البطاريات "قنابل موقوتة" تهدد سكان الشمال السوري

البطاريات "قنابل موقوتة" تهدد سكان الشمال السوري

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
07 اغسطس 2021
+ الخط -

تحوّلت بطاريات موصولة على ألواح للطاقة الشمسية تستخدم في إنارة خيم ومنازل في شمال سورية إلى قنابل موقوتة لا يمكن التنبؤ بلحظة انفجارها، وتسببت في حوادث اندلاع حرائق أوقعت إصابات خطيرة. 
في مخيم القاهرة بمنطقة الشيخ بحر، شمالي محافظة إدلب، احترقت قبل فترة بطارية كانت موجودة داخل خيمة النازح من ريف إدلب الجنوبي عوض العوض. لكن عوض، الذي نزح قبل نحو عام ونصف، نجا من النيران التي كادت أن تلتهم خيمته.
يعلق العوض على الواقعة خلال حديثه لـ"العربي الجديد": "الحرارة مرتفعة جداً، لذا أعتمد على البطارية لإنارة الخيمة وترطيبها قليلاً خلال الليل. لكن البطارية احترقت من دون سابق إنذار، ووصلت النيران إلى جزء منها، قبل أن أسيطر على الوضع". يشير العوض إلى أن الحادثة تجعله اليوم يشعر بخوف شديد من وجود بطارية داخل الخيمة، رغم أنه يعلم عدم إمكانية الاستغناء عنها. لكنه يوضح أنه اتخذ خطوات للحيلولة دون تكرار هذا الحادث.
قبل نحو شهر، توفيت الطفلة مروة النواف وأصيب والدها بجروح خطرة في انفجار بطارية أحرقت خيمة العائلة قرب بلدة حزانو، كما أصيبت طفلة بجروح في حادث مماثل حصل في مخيم البنيان بريف إدلب الشمالي.
وفي ريف حلب الشمالي، قرب مدينة أعزاز، عاش أسامة عبد الهادي، المهجّر من ريف حمص الشمالي، تجربة خطرة إثر حادثة انفجار بطارية، يروي لـ"العربي الجديد" تفاصيلها قائلاً: "كنت أتفقد البطارية كالعادة، ووجدت انخفاض الماء بداخلها، فهممت بتعبئة الماء داخل فتحات البطارية، على غرار ما أفعل دائماً، وتوقعت أن تسير الأمور على ما يرام. لكنني فوجئت بحدوث انفجار أدى إلى تطاير قطرات من حمض الكبريت من البطارية، والتي أصابت إحدي عينيّ، وأجزاء من جسدي، والإصابة في العين استدعت تدخل طبيب مقرب لي لإسعافي وإنقاذها قبل أن أخضع لعلاج خاص لها لمدة شهر. والحقيقة أنني لم أدرك حجم الخطر الذي قد ينتج عن البطارية، وأدعو كل من يستخدمها إلى توخي الحذر الشديد". 

الصورة
البطاريات تستخدم في شحن أجهزة الطاقة الشمسية (العربي الجديد)
البطاريات تستخدم في شحن أجهزة الطاقة الشمسية (العربي الجديد)

الأنواع
تنتشر أنواع كثيرة من البطاريات في شمال سورية، لكن الأكثر استخداماً هي تلك السائلة بسبب كلفتها المنخفضة وكثرة وجودها في الأسواق وسهولة صيانتها، وهي مصنّعة من صفائح من معدن الرصاص مغمورة بحمض الكبريت وماء مقطّر. وهناك نوع آخر مصنع من عجينة تشحن لفترة طويلة ولا تفرغ بسرعة، وأيضاً بطاريات من نوع "جيل" تعتبر الأفضل في السوق وتتحمل الحرارة العالية، لكن ثمنها مرتفع.
يوضح مهندس الكهرباء محمد تناري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "غالبية البطاريات المستخدمة في المخيمات تحتوي على الأسيد، وهي غير مخصصة للشحن الدائم والتفريغ، لذا يعتبر استخدامها لإنتاج الكهرباء في المخيمات والمنازل أمر غير عملي. أما البطاريات التي تستخدم عجينة فمخصصة للشحن والتفريغ وعمرها أطول من البطاريات السائلة، وتعتبر أكثر أماناً. 
يضيف: "تعتبر البطاريات من نوع (جيل) الأفضل على الإطلاق على صعيد الشحن ومدة التفريغ الطويلة ونوعية الاستهلاك، والأمن، والقدرة على تحمل الحرارة المرتفعة، لكن ثمنها باهظ، علماً أنه عند شراء البطارية يجب التركيز على جدوى الاستخدام. وإذا كانت مخصصة للشحن والتفريغ فلا بدّ من انتقاء بطاريات (جيل) أو ليثيوم التي تستخدم في إلكترونيات الهواتف الخليوية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وعمرها طويل جداً".
ويلفت إلى وجود بطاريات مغشوشة تحتوي على كمية كبيرة من الزجاج وذات وزن ثقيل جداً. وهي على غرار البطاريات التي تحتوي سائل حمض الكبريت غير صالحة للاستخدام الدائم، وتقتنى بسبب رخصها فقط. ويجب التنبه دائماً إلى احتمال انبعاث غازات منها بسبب تفاعلات داخلها قد تؤدي إلى انفجار أو تشعل لهباً، "علماً أن حمض الكبريت الذي تحتويه يحرق الجلد والأجسام الملامسة باستثناء البلاستيك".

