لبنان: الطفلة جودي يتيمة بعد مقتل والديها بحادث سير مروّع

لبنان: الطفلة جودي يتيمة بعد مقتل والديها بحادث سير مروّع

06 ديسمبر 2020
انتشرت صورة المسعف في الصليب الأحمر اللبناني مع الطفلة جودي بشكل واسع (فيسبوك)
+ الخط -

 

ليست المرة الأولى التي تُزهق فيها أرواح اللبنانيين والمقيمين على "طرقات الموت"، كما باتت معروفة في لبنان، غير أنّ حادث السير المروّع الذي وقع ليل أمس السبت على أوتوستراد الأسد في بيروت باتجاه الجنوب، أعقبه انتشار واسع لصورةٍ مؤثّرة  على مواقع التواصل الاجتماعي، لمتطوّعٍ في الصليب الأحمر اللبناني، وهو يحتضن ابنة السنة والأربعة أشهر، التي نجت بأعجوبة، علّه يعوّضها حنان أبوين فقدتهما على غفلةٍ، في مشهدٍ جسّد أرقى معاني الإنسانية.

متطوع في الصليب الأحمر يحمل طفلة فقدت والديها في حادث سير البارحة... الحب الحب ❤️

Posted by Patricia Daher on Sunday, December 6, 2020

وكان الحادث قد سبّب مأساة عائلية بعد مقتل والدَي الطفلة جودي، وهما في عمر الشباب، فيما تمكّنت والدتها من إنقاذها بعد أن احتضنتها.

حسن الماس زنجي (36 عاماً)، عضو نقابة خبراء المحاسبة في لبنان، وزوجته نهى الحجار (34 عاماً)، رحلا تاركين خلفهما غصّةً كبيرة وجرحاً عميقاً لعائلتين مفجوعتين، ولعموم اللبنانيين الذين تداولوا الحادثة الأليمة.

 يتحدّث عمّ نهى، الأستاذ المتقاعد فؤاد الحجار، عن الحادثة، ويروي لـ"العربي الجديد" كيف أنّ "نهى، ابنة بلدة شحيم (إقليم الخروب، جبل لبنان) وزوجها كانا عائدَين من منزل أهلها، المقيمين في بيروت، إلى منزلهما في صيدا (جنوبيّ لبنان) برفقة ابنتهما، عندما وقع الحادث، وما زلنا ننتظر التحقيق لمعرفة ما إذا كانت قد سقطت عليهما سيارة من فوق الجسر عند المدينة الرياضية، أو أنّها انقلبت من خط السير الثاني".

ويقول: "غمرت نهى ابنتها وأنقذتها، حيث أُصيبت الطفلة بشُعرٍ في الجمجمة، ولا تزال في مستشفى بهمن في بيروت، غير أنّ وضعها مقبول وإلى تحسّن". ويضيف: "نهى يتيمة الأب، وقد تزوّجت بحسن منذ نحو 6 سنوات، بعد أن تعرّفت إليه في مكان عملهما في تعاونية لبنان. انتظرتْ طويلاً نعمة الإنجاب، فكانت لها جودي بعد علاجٍ دام قرابة 4 سنوات، إلا أنّها ترحل اليوم عنها وعن والدتها وشقيقتيها، لمى وديما".

ويختم الحجار بالقول: "هذا وضعنا في لبنان، ما دمنا لا ننعم بدولةٍ حقيقية تقف على قدميها، فالشعب سيواصل العيش وكأنه في غابة، ماذا يمكننا أن نقول بعد؟!".

من جهته، والد حسن، الأستاذ المتقاعد، أديب الماس زنجي، يتحسّر على فقدان ابنه الوحيد لشقيقتين، ويقول لـ"العربي الجديد": "كان حسن يسير بسرعة لا تتجاوز 50 أو 60 كلم بالساعة، وفق ما أفادنا مخفر قوى الأمن الداخلي، وفجأة قفزت سيارة مسرعة وسقطت على سقف سيارة ابني، غير أنّ القدرة الإلهية ألهمت الأم، فكان أن استدارت وغمرت ابنتها الموجودة على الكرسيّ الخلفي في المقعد المخصّص للأطفال". وعن الوضع الصحي لجودي، يطمئن إلى أنّه "ما من شيء خطير يدعو إلى القلق، لكنّها لا تزال في قسم الطوارئ تحت المراقبة، وستخرج من المستشفى غداً أو بعد غد".

وإذ يشير الوالد إلى أنّ "مدينة صيدا ستودّع غداً ابنه حسن، المدير المالي لدى "تعاونيات لبنان (Coop)" وزوجته نهى، إلى مثواهما الأخير"، يأسف للواقع الذي نعيشه، "فمهما تحدّثنا عن الدولة، لا نعطها وصفها الصحيح، هناك الكثير من التقصير والإهمال، واليوم العتب على الجميع، على الدولة وعلى المواطن مسبّب الحادث. ما يعزّينا هو نجاة جودي من الموت، فهي الذكرى التي بقيت لنا من حسن ونهى".

 

وكان مؤسّس ورئيس جمعية "يازا"، زياد عقل، قد أطلق اليوم على حساب الجمعية على "تويتر"، نداءً أشار فيه إلى أنّ "طريق المدينة الرياضية في العاصمة بيروت باتجاه الجنوب، تشهد نسبة حوادث سير تُعدّ ربما من أعلى النسب حول العالم". وأضاف: "يكفينا موتاً على الطرقات، فعام 2020 عام مأساوي على اللبنانيين في كلّ المجالات، بما فيها حوادث السيارات". وتمنى "المساعدة لوقف الموت المجاني على طرقات لبنان".

وفي اتصالٍ مع الـ"العربي الجديد"، يوضح الأمين العام لجمعية الصليب الأحمر اللبناني، جورج كتانة، أنّ صورة المسعف مع الطفلة جودي "لم تنتشر عبرهم"، وأنّهم كجمعية كانوا يفضّلون "عدم نشرها، رغم أنّها مؤثّرة، وذلك رفضاً لاستغلالها. فهل هناك مصيبة أكبر من فقدان طفلة لوالدها ووالدتها؟!".

ويقول: "هدفنا الحفاظ على الكرامة والروحية والسرية. هدفنا حماية الكبير والصغير، فكيف الحال بالصغير، والحفاظ على كرامته وحياته؟".

ويؤكّد كتانة أنّ "رسالة المتطوّع الذي احتضن الطفلة هي رسالة إنسانية معبّرة، وهناك حسّ إنساني وروحية تُلازمنا على الدوام في الجمعية، فهدفنا مساعدة كل إنسان محتاج، سواء في حادث سير أو في حادث من صنع الإنسان أو كارثة طبيعية، علينا حمايته والحفاظ على حياته وكرامته".

المساهمون