رابعة العدوية.. من يملك أرشيف المجزرة؟

رابعة العدوية.. من يملك أرشيف المجزرة؟

13 اغسطس 2015
من يملك أرشيف المجزرة؟ (فرانس برس)
+ الخط -
قرار فضّ الاعتصام بأوامر من النيابة العامة، هكذا استيقظ المعتصمون بميدان رابعة العدوية صبيحة الرابع عشر من أغسطس/آب 2013 على أصوات قوات الشرطة والجيش المحاصرة لميدان رابعة العدوية وميدان النهضة، استيقظ المعتصمون على زخات الرصاص من فوقهم ومن أسفل منهم، وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، عشرات الآلاف من المعتصمين بين رجال ونساء وشيوخ وأطفال كانوا موجودين في ذاك اليوم الأليم.


وفي المقابل لم يكن يملك المتظاهرون غير حناجرهم التي ارتفعت بالهتافات التي تؤكد على الثبات والصمود والتحدي، وإن كان القتل والتصفية هو النتيجة. رابعة العدوية بالفعل كانت أسوأ عملية قتل جماعي في التاريخ المصري الحديث والقديم.

الشرطة وطبقاً لشهادة الصحافيين والمنظمات الحقوقية سواء الوطنية أو الدولية، استخدمت القوة المميتة المفرطة وتعمدت إزهاق الأرواح بشكل غير آدمي. الشرطة المصرية مدعومة بقوات من الجيش قامت بفض اعتصام رابعة، بعد أكثر من 48 يوماً قضاها المعتصمون هناك.
14 ساعة هو الوقت الذي استغرقته عملية الفض، ارتكبت فيها قوات الشرطة والجيش كل الموبقات بحق المعتصمين السلميين.

كم عدد ضحايا المجزرة
رغم مرور عامين كاملين على مجزة رابعة العدوية والنهضة والتي تعد أكبر مجزرة ضد اعتصام سلمي في تاريخ العالم الحديث، حتى الآن لم يتم تحديد رقم موثق لعدد الشهداء في المجزرة.

في هذا التقرير نجتهد في رصد البيانات المنشورة في كل المصادر المتاحة، ومنها البيانات الرسمية الصادرة من الدولة والبيانات الصادرة من الإخوان وتحالف دعم الشرعية والبيانات الصادرة من منظمات حقوقية سواء وطنية أو دولية.

أولاً: البيانات الرسمية الصادرة من الدولة
جاءت البيانات الصادرة من الدولة متناقضة ومتضاربة في أحيان كثيرة.
15 أغسطس/ آب 2013، قالت وزارة الصحة في بيان لها، إن أعداد الضحايا في رابعة العدوية 288 قتيلاً.

وفي 13 سبتمبر/ أيلول 2013، قال المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي هشام عبد الحميد، إن إجمالي عدد الوفيات في أحداث فض اعتصام رابعة العدوية بلغ 333 حالة، بينهم 247 حالة معلومة (هويتها) و52 حالة مجهولة، و7 حالات من الشرطة.

و فى 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، أعلن الطب الشرعي، فى بيان رسمي جديد له، أن إجمالي عدد ضحايا رابعة 377 قتيلاً، منهم 31 جثة مجهولة الهوية.

كذلك أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان المعين من قبل سلطة الانقلاب تقريراً قال فيه إن أعداد قتلى اعتصام رابعة العدوية 632 قتيلاً.

في 25 نوفمبر 2014 أصدرت لجنة تقصي الحقائق المعروفة باسم لجنة تقصي 30 يونيو برئاسة الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض تقريرها النهائي بشأن أحداث رابعة والنهضة، وقال التقرير إن إجمالي الضحايا 860 قتيلاً.

ثانياً: البيانات الصادرة من الإخوان وتحالف دعم الشرعية
المستشفى الميداني برابعة العدوية، قال قبل حرق المستشفى وإخراج الأطباء والمصابين منه، إن المستشفى استقبل حتى الآن 2200 شهيد.

15 أغسطس/ آب 2013، قال التحالف الوطني لدعم الشرعية إن إجمالي الوفيات فى فض رابعة العدوية وحدها بلغ 2600 شخص، وهو نفس العدد الذي تحدثت عنه المستشفى الميداني في رابعة في ذلك الوقت.
بينما تحدثت جماعة الإخوان المسلمين وعدد من القيادات أن عدد الضحايا بلغ 3000 شهيد.

ثالثاً: البيانات الصادرة من جهات ومنظمات حقوقية وطنية ودولية
ونرصد هنا أهم ثلاث جهات وجاءت كالآتي:
ويكي ثورة
في مايو/أيار 2014، قدر موقع ويكي ثورة عدد القتلى في أحداث رابعة العدوية والنهضة بـ 1542.

هيومن رايتس ووتش
في 20 أغسطس/ آب 2013، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش فى بيان لها، إن استخدام قوات الأمن للقوة فى فض اعتصام رابعة العدوية يعد أسوأ حادث قتل جماعي فى التاريخ المصري الحديث، حيث بلغ عدد الضحايا على الأقل 337 قتيلاً.

آخر تقرير لـ"هيومان رايتس ووتش"، والمكون من 188 صفحة والذي أعلن رسمياً يوم 12 أغسطس/ آب 2014 تحدثت فيه عن قتل 1150.

رابعة بين الرواية والتوثيق
كتاب إلكتروني أطلقه عدد من النشطاء تحدث عن رصد وتوثيق 825 حالة قتل في فض رابعة والنهضة.

هل أنصفنا شهداء رابعة
أنا أتفهم عدم اكتراث السلطة الانقلابية بتوثيق عدد ضحايا رابعة العدوية لأن هذا في النهاية أمر يدينهم، لكن ما لا أستطيع فهمه لماذا لم تكن هناك محاولة جدية من الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية لرصد وتوثيق المجزرة، وفي رأيي هذا الأمر لا يقل جرماً عن قتل المعتصمين.

كيف لمجزرة بحجم رابعة العدوية، لا يتم توثيق أرقام الضحايا فيها بشكل دقيق حتى من أجل حفظ التاريخ للأجيال القادمة. 

نعم تم حرق المستشفى الميداني بوحشية، والذي كان يسجل أسماء وأعداد الشهداء، ولكن كان بإمكان الإخوان تدارك الأمر بعد ذلك. فالإخوان المسلمون هم الفصيل الوحيد الذي كان يستطيع حصر الأعداد بشكل جيد ودقيق من خلال أفراد التنظيم الموجودين بطول البلاد وعرضها، وهذا على حد علمي لم يحدث، نعم حدثت مبادرات فردية ولكن هذه القضية لم يتبنَّها التنظيم.

رابعة العدوية إن لم نستطع تقديم المتورطين فيها للعدالة، فلا أقل من حفظ التاريخ وتقديم الحقيقة موثقة للأجيال القادمة.
إن لم نستطع أن ننصف أهل رابعة وهم أحياء، فلا أقل من إنصافهم وهم أموات.
إن لم نستطع أن ندين ونحاسب السلطة الانقلابية الآن، فلا أقل من إدانتهم ومحاسبتهم تاريخياً.

ستظل رابعة الجرح الغائر في صدر هذا الوطن.
وسيظل السؤال يحتاج إلى إجابة.. من يملك أرشيف المجزرة؟

(مصر)

المساهمون