إنهم يكتبونني

إنهم يكتبونني

17 فبراير 2016

الكاتب التركي ناظم حكمت (Getty)

+ الخط -

ـ "نعيش اليوم إحدى لحظات التاريخ الكريهة بما يكفي لحفز إرادة عنيفة للخروج منها لدى الجميع، إلا أننا نعتبر أن الأهم ليس الخروج منها، بل عدم الخروج منها القهقرى، وإنه للخروج منها بشكل لائق بالإنسان، ربما كانت ثقافة عامة جيدة، أقل جوهريةً من نوع من حس اليأس. رغم الظواهر المشؤومة التي تسيطر اليوم في كل مكان تقريبا، لا نزال نعتقد أن ثمة مكانا مرموقا، في عداد قوى التحريض والدفع التي تسير بالبشرية نحو عرض البحر، أي نحو المستقبل، للفنان وشهوته، للفنان حلمه، للفنان ويأسه. ذلك أن اليأس ليس على الإطلاق بيئة راكدة تتخبط فيها إلى الأبد خيالات الضعفاء، اليأس لا ينتظر أبداً، اليأس دفّاق كالسيل، اليأس يقتحم الأبواب، اليأس يجعل المدن تتقصّف، اليأس هو العاصفة التي سوف تنضج في ظلها عوالم الخلاص غير المسموع بها"

الكاتب المصري جورج حنين من تقديمه معرض التشكيلي كامل التلمساني مارس/آذار 1941

ـ "إن أول ساعة ميقاتية يعرفها المرء هي أول رجل شرطة يتعامل معه، فهي تجلب معها كافة تلك القيود التي تحد من حريتنا الشخصية، إن ثمة غريزة طبيعية تدفع البشر إلى النضال ضد أية قوة تقمع إستقلاليتهم، إننا نستطيع أن نحب أي شيء بشرا وحيوانات وزهورا أو أحجارا، لكن لا أحد يحب رجل الشرطة".

من كتاب "حيونة الإنسان" لممدوح عدوان

ـ "ما أكثف الظلمة حولنا، تكاثفي حتى ينسانا العالم، وليختفِ كل شيء عن العين الضجرة. آن للقلب وحده أن يرى، أن يرى النشوة كنجم متوهج، وها هي تدبُّ في الأعماق كضياء الفجر، فلعل نفسك أعرضت عن كل شيء، ظمأ للحب، حُبًا في الحب، توقًا لنشوة الخلق الأولى، اللائذة بسر أسرار الحياة، التي خرجت من صراع مليون مليون سنة بنبتة باهرة مذهلة".

نجيب محفوظ من رواية "الشحاذ"

ـ "المتشككون محقّون عندما يؤكدون أن تاريخ الإنسانية سلسلة غير متناهية من الفرص الضائعة، ولحسن الطالع، وبفضل سخاء الخيال الذي لا ينضب، سنسدُّ الخلل، مالئين الثغرات بأفضل ما يمكننا، فاتحين معابر في الحارات المسدودة، والتي ستظل مسدودة، مخترعين مفاتيح لفتح أبواب صارت بلا أقفال، أو لم تكن بأقفال ذات يوم".

جوزيه ساراماغو من رواية "مسيرة الفيل" ترجمة أحمد عبد اللطيف

ـ "المادح كثيراً ما يكون عدواً مستقبليا".

سيوران 

ـ "لقد تعلمت، منذ مدة طويلة، أن مواجهة سمعة سيئة أسهل من مواجهة ضمير سيئ، كما أنني لست طماعا... وأعرف كيف أتحلى بالصبر، لعل تلامذتي لم يولدوا بعد، إن يوم بعد غد هو فقط الذي يهمني، فبعض الفلاسفة يولدون بعد أن يموتوا"

من رواية (عندما بكى نيتشه) للكاتب الأميركي إرفين د. يالوم، ترجمة خالد الجبيلي

ـ "الطفل الراكض فوق سقفي يزداد بدانة كل يوم".

أدهم الصفتي من نصوص "مزبلة الوعي الجمعي"

ـ "في درس التاريخ الأخير من السنة، أولد جو هانت الذي كان قد قاد تلاميذه الكسالى عبر حقب التيودوريين والستيوارتيين والفكتوريين والإدوارديين، وصعود الإمبراطورية وسقوطها اللاحق، دعانا إلى أن ننظر إلى كل تلك العصور، ونحاول أن نستخلص نتائجنا:

"ربما نستطيع أن نبدأ بالسؤال الذي قد يبدو بسيطاً، ما هو التاريخ، ألديك أفكار يا وبستر؟"

"إن التاريخ أكاذيب المنتصرين"، أجبتُ بشيئ من السرعة.

"نعم كنت أخشى أنك ستقول ذلك، جيد، ما دمت تتذكر أنه أيضا أوهام المنهزمين، سيمبسون؟"

كان كولن أكثر استعدادا مني: "التاريخ شطيرة بصل نيء يا سيدي"

"ما السبب؟"

"إنه فقط يعيد نفسه، إنه يتجشأ، لقد رأيناه مرارا وتكرارا هذه السنة، نفس القصة القديمة، نفس التأرجح القديم بين الاستبداد والتمرد، الحرب والسلام، الازدهار والفاقة".

"إن هذا كثير لتحتويه شطارة، ألا تعتقد ذلك؟"

وضحكنا أكثر بكثير من المطلوب بهستيرية ذلك العام.

