"البالة" تعيد العيد إلى العراقيين

"البالة" تعيد العيد إلى العراقيين

بغداد

كرم سعدي

avata
كرم سعدي
25 يونيو 2017
+ الخط -
عشرون ألف دينار عراقي أي ما يعادل 17 دولارا أميركيا، يعدّ مبلغاً كافياً بالنسبة لميسون ناصر، لشراء ملابس العيد لعائلتها. فميسون قرّرت أن تصطحب أطفالها إلى المتنزهات المتوفرة خلال أيام عيد الفطر، وتبدّل جو الحزن الذي عاشوه على مدى عامين بعد فقدان والدهم.

أسواق الملابس المستعملة التي تعرف في العراق باسم "البالة"، ساعدت ميسون على الاستعداد للعيد كما تشاء. ابنها عمر (10 أعوام)، كان قد اشترى بنطال جينز وقميصاً يحمل علامة ريال مدريد، النادي الإسباني الشهير الذي يعشقه، فيما اشترت نور وسلا، اللتان تصغران عمر بعامين، فستانين وقد أرادتا أن تكونا مثل فراشتين.

قُتل والد عمر على يد مجموعة من المليشيات في شمال بغداد في عام 2015. ومنذ ذلك الوقت، تعتمد الأسرة على المعونات التي تصلها من "أهل الخير"، بحسب الزوجة التي لم تجد عملاً يعينها على توفير احتياجات أسرتها. تقول ميسون لـ "العربي الجديد" إنها تقطن بيتاً بالإيجار مؤلّفاً من غرفتين، وتحاول جاهدة أن تنسي أطفالها ألم فراق والدهم. تقول إنّ "سوق البالة وفّر ما نحتاجه للعيد، إذ لا قدرة لي على شراء ملابس جديدة"، لافتة إلى أن "كلفتها تفوق قدرتي".

ما يهمّها أنّ أطفالها فرحوا جداً بملابسهم التي اختاروها بأنفسهم، وينتظرون قدوم العيد للخروج إلى المنتزهات والأماكن التي فيها ألعاب كما وعدتهم. وتوضح أنّ أحد فاعلي الخير تكفّل بنفقات رحلات العيد.

تزدحم أسواق الملابس المستعملة في العراق قبل حلول المناسبات السعيدة، كالأعياد، إضافة إلى مناسبات أخرى. وغدت هذه الأسواق المكان الأمثل للمواطنين لشراء ما يلزم من ملابس، إضافة إلى التجهيزات المنزلية والألعاب. وفي الأسواق الكبيرة المعروفة في المدن العراقية، لاسيما بغداد، تنتشر محال مستقلة لبيع "البالة"، ما يدل على إقبال شريحة واسعة من الناس على الشراء من هذه الأسواق.

في سوق "البالة" في منطقة الباب الشرقي، وسط بغداد، تصدح أصوات الباعة للفت انتباه المارة إلى بضاعتهم الجيّدة المعروضة على الطاولات، وكأنّ أصواتهم كافية لجذب الزبائن. يقول حيدر العرادي إنّه يمر يومياً من أمام هذا السوق أثناء توجهه إلى عمله، وقد اعتاد دخوله وتفقد البضائع الجديدة. ويؤكّد أنّه وعدداً كبيراً من زملائه الموظفين في وزارة الصناعة لا يستغنون عن هذا السوق. يضيف لـ "العربي الجديد": "أشتري الملابس لي ولأسرتي من البالة. الأسعار زهيدة والبضائع جيدة تعيننا على مواجهة الأسعار المرتفعة في باقي الأسواق". ويشير أنه "لولا أسواق البالة لما كنا قادرين على توفير احتياجاتنا من ملابس وبضائع أخرى مهمة. رواتبنا لا تكفي لسداد نفقات المعيشة".


العرادي وبعض زملائه اشتروا لوازم العيد من ملابس وهدايا بكلفة زهيدة. جواد حسن اشترى بدوره لأطفاله الملابس والألعاب. يضيف: "اشتريت مجموعة من الألعاب بـ 12 دولاراً، وملابس لأطفالي وعددهم أربعة، إضافة إلى ملابس لي وزوجتي بـ 24 دولاراً". ويلفت إلى أن "البضاعة في البالة جيدة ونظيفة. هي مستعملة لكنها جيدة".

إلى ذلك، رتّب عبد الرحمن العيساوي وعدداً من أصدقائه الثياب في أكياس خاصة، بحسب حجمها ونوعها، وقد اختاروا إعانة النازحين. يقول العيساوي: "من واجبنا مساعدة الآخرين"، مشيراً إلى أن "آلاف النازحين في حاجة إلى المساعدة. منذ ثلاثة أعوام، نعمل على جمع المال وشراء ملابس من البالة لسد حاجة النازحين".

وتنتشر في مناطق عراقية عدّة مخيّمات للنازحين آوت آلاف الأسر الهاربة من مناطق الصراعات التي فرض عليها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سيطرته. ورغم استعادة القوات الحكومية السيطرة على مناطق عدة، وطرد "داعش" منها، إلا أن عودة السكان ما زالت ممنوعة لأنها ليست آمنة بشكل كامل، في وقت لا تستطيع عائلات أخرى العودة إلى مناطقها بسبب تدمير منازلها.

في هذا السياق، يقول العيساوي، وهو طالب جامعي، لـ "العربي الجديد" إنه بمبادرة شخصية منه وعدد من الزملاء، قرروا تقديم العون للأسر المتضررة، خصوصاً النازحين. ويؤكد أنه وزملاءه، ورغم أنهم ما زالوا طلاباً ولا يعملون، إلّا أنّهم اقتطعوا جزءاً من مصاريفهم لهذا العمل. يوضح أن "سوق البالة يتيح لنا تقديم المساعدة للمحتاجين، فقد تمكنا من جمع مبلغ 500 ألف دينار (نحو 435 دولار)، واشترينا أكثر من 4 آلاف قطعة من الملابس". ويشير إلى أن الملابس التي اشتروها "ستفرح النازحين، خصوصاً الأطفال في أيام عيد الفطر".

من جهة أخرى، يقول هاشم الفريحي، الذي يملك محلاً للبالة، إن أيام العيد تعد من "أهم المواسم". ويوضح أن "غالبية المواطنين غير قادرين على مجاراة أسعار السوق، وزادت نسبة هؤلاء مع ظهور داعش"، ما أدى إلى نزوح آلاف العائلات.

ذات صلة

الصورة

مجتمع

تضيء فوانيس رمضان عتمة الليل في قطاع غزة، حيث أنهك القصف المتواصل للاحتلال الإسرائيلي سكان القطاع، للشهر الخامس على التوالي.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.