جامعات لبنان تتجه نحو رفع الأقساط وتهديد مستقبل الطلاب

جامعات لبنان تتجه نحو رفع الأقساط وتهديد مستقبل الطلاب

08 ديسمبر 2020
عبّرت الجامعة الأميركية في بيروت عن خشيتها من تفاقم الأزمة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

اتخذت الجامعة الأميركية في بيروت قراراً بزيادة أقساطها من خلال إعلانها، اليوم الثلاثاء، في رسالة صادرة عن رئيسها فضلو خوري، اعتماد سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار، بينما سعر الصرف الرسمي لا يزال 1515 ليرة لبنانية.

وأحدث القرار بلبلة كبيرة في الأوساط الطالبية، التي بات مصيرها مهدّداً في ظلّ تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع معدّل البطالة والفقر والجوع، والمرجّح وصولها إلى مستويات خطيرة جداً بالتزامن مع بدء إجراءات رفع الدعم عن مواد غذائية وسلع أساسية في حياة المواطن، التي من شأن أسعارها أن تحلّق بعيداً، على خطّ سعر الصرف في السوق السوداء الذي يتخطى عتبة 8000 ليرة لبنانية.

وعزت الجامعة الأميركية في بيروت قرارها إلى ما يواجهه لبنان من تحديات تاريخية وصعبة تسبّبت بمعاناة الكثيرين في مختلف القطاعات والمؤسسات، من ضمنها الصرح الجامعي، ما يفرض عليها البحث عن طرق للبقاء على قيد الحياة والصمود خلال هذه الفترة بهدف النهوض بشكل أقوى في المستقبل.

وأضاف البيان "غادر أكثر من 1500 موظف الجامعة نتيجة تسريح العمّال وعدم تجديد العقود، والتقاعد، والإجازات غير المدفوعة والاستقالات، بينما قرّر مئات الطلاب متابعة دراستهم في أماكن أكثر استقراراً، في حين أنّ الجامعة واجهت بدورها انخفاضاً صادماً في الإيرادات، ومع ذلك، تمكنّا من تسجيل مجموعة متميّزة من الطلاب الجدد، واحتفظنا بالغالبية العظمى من طلاّبنا الدائمين وأعضاء هيئة التدريس والموظفين المتفانين".

ولفتت الجامعة، التي أعلنت قبول دفع الأقساط بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف 3900 ليرة أو اليورو أو الدولار، إلى أنّها عبّرت في رسالة سابقة، بتاريخ 15 يونيو/حزيران الماضي، عن خشيتها من تفاقم الوضع الاقتصادي والأزمة، وتزايد الفجوة بين العائدات التي تجمعها الجامعة بالليرة اللبنانية والنفقات المُلزَمة بدفعها بالعملة الصعبة، لذلك كان قرارها اعتماد سعر الصرف المعتمد في المنصة الإلكترونية لدى الصرّافين، والتي أطلقها مصرف لبنان المركزي بعد اجتماعات ومناقشات مكثّفة.

وناشدت الجامعة الأميركية في بيروت العائلات التي تستطيع تحمّل التكاليف وتتقاضى رواتبها من خارج لبنان، أو تملك ودائع مصرفية في الخارج، تسديد القسط الجامعي بالدولار عوضاً عن الليرة اللبنانية.

هذه الخطوة، التي كانت سبقتها إليها الجامعة اليسوعية في تعديل سعر الصرف المعمول به لتقاضي الأقساط، تمهّد إلى مزيدٍ من القرارات الشبيهة التي تدرس الجامعات الخاصة في لبنان اتخاذها في ظلّ أزمة الدولار والضائقة الاقتصادية. ودفع الأمر بمجموعات مدنية طالبية للدعوة إلى اجتماع، يوم السبت المقبل، للتباحث في الخطوات المقبلة، لمواجهة قرار رفع الأقساط الجامعية المجحف والضغط على وزارة التربية لوقف "هذه المهزلة"، كما أسموها، ومعالجة المسألة.

وتضع هذه القرارات الجديدة الطلاب الذين يدرسون في جامعات لبنان في الخانة نفسها مع أولئك الذين يدرسون في الخارج، ويعجزون عن دفع أقساطهم نتيجة إجراءات المصارف التي تحجز ودائعهم بالعملة الصعبة، ما يهدّد مسيرتهم الأكاديمية.

في هذا الإطار، استقبل الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس الاثنين، وفداً من جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج، واطلّع منهم على الصعوبات التي برزت في آلية تطبيق القانون المعروف بـ"الدولار الطالبي"، الذي أقرّه مجلس النواب أخيراً ووقّعه رئيس الجمهورية قبل ثلاثة أسابيع، الأمر الذي سبّب زيادة معاناة الطلاب اللبنانيين في الخارج.
 وأوضح أعضاء الوفد أنّ الطلاب الجامعيين اللبنانيين في الخارج، والبالغ عددهم نحو عشرة آلاف طالب، "يعيشون أبشع العذاب في بلاد الاغتراب وينتظرون المصير المحتوم بعدما سُدّت في وجههم كلّ الخيارات لمتابعة دراستهم الجامعية، بانتظار الإسراع في تنفيذ القانون رقم 193 المتعلّق بالدولار الطالبي".

واقترح الوفد حلّ هذه المعضلة من خلال خيارين: الخيار الأول يأخذ بالاعتبار الأزمة الاقتصادية، ويقضي بتقسيط مبلغ 10000 دولار لكلّ طالب على دفعات، بهدف إبقاء الطلاّب في جامعاتهم قبل فوات الأوان، وتحديداً قبل نهاية العام الحالي، وإلاّ سوف يُصرفون من جامعاتهم. والخيار الثاني هو العمل مؤقتاً بتعميم حاكم مصرف لبنان الموجّه إلى الصيارفة والمتعلّق بالطلاب، مع إجراء بعض التعديلات عليه لجهة دفع مبلغ 5000 دولار لكلّ طالب مستوفي شروط قانون الدولار الطلابي 193، ولكن على سعر صرف 2500 ليرة للدولار، مع ضرورة ضبط عمليات الصرف من محلات الصيرفة (فئة أ)، عن طريق تشكيل لجنة من جمعية أهالي الطلاب في الخارج ونقابة الصيارفة، علماً أنّ التجربة مع هؤلاء في السابق كانت غير موفّقة بسبب ظاهرة الفساد التي شابتها بعيداً عن الرقابة.

 

ولفت الوفد إلى أنّ الصيارفة لم يسلّموا الأهالي إلاّ مبلغ 300 أو 500 دولار أميركي، ولمرّة واحدة، وحتى اللحظة لم يُسمح بالتحويلات مرة ثانية، علماً أنّ هذه المبالغ تغطّي المصاريف على ثلاث سنوات.
 وردّ الرئيس عون مؤكداً للوفد أنه يعيش يومياً معاناة الطلاب الجامعيين في الخارج، وهو يسعى لحلّ سريع لتطبيق "قانون الدولار الطالبي"، وأنّه سوف يعمل مع الجهات المعنية للتجاوب مع مطالب الأهالي وتأمين وصول المال اللازم إلى طلابهم في الخارج، وضبط آلية تنفيذ القانون على نحو يعود بالفائدة على الأهالي ويمنع أيّ تجاوز أو استغلال من أي جهة كانت.

المساهمون