المرأة الأردنية... كفاءات تعليمية ومكانة اقتصادية هامشية

المرأة الأردنية... كفاءات تعليمية ومكانة اقتصادية هامشية

16 ابريل 2024
توازن مفقود بين المستوى التعليمي للمرأة الأردنية وأدوارها (محمد صلاح الدين/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تعاني المرأة الأردنية من تهميش متأصل بسبب الثقافة التقليدية وغياب مشروع مدني يدعم الحريات، مما يخلق فجوة بين النظرية والتطبيق في حقوقها، رغم الجهود التشريعية والسياسية لتحسين وضعها.
- على الرغم من التقدم التعليمي للمرأة الأردنية، تظل مشاركتها الاقتصادية والسياسية محدودة بسبب البطالة المرتفعة والتمثيل المحدود في مواقع القرار، مما يعكس تحديات في تحقيق المساواة.
- العوائق الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك الأدوار النمطية والقيود على نوع العمل، تحد من دور المرأة في الحياة العامة. يُشدد على ضرورة تغيير الآليات لزيادة مشاركتها وتحقيق التوازن بين الأدوار الأسرية والمهنية لتعزيز المساواة الفعلية.

تنتج أزمة تهميش المرأة في الأردن من ثقافة اجتماعية متجذرة، وغياب مشروع  مدني حقيقي يقدّس الحريات، ويرتكز على العدالة والمساواة، وأيضاً من عدم الجدية في تحسين أوضاعها، وواقع أن الفجوة واسعة بين الحديث عن حقوقها والتطبيق.

لا تزال المرأة الأردنية تصارع الثقافة المجتمعية التي لا تمنحها المكانة التي تستحقها في الحياة الاقتصادية والسياسية، رغم إصدار تشريعات وتطبيق سياسات وتدابير تهدف إلى تعزيز قدراتها، ما يبقي مشاركاتها الاقتصادية والسياسية ضعيفة وهامشية.

واللافت أن المرأة تشكل نصف المجتمع الأردني، ووصلت إلى درجة عالية من التعليم، إذ تقدّر نسبة التحاق الإناث بمرحلة التعليم الأساسي بـ94.8 في المائة مقابل 94.1 في المائة للذكور، وفي مرحلة التعليم الثانوي بـ83.1 في المائة مقابل 71.7 في المائة للذكور، كما حققن تقدماً كبيراً في التعليم الجامعي والدراسات العليا، وشكلن عام 2022 نسبة 60.9 في المائة من متخرجي شهادة بكالوريوس مقابل نسبة 39.1 في المائة للذكور، و59.6 في المائة من متخرجي شهادة الماجستير مقابل 40.4 للذكور، أما نسبة الخريجات بدرجة دكتوراه فبلغت 56.3 في المائة مقابل 43.7 في المائة للذكور.
في المقابل، أظهرت إحصاءات قوة العمل الخاصة بالربع الأخير من عام 2023 أن معدل المشاركة الاقتصادية للإناث الأردنيات اللواتي يتجاوزن عمر الـ15 سنة هو 15.1 في المائة فقط، وأن معظمهن مستخدمات بأجور (95.9 في المائة)، في حين لم تتجاوز نسبة المشتغلات لحسابهن الخاص وصاحبات الأعمال 4 في المائة. أما معدل البطالة لدى الإناث فبلغ 29.8 في المائة، في حين بلغت نسبة اللواتي يرأسن أسرهن 20.6 في المائة.
ولدى تتبع مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار، تظهر إحصاءات حديثة أن نسبة القاضيات هي 28.7 في المائة، والمحاميات 30 في المائة، والمشاركة في الأحزاب السياسية 42.1 في المائة، وفي مجلسي الأعيان والنواب 14 في المائة، بينما تشكل السفيرات نسبة 13.4 في المائة من إجمالي عدد السفراء، والعاملات في السلك الوزاري نسبة 18.9 في المائة.
وتعلّق النائبة السابقة الدكتورة أدب السعود على غياب التوازن بين المستوى التعليمي للمرأة والأدوار التي تنفذها في الأردن بالقول لـ"العربي الجديد": "تتعدد أسباب ضعف دور المرأة الأردنية في الحياة الاقتصادية والحياة العامة، فبعضها موضوعي خاص بها وبالظروف المحيطة. وعموماً تعتبر نسبة حضورها ومشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية متدنية رغم أنها شهدت تقدماً طفيفاً في السنوات الأخيرة".
وترى السعود أن "لا عوائق تشريعية كبيرة أو دينية تمنع مشاركة المرأة في مختلف نواحي الحياة، بل عوائق اجتماعية في الأساس تشمل مشاركتها السياسية والاقتصادية تحديداً، وترتبط بعضها بالحالة الاقتصادية الصعبة السائدة في البلاد، والتي تعطي غالباً أولوية المشاركة الاقتصادية للرجال على حساب النساء".
تضيف: "هناك أيضاً قيود اجتماعية على عمل المرأة، خصوصاً أن فئات واسعة ترى أنها لا تصلح للعمل في أي مكان، ويمكن أن تشغل وظائف محددة دون أخرى، ما يجعل مشاركتها الاقتصادية وحضورها في الوظائف أقل رغم أنها تتمتع بكل المؤهلات، ويميل الميزان الجندري في التعليم لصالحها".
وتلفت السعود إلى أن المرأة تتخلى بنفسها عن فرص متاحة للمشاركة الاقتصادية من أجل الاضطلاع بمهمات أسرية تقدمها على باقي المهمات، حتى لو لفترة محددة. وتشكل حاجة بعض الأعمال إلى وجود دائم عوائق للمرأة التي تفتقر إلى نظام عمل مرن في الأردن، خاصة في ظل التركيز على ساعات العمل أكثر من الإنجازات.

