نحن والسعال مدينة وحيدة

نحن والسعال مدينة وحيدة

13 ديسمبر 2017
"غاليري إطلاق النار"، لازلو موهولي-ناغي، رسم وفوتوفرافيا، 1927
+ الخط -

إلخ إلخ...

سنكتب لعرائس البحر عن ذكرياتنا
عن أوغاد بخوذات رسمية
في إناء الليل سكبوا دماً لا يُرى
ولِتطفُ على الأفق دمعتنا،
قررنا زفاف العقل واليقظة..
وانجراف الوساوس إلى ظاهر الكون

سنكتب أيضاً.. اللحظة العمياء التي فجرتنا
براكين صغيرة بفوّهات آثمة،
مزروعة في هباء مريض.

كعالم نمازحه بأقلام مكسورة
نكتب: ملهى لآلهةٍ لم تحظ بطفولتها
محسودون في انبلاجنا الضوئي
صوب تلة المخاطر سكبنا طريقا
من التواطؤ البري وفظاظة الحب.

سنصلب كل ربيع يفاخرنا بفراشات حزينة،
نقاتله بكواليس الضحك
ونشتق من كل صيف صفصافة لأشلائه..
لا بحر سوى البحر حين ترشقه جزيرتنا
بطيور بلا ملابس!

نقول عنك أيتها السماء
من قبيل الدفاع عن النفس
بأنك محجوزة كملجأ احتياطي لهم،
سقفُ من لا سقفَ يحضنه
حين نمطر على برزخ
الكتب،
وحين نحترم المسافة ما بيننا..
ونمنحك مقعدا في الشرود.

هي المسافة ما بيننا حلمٌ إذ
عقل طائر لم تفهميه
سنكتب موسيقى
نتيه مع السّحاب
نؤلّف شائعات طفولية لأعشاب البحر
ونقترح أسماء أليفة للجداول..

سنكتب لعرائس البحر عن المداشر والفيروسات
نُعرّفها على بهجة مجالسة مدمن على رصيف الأخبار
على عرسان فقراء تدفعهم رغبة في الحب إلى الانتحار.

رفعنا الكلفة، دفعنا الكفالات
فقط كي يعرف الناي كيف

نجّيناه من صلاة القصب
ولِتبرأ الشجرة من رهاب المعاول

سيدنا ظمأ
ديرنا نهر
صلاتنا ركض الوعول الرقطاء
في الهوامش المخرومة.


■ ■ ■


أرضنا المغمورة

هذه الأرض
كوكبا كانت أم ضربة حظ
ستتآكل كما رئتاي الوديعتان
في عيد الريح

وحين الملاحون يتبادلون الكؤوس
سيكون للتوت معنى آخر في رأسي
ربما فراغ في الألوان
ربما العالم.. وأغنية
أو شجرة تناست أخضرها
نكاية في الغابة.

أراهن على الساقطات بعد الآن
كما كنت أفعل أيام زهوي الأولى
أراهن على أحجار الماء
على البضاعة الرخيصة
الأوبئة أيضا لها في حقيبة يدي
متسع وصديق.

بعد الآن
لما يثمر السعال
سأُبهر المدينة
وأنا أقفز من غصن إلى قلب
بسهولة الضوء.

أيتها الأعالي المعكوسة
لك سأصلي في السهرة
لسكارى البادية
للساقطين
للأرض
سأهمس بلا صوت
من خلف الغروب
كما أطفال الملاجئ:
ماذا دهاك يا عصفورة؟
مقابل دفتر وسحابة
ابتسمي في وجهي
لأنطلق
أنطلق
إلى حيث لا يجب أن أكون.


■ ■ ■


الغامقون أيام الحصاد

ها هي الريح
مختالة
كأنها نحن
الغامقون أيام الحصاد
الباكون نهاراً
في كل أنواع الشوارع
الغامضون ليلا
كأن لا ليل لنا ولا فكرة
الحائرون كعيون أطفال
خلف زجاج بارد.

ها نحن أيضاً
فينا من الحزن الكثير
فينا نهايات البحر
والعطش الكامل
وفي أصابعنا
سرّ الأزرار
وبدايات الجداول
وبيننا جليد ما
كالجليد حقاً
ومغارات غادرت سكانها.

نحن
أطفال الله المشتعلون
بائعو المطر، غزاة الكبريت
كأننا الحنين تارة
أو الغبار الذي خبأته النوافذ
تحت ذنوب النمل
وها هي الريح الآن
تُنكّل بالصيد
إنها تناضل لأجل العسل.

نحن والسعال
مدينتان
أو معاً
مدينة وحيدة

وها هي الريح
صديقتنا البالية
تصعد إلى بارئها
ممتلئة بالفشل
لكننا معاً
معاً خلف زجاج النافذة.


* شاعرة من الجزائر

المساهمون