"فن؟"

"التاريخ هو ذلك اليقين الذي يحدث عند النقطة التي تلتقي فيها عيوب الذاكرة مع عدم كفاية التوثيق".

من رواية "الإحساس بالنهاية" للروائي البريطاني جوليان بارنز ـ ترجمة خالد شقير

ـ "كان رجلاً وكان غريباً، لم يروِ قصته لأحد، لم يكن يعرف أنه قصة تُروى، كان يعتقد، كان يؤمن كما نؤمن نحن، وكان كما الجميع، ولكنه لم يخبر أحداً، لأنه كان لا يعرف أن الأشياء التي حدثت يمكن أن يخبرها لأحد. كان رجلاً وكان غريباً، رأى نفسه وسط الحكاية، ولم يسأل كيف بدأت، كان مشغولاً بنهايتها، وحين أتت النهاية، وجد أنه لا يعرف النهاية أيضا، وأن الآخرين لا يعرفون النهاية، لأن النهاية لا تعرف، لأن النهاية هي نهاية. كان رجلاً وكان غريبا".

 إلياس خوري من رواية (أبواب المدينة)

ـ "الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الفنان رؤيته هو الواضح، والشيء الوحيد الذي يستطيع العامة رؤيته هو الواضح، الذي ينتج عن ذلك هو النقد الصحفي".

أوسكار وايلد ـ ترجمة أمير زكي

ـ" ليس كل الكتاب العظماء أو البارزين متمردين، بل معظم الكتاب، في الحقيقة، في تناغم مبدئي مع ما يعدونه الثقافة السائدة... كما قال أورويل عن سلفادور دالي: من الممكن أن يكون المرء شخصاً مقرفاً ورساماً عظيما في آن واحد. وهكذا كان دالي. لذلك، يمكنك أن تكون مستشرقا إمبريالياً وكاتباً عظيماً في الوقت ذاته، راسكين مثلا كان عنصرياً، ورغم تأثيره في أناس مثل غاندي وتولستوي، إلا أنه كان إمبريالياً متمرساً وكان يعتقد فعلاً أن على إنجلترا أن تستعمر العالم، وقال ذلك علنا"

إدوارد سعيد من كتاب "السلطة والسياسة والثقافة" ـ ترجمة نائلة مجازي

ـ "مكتبتي تتألف من كتبٍ نصفها أتذكره ونصفها الآخر نسيته. لم تعد ذاكرتي الآن حادة، كما كانت، صارت الصفحات تتلاشى، حين أحاول أن أستعيدها. بعضها اختفت من خبرتي تماما، أمست منسية وغير مرئية، أخرى سكنتني على نحو مغو بعنوان أو بصورة، أو ببضع كلمات من نص. أي رواية تبدأ بهذه الكلمات "في أمسية ربيعية من عام 1890"؟، أين قرأت عن الملك سليمان، حين استخدم مرآة ليكتشف إن كان للملكة شيبا سيقان مشعرة؟ من كتب ذلك الكتاب الملفت "الطيران في الظلام" الذي أذكر منه وصفاً لرواق مسدود مليء بطيورٍ تخفق بأجنحتها؟ في أي قصة قرأت هذه العبارة "غرفة مكتبته المليئة بسقط المتاع"؟ أي مجلد على غلافه شمعة مضاءة، مرسومة بقلم شحمي كثيف على ورقةٍ بلون القشدة؟ في مكانٍ ما من مكتبتي ثمة أجوبة لهذه الأسئلة، لكني نسيت مكانها. غالباً، ما يسألني ضيوفي إن كنت قرأت كل كتبي، وغالباً ما أجيب بأني، بالتأكيد، فتحت كل كتاب منها. في الواقع، إن مكتبةً ما، مهما كان حجمها لا تحتاج كي تكون نافعة، أن تُقرأ بمجموعها، إذ أن كل قارئ ينتفع من التوازن المناسب بين المعرفة والجهل، التذكر والنسيان".

ألبرتو مانغويل من كتاب "المكتبة في الليل". ترجمة عباس المفرجي

ـ "كنت أنظر إلى أنوشكا، وأحدّث نفسي: هذا الجبين، يا إلهي، هذا الجبين وهذا الشعر وهذا الفم وهذا الأنف، وهذه العيون، لن أراها بعد الآن، ونحن المتيمين هياما، أبداً لم أشعر بقربها مني مثلما أشعر الآن، حتى في الفراش، غير أن هذه الحميمية بين كائنين، هذه الحميمية المفعمة بالثقة، والتي يكاد دمعي يسيل لعذوبتها، سوف تنتهي، وكل هذا، كل ما أفكره الآن، أعرف أنه رومنطيقية، ورومنطيقية، حياتي منذ سنين، رومنطيقية، ...حياة كل الناس الذين لم أعرف، والذين سأعرف، رومنطيقية، حياة الصوفي، وحياة بتروسيان، وحياة ماروسيا، وحياة أنوشكا، وربما رومانسية حياة المناضل الأحمر أيضا، الذي يمضي على جواده الراكض، إلى أين، إنه يمضي إلى الموت في أغلب الأحيان، لكن لأجل أن تكون الحياة أجمل وأنصف وأفضل وأعمق".

ناظم حكمت من رواية "الحياة جميلة يا صاحبي" ترجمة هشام القروي. 

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.