رسوم الجامعة اللبنانية ترتفع عشرة أضعاف

رسوم الجامعة اللبنانية ترتفع عشرة أضعاف.. وتحرّك طالبي غداً لكسر "امتيازية" التعليم

16 اغسطس 2023
من تحرّك سابق للدفاع عن الجامعة اللبنانية (فيسبوك)
+ الخط -

وجّهت الجامعة اللبنانية صفعة جديدة لطلابها من خلال قرار مفاجئ يقضي برفع رسوم التسجيل في هذه المؤسسة التعليمية العامة بنحو عشرة أضعاف، في حين يتخبّط اللبنانيون بمعظمهم في أزمة معيشية خانقة.

وقد أثار القرار حفيظة الطلاب الذين يكافحون لمتابعة تحصيلهم الجامعي، والذين يجهد ذووهم من أجل الصمود وتوفير لقمة العيش لعائلاتهم. ورأى البعض أنّ القرار يأتي من بين المحاولات المتواصلة لضرب القطاع الرسمي وجعل التعليم امتيازاً محصوراً بفئة دون سواها.

فالرسوم الجديدة، التي لا تتناسب مع أوضاع شريحة كبيرة من العائلات في لبنان، قوّضت المتنفّس الأخير للطلاب اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين الذين كانوا يعوّلون على الجامعة اللبنانية بوصفها أحد الصروح المعروفة بجودة تعليمها وموثوقية شهادتها ورسوم تسجيلها المتواضعة، مقارنة بكلفة التعليم في الجامعات الخاصة.

وقد حدّد القرار الجديد رسوم التسجيل في مرحلة الإجازة الجامعية بـ 13.5 مليون ليرة لبنانية (نحو 150 دولاراً أميركياً بحسب سعر صرف السوق الموازية) للطلاب اللبنانيين و60 مليون ليرة (نحو 670 دولاراً) للأجانب، فيما بلغت رسوم مرحلة الماجستير 18 مليون ليرة (نحو 200 دولار). أمّا رسوم التسجيل في مرحلة الدكتوراه فحُدّدت بـ 22 مليون ليرة (نحو 245 دولاراً) للبنانيين و600 مليون ليرة (نحو 6.700 دولار) للأجانب.

يُذكر أنّ الطلاب الفلسطينيين في لبنان والطلاب الأجانب المولودين من أمّ لبنانية يُعاملون بمثل معاملة الطلاب اللبنانيين، وبالتالي يسدّدون رسوم التسجيل المخصّصة للبنانيين وليس للأجانب.

وكشف كريم صفي الدين، أحد منسّقي شبكة "مدى" الشبابية السياسية المعنيّة بإعادة دور الشباب على المستوى الوطني، في حديث إلى "العربي الجديد، أنّ النادي العلماني في صدد تنظيم تحرّك احتجاجي، غداً الخميس، أمام الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية في بيروت، تحت شعار "لا لرفع أقساط الجامعة اللبنانية".

وأسف صفي الدين لأنّ "القرار يلزم الفئات المتضرّرة في المجتمع بدفع كلفة الانهيار، في حين أنّها تعاني من تحديات استثنائية كبيرة جداً، وسط غياب دولة فاعلة تُحسِن إدارة الأزمة والتناقضات الحاصلة ما بين مصالح الأساتذة وحقوق الطلاب"، مؤكداً أنّ "كل الفئات المتضرّرة تدفع اليوم الثمن".

ورأى صفي الدين أنّ "الارتفاع المفاجئ في رسوم التسجيل هو نتيجة حتمية لغياب خطة مالية شاملة تدير الأزمة وتطرح خريطة طريق إنقاذية للبلاد تستهدف كلّ الفئات المتضررة". وسأل: "هل يُعقل أن ترتفع رسوم التسجيل من معدّل ثمانية دولارات أميركية في السنة إلى ما معدّله 100 دولار؟ لن نسكت وسوف نواصل التصعيد لاسترداد مستحقات الجامعة المنهوبة بملف الفحوص الخاصة بكورونا، وتفعيل الإنتاجية في الجامعة، وتحقيق موارد مالية مستقلة، وتعزيز الإدارة المالية الفعالة وترشيد الإنفاق".

من جهته، قال جوزاف راجحه، طالب هندسة داخلية في الجامعة اللبنانية لـ"العربي الجديد": "نحن ضدّ رفع رسوم التسجيل، لأنّها ليست في محلّها. وقد وصلنا أنّها سوف تبلغ حدود 150 دولاراً بالحدّ الأدنى، في حين أنّ طلاب الجامعة اللبنانية هم بمعظمهم من الفئة الأكثر معاناة من الأزمة ومن صعوبة المواصلات وكلفتها الباهظة".