يجب دعم المرأة لرفع مستوى مشاركتها الاقتصادية (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
يجب دعم المرأة لرفع مستوى مشاركتها الاقتصادية (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

تضيف: "يجب تغيير الآليات المطبقة لزيادة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي الذي يشكل مدخلاً لالتحاقها بالحياة السياسية، ونقطة البداية هي التمكين، فالمرأة التي تستطيع توفير احتياجاتها الاقتصادية الخاصة وحاجات أسرتها يمكن أن تنطلق في الحياة العامة. ويجب ألا يتم تحديد الوظائف على أساس الجنس، بل المهارة، ومن الضروري توفير دعم اجتماعي كي تحصل المرأة على حقوقها في العمل إلى جانب اضطلاعها بدورها الأسري. وهنا تلعب مؤسسات المجتمع المدني والسلطات التشريعية دوراً مهماً في دعم المرأة ورفع مستوى مشاركتها الاقتصادية".
بدورها، تقول الباحثة في جمعية معهد تضامن النساء الأردني، الدكتورة زهور الغرايبة، لـ"العربي الجديد": "رغم أن المرأة الأردنية حصلت على حقوقها خصوصاً في التعليم بكل مراحله ومستوياته، وانخفضت نسبة الأمية لديها إلى أقل من 7 في المائة، بحسب دائرة الإحصاءات العامة، يظل حضورها ضعيفاً في سوق العمل وكل المجالات الاقتصادية، وبينها الملكية الخاصة".
تتابع: "إذا أردنا الحديث عن أسباب ضعف الدور الاقتصادي للمرأة فلا يمكن ربط ذلك بقانون العمل الأردني الديناميكي والذي يتكيف باستمرار مع احتياجات المرأة ومتطلبات السوق، إذ يضم نصوصاً تدعم حقوقها في سوق العمل، مثل الحصول على إجازات الأمومة والطفولة وساعة رضاعة، وحمايتها من الفصل التعسفي والتحرش الجنسي، والسماح لها بالمغادرة وتنفيذ مهمات مرنة".

وتربط الغرايبة ضعف المشاركة الاقتصادية والشؤون العامة للمرأة بأسباب اجتماعية، وأخرى تتعلق ببيئة وعالم العمل التي لا تقتصر فقط على المكان، فالقوانين والمواثيق الدولية تحدد عالم العمل بلحظة خروجها من المنزل إلى مكان عملها، والعكس صحيح لدى عودتها إلى منزلها. ويمكن بشكل كبير أن يرتبط سبب انسحاب المرأة من سوق العمل أو ضعف مشاركتها الاقتصادية بضعف بنية المواصلات العامة لبلوغ مكان العمل، ومن بين الأسباب أيضاً أن تكون هناك فجوة في الأجور بين الجنسين، رغم أن القانون يحدّ منها لكنها موجودة في القطاعين العام والخاص".
وترى أن الأدوار الاجتماعية والأعمال الرعائية المركبة التي تنفذها المرأة من بين الأسباب الرئيسية لانخفاض مشاركتها الاقتصادية أو انخراطها في أعمال غير منظمة.

المساهمون