لا أعرف من يُملي عليّ هذه السطور

لا أعرف من يُملي عليّ هذه السطور

07 سبتمبر 2017
غونزالو مابوندا / موزنبيق
+ الخط -
شيء ما يدعوني

شيء ما يدعوني للرحلة في الغياب؛ شيء يوسّعُ لي سجادةً ويملأ الطريق رياحين؛ ولكن ما أقسى أن تكون حاضراً في العدم؛ وما أقسى أن تفسر هذا الوجود بشيء غير موجود؛ ومؤلمٌ جداً أن ترى نفسك غير قادرٍ على تغيير شيء في البناء؛ ولا تعرفُ لماذا تحاول تغييرَ شيء تجهلُ هويته، وأنت ترى الزخارفَ مزيفةً وما صنعته اليدُ طول الزمان. شيء ما يدعوني الآن للرحلة في الضباب.

■ ■ ■

هذه السطور

مَن يُملي عليَّ هذه السطور؛ وهل يريد العالمُ أن يتكلم عبر كلماتي الملحونة؛ وكيف اختارني لاحتمال هذا الثقل ولماذا. شيء ما يموت حين يموت في روحي الجمال وشيء ما يغيبُ حين تغيبُ عني المعاني؛ وهذه الحياة تنقصها صفة أخرى سأضيفها إلى بناء الكون؛ ولكن أين أجد هذه الصفة وأنا لا أعرف مَن يُملي عليّ هذه السطور، ومَن يجعل أناملي تخطَّ ما أجهل.

■ ■ ■

هذه اللغة

لا تعرفني هذه اللغة وأنا أكره حياتي؛ للصنبور لغة طفلٍ بريء، وللجدران القديمة أصواتُ جنٍ يضحكون. هذه اللغة ثقيلةٌ عليَّ وأنا لا أتقن شيئاً من حياتي المتواصلة بين الشك والتسكّع في شوارع عربية. في الصباح أطلع بعد طلوع العصافير، وفي الظهيرة لي موعدٌ مع شياطيني الغاضبين، وفي آخر الليل أتوسّل كائنات ما بعد الطبيعة؛ وأباتُ أشك بنفسي التي مازالت تدعوني للرحلة في الأبد.

■ ■ ■

هل أنت مختلفٌ

هل أنت مختلفٌ عن الذين يقفون على ضفة النهر. أنا لم أكنْ أصلاً وأشباحي يتكاثرون في الطرق وفي الخرائط؛ شيءٌ من قديمٍ يدعوني إليه الآن؛ وشخصٌ من قديم. أرى قوس قزح روضة أطفالٍ من زمن ثمود؛ وأنا طاولة حوار أعدّت لأشخاصٍ يجهلون لغة العالمين. أنا مختلفٌ عما تقول، ولكنني أراك في جانبي سائراً في نومه لا يود أن يفيق من رحلته الطويلة في شوارع الروح.

■ ■ ■

أعرف

أعرفُ أنك ستعودين يوماً ما وأراك تطرقين الباب؛ هنا أنتظرُ المجهول والوردة في روحي تموت وتحيا وتقول هكذا العدم الجميل. في العدم سأكون وردة في يد حورية أو كأساً في يد شهيد. أجل ستعودين وكلُّ العالم ينبغي عليه أن يعيدك؛ وأعرفُ أنّ الحجر الذي كان في الطريق، ليس إلا يداً تشيرُ إلى بيتنا القديم.

■ ■ ■

ربما كنتَ من ننتظر

ربما كنتَ من ننتظر، ولكننا لا ندري متى وأين كنا ننتظر. حضورُ العناكب يدلُّ على أن أحدَهم حاضرٌ هناك وغائبٌ هاهنا؛ وكنا ننتظر. كلَّ يومٍ تفتحُ الباب ريحٌ وتغلقه يدٌ وهناك فستانٌ على حبل غسيلٍ يبقى دليلَ الأبد، وهناك بائعةٌ جوّالة تطوي شوارعي التي لا تؤدي إلى شيء. شوارعُ تدخل شوارع وبينها تمتد شوارع ولا تنتهي؛ ربما كنتَ من ننتظر في تسكُّع هذه الشوارع.

■ ■ ■

لا شيء يدلُّ على شيء

لا شيء هنا يدلُّ على شيء. الرمزُ يفقد ذاكرته والطرقُ تدور بين الطرق ولا شيء يدلُّ على شيء. الكتابُ نافذةٌ عمياء والفراشات تريد أن تبقى قيد حريتها المطلقة وبساطة الشيء لا تشوّهُ إلا واقع العالم؛ وأدوات التشبيه حائلٌ بيني وبيني. جدارٌ قديمٌ بيني وبين أعماقي؛ ولا شيء يدلُّ على بيتي.


* شاعر ومترجم بين العربية والفارسية، من مواليد الأهواز عام 1983

المساهمون