ويشدّد راجحه على أنّ القرار "تعسفي وعشوائي يصبّ في إطار سلسلة قرارات ونهج تعتمده وزارة التربية والتعليم العالي ورئيس الجامعة اللبنانية لتدمير الجامعة اللبنانية"، وبالتالي "لن نسكت وسوف نتحرّك غداً كي نرفع الصوت".

ويوضح راجحه أنّ "الجامعة اللبنانية نشأت لتكون شبه مجانية، من أجل ضمان حقّ التعليم للجميع، وهو حقّ أساسي. فكيف يرفعون رسوم التسجيل وكيف نكفل ألا ترتفع مجدداً في العام الدراسي المقبل؟ هل على الطالب دفع ثمن سرقتهم وهدرهم وسياساتهم التعسفية وغير المسؤولة منذ سنوات طويلة؟ أين أموال الجامعة اللبنانية المستحقة من فحوص كورونا؟".

ويلفت راجحه إلى أنّ "ثمّة طلاباً لن يتمكّنوا من التسجيل للعام الدراسي 2023-2024، إذ من بينهم أشخاص يعملون لتأمين مصاريفهم اليومية ومساعدة أهلهم، بالتوازي مع متابعة دراستهم. وهؤلاء يعانون ظروفاً صعبة، لذا سوف تحرمهم رسوم التسجيل الجديدة من مواصلة تحصيلهم الجامعي".

في الإطار نفسه، تقول صبا حمدان، طالبة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، إنّ "الجامعة اللبنانية هي الملجأ الوحيد للطلاب غير القادرين على تحمّل أقساط الجامعات الخاصة. إنّه قرار ظالم، لا سيّما أنّ الجامعات الخاصة بمعظمها صارت تطمح للربح غير المقبول على حساب الطلاب". تضيف حمدان لـ"العربي الجديد" أنّ "الجامعة اللبنانية هي الجامعة الوحيدة التي تعطي أملاً لمحبّي العلم، ومن حقّي أن أتعلّم في جامعة وطنية شبه مجانية من دون التفكير بكيفية تأمين الرسوم، خصوصاً أنّنا لا نملك أيّ وقت للعمل في فصل الصيف، نظراً إلى تمديد فترة الامتحانات النهائية".

وتأسف حمدان للقرار الذي "يغطّي خسائر الجامعة على حساب الطلاب الذين يتحدّرون بمعظمهم من الطبقة الفقيرة"، مطالبة بتوفير تمويل الجامعة الوطنية من مصادر أخرى. وترى ضرورة "معالجة مكامن الهدر ومحاسبة الفاسدين في الجامعة، بالإضافة إلى تحصيل أموال الجامعة المستحقّة من شركة طيران الشرق الأوسط (ميدل إيست)، والتي تبلغ أكثر من 52 مليون دولار".

أمّا جمال عبد الناصر الرمح، طالب في الصحافة في الجامعة اللبنانية، فيصف زيادة رسوم التسجيل بأنّها "عشوائية إذ قاربت عشرة أضعاف، وأتت من دون خطّة مدروسة أو أيّ ضمانات بأنّ الزيادة سوف تذهب لمصلحة الجامعة. فالزيادة في العام الماضي لم تؤدّ إلى أيّ تحسين في الجامعة. ثمّة كليات ما زالت تعاني من انقطاع في التيار الكهربائي ومن فقدان الأوراق الخاصة بالامتحانات ومستلزمات أخرى كان يضطر الطلاب إلى إحضارها بأنفسهم".

ويتابع الرمح: "من غير الممكن أن نغفل معاناة الطلاب السوريين مع الرسوم الجديدة التي سوف تلزمهم بسداد رسوم تسجيل تقدّر بنحو 600 دولار. فكيف سيواصلون تحصيلهم الجامعي؟".

بدورها، تعرب الطالبة حنين محمد، عضو لجنة الإعلام في "الاتحاد الطلابي العام"، عن استيائها الشديد من "الأوضاع المعيشية الصعبة التي أوصلتنا إليها السلطة". وتقول لـ"العربي الجديد": "نرفض توزيع الخسائر على الطلاب بعد أن سلبونا حاضرنا ومستقبلنا ودمّروا الجامعة الوطنية، نتيجة السياسات التي يتّبعونها لخدمة مصالحهم الشخصية التحاصصية على حساب مصالح المجتمع".

تضيف محمد: "للأسف، فإنّ هدف السلطة هو ضرب التعليم، خصوصاً الرسمي. وبحسب ما يبدو إنّها سياسات وقرارات ممنهجة ومقصودة"، مشدّدة: "لن نسكت وسوف نبقى في المواجهة".

وكان "الاتحاد الطلابي العام" قد دعا بدوره إلى التحرّك المشترك، غداً الخميس، تحت شعار "ميزانية الجامعة اللبنانية ليست من جيوبنا، إنّما بتغيير سياساتكم".

المساهمون