أسباب الانفجار
يعرض تناري معلومات عن أسباب انفجار البطاريات، ويقول: "تتعدد أسباب انفجار البطاريات السائلة، فهي تنتج كهرباء من خلال التفاعل بين حمض الكبريت وألواح البطارية المصنوعة من الرصاص. البطارية تحتاج إلى شحن ويجب وصلها بمصدر كهرباء لإجراء التفاعل الكيميائي المطلوب. أما مصادر الخطر فترتبط بتسرب حمض الكبريت الخطير، وحصول (ماسّ) في أجزاء من البطارية، ومرور تيار كهربائي عال جداً يرفع حرارة الجسم الموصل ويلحق أضراراً بالأجسام الملامسة، ما يتسبب في انبعاث غازات قابلة للاشتعال من هيدروجين وأوكسجين قد تشعل حريقاً. وهنا لا يجب وصل أي آلة بالبطارية لدى شحنها، خصوصاً الأضواء من نوع (ليد)، إذ قد يحدث ذلك انفجاراً أو اشتعالاً، وهو أمر خطر جداً يجب التنبه منه". 

الصورة
لا مكان آمن للبطاريات داخل الخيّم (العربي الجديد)
لا مكان آمن للبطاريات داخل الخيم (العربي الجديد)

يتابع: "قد تنتج الانفجارات أيضاً عن خطأ في تركيب كابلات الربط، إذ يطلق ذلك شرارة نار، كما قد يرتكب المستخدم خطأ في وصل كابلي السالب والموجب، أو قد تنسدّ مخارج البطاريات فتحدث ثقوباً لتنفيذ عملية التبخر عند ارتفاع درجة الحرارة. وقد ترتبط الانفجارات أيضاً بوصل كابلات البطارية بطريقة معكوسة، أو وضع كمية حمض كبريت بطريقة غير صحيحة. من هنا الأفضل أن تكون البطارية جافة وتركب على لوح للطاقة الشمسية تفصل عنه خلال الشحن، على غرار باقي الأجهزة".

السلامة والوقاية 
وفقاً لتناري هناك إرشادات للتعامل مع البطارية، "بينها تغطية أجزاء البطارية وحمايتها لمنع وقوع أي حادث، والتأكد من توصيل الكابلات جيداً، وتغطية العينين ولبس قفازات عند تفقد البطاريات للحماية من السائل المؤذي والبخار الناتج عن تلك السائلة، وأيضاً تجنب الوقوف فوق البطارية مباشرة أثناء تفقدها، لأن السائل قد يسبب إصابات بالغة في الجلد والعين. وعند التعرض للأسيد يجب غسل الجسم فوراً بالماء وكربونات الصوديوم. أما إذا تعرضت العين لبخار وأسيد فيجب غسل العين بماء بارد، والتوجه للطبيب فوراً. وعند حمل البطاريات الثقيلة الوزن يجب رفعها في شكل متوازن وأفقي لمنع ميلانها وانسكاب الحمض، وعدم الضغط عليها لمنع خروج السائل. ومن الضروري تفقد مستوى المحلول الحمضي على الدوام، والتنبه إلى مستوى الأسيد داخل البطارية كي لا يتجاوز الخط المحدد بأكثر من سنتيمتر واحد". 

ذات صلة

الصورة
مدينة أعزاز

سياسة

اهتزت مدينة أعزاز بريف حلب، شمالي سورية، بانفجار سيّارة مفخخة ضربت السوق الرئيسي في المدينة، التي تعتبر معقل المعارضة السورية، منتصف ليلة أمس السبت
الصورة
محمد حبوب.. إعاقة ونزوح بسبب الحرب السورية (عامر السيد علي)

مجتمع

خلفت الحرب السورية مآسي مروعة بكل تفاصيلها، طاولت مدنا وبلدات وعائلات بأكملها، وشكلت تلك المآسي انقلابا في حياة الكثير من السوريين
الصورة
طارق الدحدوح نازح فلسطيني في رفح جنوبي قطاع غزة 1 (العربي الجديد)

مجتمع

من شمالي قطاع غزة المحاصر والمستهدف عسكرياً إلى أقصى الجنوب، نزح الفلسطيني طارق الدحدوح مع شقيقَيه وعدد من بقراته ومجموعة من الدجاج.
الصورة
نازحون فلسطينيون يلعبون الكرة الطائرة في المواصي في جنوب غزة (العربي الجديد)

مجتمع

من وسط أحد المخيّمات العشوائية في رفح جنوبي قطاع غزة، تصدح ضحكات النازحين. ويحاول هؤلاء إيجاد هامش لهو لهم في ظلّ المأساة، فيلعبون كرة الطائرة.

المساهمون