أطفال مفقودون في الشمال السوري

أطفال مفقودون في الشمال السوري

13 اغسطس 2021
قد يضيع خلال اللعب (محمد سعيد/ الأناضول)
+ الخط -

كشف إحصاء أجراه مكتب شؤون الجرحى والمفقودين تزايد حالات فقدان الأطفال في مناطق الشمال السوري في شهر يونيو/ حزيران الماضي وصولاً إلى 19، من أصل 80 وبينهم 52 رجلاً و9 نساء، مع تسجيل عودة 62 منهم إثر فترات من الغياب. وعزا المكتب هذا الأمر إلى أسباب كثيرة بينها الواقع المعيشي والأزمات التي تعصف بسكان هذه المناطق.
توضح مسؤولة قسم المرأة والطفل في مكتب شؤون الجرحى والمفقودين نها الحمدو لـ"العربي الجديد" أن "أسباب ارتفاع عدد الأطفال المفقودين في الأشهر السابقة ترتبط بحالات التهجير المفاجئ والتغيير المتكرر لأماكن السكن التي تمنع الأطفال وحتى بعض البالغين من حفظ الأماكن والطرق الجديدة التي لم يعتادوا التواجد والتنقل فيها، ما يؤدي أحياناً إلى فقدانهم في شكل مؤقت. كما لا يمكن تجاهل فقدان أطفال كُثر بسبب إلحاقهم بالعمالة المبكرة وانخراطهم في سوق العمل بتأثير سوء الأوضاع المعيشية أو حتى فقدان الأسرة للمعيل. ويعمل بعض الأطفال كباعة متجولين، وفي ورش بناء، أو يجمعون خردة وينفذون أعمالاً بسيطة مختلفة، ما يجعلهم يخرجون من مكان إقامتهم، ويتنقلون بين شوارع ومناطق عدة بعضها جديدة عليهم، فيتأخرون أحياناً في العودة ويفقد أثرهم". تتابع: "من بين الأسباب أيضاً عدم التزام الأطفال بدوام دراسي يعلمهم الانضباط وينمي الوعي لديهم بالمخاطر التي يواجهونها خارج المنزل". 

صحيح وشائع
يوضح المدير الإعلامي لمكتب شؤون الجرحى والمفقودين، محمود الإبراهيم، لـ"العربي الجديد" أن موضوع الخطف الذي يروّج له بكثرة صحيح وشائع، لكن حالات خطف أطفال للحصول على فدى مالية لا تتجاوز نسبة واحد في المائة، بينما تتكرر حالات خطفهم من قبل ذويهم في بعض حالات الخلافات الأسرية بين الزوجين. وهنا يخرج الطفل أحياناً بإرادته إلى منزل إقامة والدته أو والده، أو يأخذ أحدهما الطفل من دون علم الطرف الثاني". ويشير إلى أن "آلية تقليل نسبة فقدان الأطفال تحديداً تحتاج إلى عمل وتكاتف جهات مختلفة، في حين أن أهم ما تحتاجه المنطقة بالدرجة الأولى هو الاستقرار، إلى جانب توعية الأهل، وحث المنظمات والجهات المعنية على الاضطلاع بواجبها الحقيقي في التكفل بأطفال يفقدون المعيل، ورعايتهم". 

العمالة المبكرة أحد أسباب فقدان الأثر (إبراهيم درويش/ الأناضول)
العمالة المبكرة أحد أسباب فقدان الأثر (إبراهيم درويش/ الأناضول)

آلية التوثيق
ويشرح الإبراهيم أن "آلية توثيق مكتب شؤون الجرحى والمفقودين تحصل عبر التواصل مع مكاتب عدة، بالاعتماد على نظام عمل منظم ويكمل بعضه البعض. ونحن نوثق كل حالات الأشخاص المفقودين التي تردنا في بطاقات نصدرها وترفق بإثباتات شخصية، لكل حالة إبلاغ وبيانات ومعلومات عن المفقود، ثم نتابع كل ملف نحصل عليه من لحظة ورود خبر الفقدان لمكتبنا حتى عودة الشخص المعني به، أو معرفة مكان وجوده". يضيف: "نتابع الملف بالدرجة الأولى مع مسؤولي المخافر والمعابر وغالبية الدوائر الحكومية في أرجاء المنطقة وصولاً إلى تركيا، علماً أن مكتبنا لا يتبع أي جهة، ويعمل باستقلالية لخدمة الجميع من خلال مجهود تطوعي غير مدعوم، لكنه أثبت بفضل إدارته وكوادره جدارة في تنفيذ العمل، ما جعله مرجعاً وملاذاً للبحث عن المفقودين ومساعدة الجرحى ومتابعتهم". 

حوادث سابقة
ومؤخراً، وثق المكتب فقدان طفل في الـ13 من العمر يدعى مهند سمير محمد يتحدر من بلدة قبتان الجبل الواقعة في ريف حلب والمقيم مع ذويه بمخيم الزاجل غرب مدينة إدلب، علماً أنه بين أسباب فقدان الأطفال خروجهم للعب بعيداً عن أماكن إقامتهم.

في السياق نفسه، تروي عائشة وهي أم ثلاثينية تقيم في مخيم البركة قرب بلدة دير حسان في ريف إدلب لـ"العربي الجديد" أن طفلها يوسف يلعب عادة أمام المسكن، لكنها فقدته في أحد الأيام، ثم وجدته بعد عملية بحث طويل مع أقارب، مع آخرين في منطقة خارج المخيم. تقول: "كان الأمر مرعباً بالنسبة لنا، إذ اختفى يوسف رغم حرص والده أن يبقى تحت ناظريه. وخلال البحث انحصر تفكيرنا في أن يكون بخير، وعدم تعرضه لأي مكروه".
وعموماً، يواجه الأطفال في مناطق الشمال السوري واقعاً صعباً على صعيد الحرمان من التعليم، وفقدان الأمن الغذائي والتهجير والعمالة وغياب الدعم النفسي، ما يضعهم دائماً في دائرة الخطر، في حين يتوجب بذل جهود أكبر للحفاظ على جيل كامل من الأطفال السوريين مهددين بالضياع.

المساهمون