أكثر أهمية خلال الفترة الأخيرة، عما كانت عليه من قبل".

ويبدو تحديداً، أن قوة الدولار الذي كسبت قيمته 15% منذ بداية العام الجاري، هو الذي جعل مصرف الاحتياط الفدرالي يؤجل قرار رفع الفائدة". فالشركات الأميركية التي تعد من أكبر المتضررين من قرار خفض قيمة اليوان الصيني، تتخوف من تأثير قوة الدولار على مبيعاتها في الداخل وصادراتها للأسواق العالمية.

ومعروف أن قوة العملة تؤثر بشكل مباشر على سعر البضائع، حيث تقلل مركزها التنافسي مقارنة بنفس البضاعة المنتجة في دولة ذات عملة ضعيفة.

وتشير توقعات منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في توقعاتها الصادرة قبل يومين إلى أن تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني ربما يكبد العالم خسارة 7 ترليونات من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي البالغ 77.8 ترليون دولار.

ويذكر أن حجم السوق الاستهلاكي الأميركي يقدر بحوالى 11 ترليون دولار. وهذا المعدل يثير شهية المصدرين من أنحاء العالم، خاصة وأن المستهلك الأميركي في وضع مالي جيد بعد ارتفاع عدد الوظائف وتحسن الأجور.

من جانبها قالت الاقتصادية يلين زينتر من مصرف مورغان ستانلي إن "مصرف الاحتياط الفدرالي سيراقب بشكل لصيق حركة الدولار، وسيقرر على ضوئها عما إذا كان سيرفع الفائدة خلال ما تبقى من العام".

وثبت الاحتياطي الفدرالي مساء أمس معدل الفائدة قرب الصفر من دون تغيير، مشيراً إلى أن التطورات في الأسواق المالية والاقتصاد العالمي، لاسيما التقلبات في الصين وأسواق الأسهم، هي السبب وراء اتخاذ هذا القرار.

وأشار البنك المركزي إلى أن هذه التطورات ربما تقوض النشاط الاقتصادي نوعاً ما ومن المحتمل أن تتسبب في ضغوط على معدل التضخم نحو مزيد من الانخفاض.

وبموافقة 9 أعضاء مقابل رفض واحد فقط، أبقى الفدرالي على معدل الفائدة في النطاق بين الصفر و0.25%، ولكنه توقع رفعها في وقت لاحق هذا العام، وهو ما يعني أن البنك المركزي سوف يثير التكهنات مجدداً بشأن موعد اتخاذ القرار في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول.

اقرأ أيضاً: المركزي الأميركي يبقي أسعار الفائدة دون تغيير.. والدولار يهبط

وخفض البنك المركزي الأميركي توقعاته بشأن رفع معدل الفائدة على المدى الطويل إلى 3.5% من 3.8% في تقديرات أطلقها خلال يونيو/حزيران الماضي. ويتوقع الفدرالي أن يبلغ معدل الفائدة 0.4% خلال عام 2015، و1.4% في عام 2016، و2.6% في عام 2017، و3.4% في 2018، وهي توقعات تقل جميعها عن التقديرات السابقة. كما قلص توقعاته أيضاً بشأن التضخم هذا العام وفي 2016 و2017، مشيراً إلى أنه لن يبلغ المستهدف بنسبة 2% حتى عام 2018، وفي نفس الوقت، أعرب الفدرالي عن تفاؤله بشأن معدل البطالة مخفضاً توقعاته بشأنها في 2015 و2016 و2017 وعلى المدى الأطول.
 
وفيما يتعلق بالبيانات الاقتصادية، انخفض عدد طلبات إعانة البطالة بمقدار 11 ألفاً إلى 264 ألفاً خلال الأسبوع المنتهي في 12 سبتمبر/أيلول، وهو المستوى الأدنى في شهرين، كما انكمش عجز الحساب الجاري إلى 109.7 مليارات دولار (2.5% من الناتج المحلي الإجمالي) في الربع الثاني، وتراجع مؤشر المنازل التي جرى البدء في إنشائها بنسبة 3% إلى 1.13 مليون وحدة في الشهر الماضي.

ويتخوف مصرف الاحتياط الفدرالي أن يتسبب رفع الفائدة الأميركية في أزمة بالاقتصادات الناشئة واقتصادات جنوب شرقي آسيا، لأن هذه الدول استدانت بكثافة خلال الأعوام السابقة بالدولار الرخيص، وربما تتسبب قوة الدولار وخدمة السندات الدولارية التي استدانتها في أزمة سيولة، تقود تدريجياً إلى أزمة مالية تضاعف من تداعيات أزمة الصين على الاقتصاد العالمي.
 
في هذا الصدد قال كبير الاقتصاديين لدى شركة تومو كينوشيتا "تومو كينوشيتا": "الأمور في شرقي آسيا اختلفت اختلافاً جوهرياً الآن بالمقارنة مع عام 1997"، "وقد اتخذت السلطات تدابير احترازية لتجنب وقوع أزمة عملة"، وأضاف أن انخفاض قيمة العملة يعد عاملاً إيجابياً بالنسبة للصادرات وللقدرة التنافسية بشكل عام لتلك الدول الآسيوية". ولكن رغم هذه التطمينات لاتزال المخاوف قائمة.

وفي لندن، انخفضت الأسهم الأوروبية في مستهل تعاملات أمس الجمعة بعد التعليقات المتشائمة التي أدلى بها مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بخصوص حالة الاقتصاد العالمي، وهو ما طغى على إثر قراره الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.

وهبط المؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى واحداً بالمائة، بينما هبط مؤشر" يورو ستوكس 50 " للأسهم القيادية في منطقة اليورو 1.2%.

وقال بعض المتعاملين إن الغموض الذي يكتنف توقيت رفع مجلس الاحتياط لأسعار الفائدة يفرض المزيد من الضغوط على الأسواق. وفي أنحاء أوروبا تراجع مؤشر "فايننشال تايمز 100" البريطاني 0.1% عند الفتح بينما هبط مؤشر "كاك 40" الفرنسي 0.7% وداكس الألماني 0.5%.

وفي بورصة المعادن الثمينة في لندن هبط الذهب من أعلى مستوياته في أسبوعين أمس مبدداً بعض المكاسب الكبيرة التي سجلها على مدى اليومين الماضيين مع صدور قرار مجلس الاحتياي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي). ومعروف أن الذهب يعد أحد الملاذات الآمنة التي يهرع إليها المستثمرون في لحظات الأزمات.

وانخفض الذهب 0.3% إلى 1127.70 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 06.41 بتوقيت جرينتش بعدما قفز إلى أعلى مستوياته في أسبوعين عند 1133.20 دولاراً للأوقية في الجلسة السابقة. غير أن المعدن الأصفر لا يزال متجهاً إلى إنهاء الأسبوع على مكاسب تقارب 2.0% ليوقف موجة خسائر استمرت ثلاثة أسابيع.


اقرأ أيضاً:  الأزمات العالمية تدعم إمبراطورية الدولار

المساهمون