آفاق ضيقة للطلاب في جامعات الشمال السوري

آفاق ضيقة للطلاب في جامعات الشمال السوري

08 سبتمبر 2023
عدم الاعترف بالشهادات معضلة جامعات الشمال السوري (بكر القاسم/ فرانس برس)
+ الخط -

يحلم الطالب حسام الطراد بالدراسة الجامعية في تركيا أو دولة أوروبية، لكن حلمه يصطدم بالحدود المغلقة والأفق المحدود في الشمال السوري.  
نجح حسام بالثانوية العامة الفرع العلمي بمعدل 230، ويرغب في تعديل هذا المعدل من خلال الدورة التكميلية كي يستطيع دخول كلية الطب التي يأمل في أن يكون من طلابها في المرحلة المقبلة حتى إذا كان خريج جامعة إدلب غير المعترف بها دولياً. 
يقول لـ"العربي الجديد": "آمل في أن أصبح طبيباً في المستقبل، وأحمل شهادة معترفاً بها دولياً. أعلم أن سقف الطموح ضيّق اليوم في منطقة لا تمكن رؤية مستقبل فيها، لكنني أعتقد في الوقت ذاته بأنه إذا أصبحت طبيباً قد أكون سنداً لأهلي والناس، لكنني قلق حالياً من أنّ الجميع، حتى هنا، لا يولون اهتماماً بخريجي جامعات المنطقة، وربما تتغير النظرة في حال حصول شهادات هذه الجامعات على اعتراف حقيقي".

من جهته، نجح الطالب لؤي الحلو في الثانوية العامة فرع الأدبي، ويرغب في أن يدخل معهد إعداد المدرسين في إدلب ليس حباً بالفرع تحديداً، بل لاختصار السنوات الدراسية من أربع سنوات جامعية إلى سنتين في معهد لتوفير مصاريف التعليم التي ستثقل كاهل أهله النازحين الفقراء. 
ويقول لـ"العربي الجديد": "لا أفكر بمدى الاعتراف الدولي بالمعهد أو الجامعة في إدلب، بقدر ما يهمني اختصار الوقت والحصول على وظيفة براتب ثابت يساعدني في الإنفاق على نفسي على الأقل، حتى إذا كان قليلاً مثل رواتب المعلمين حالياً، ولا يتناسب إطلاقاً مع الوضع المعيشي والغلاء الكبير".
ويوضح أنّ كثيرين من أصحاب التخصصات يعملون في غير تخصصاتهم سعياً وراء المعيشة بالدرجة الأولى، ويقول: "تتقدم اليوم الخبرة على التخصص في كافة مجالات العمل، والشهادة الجامعية مهمة لفروع حصرية مثل الطب والهندسة، لكن هناك تخصصات لا تحتاج إلى شهادات جامعية ويمكن لصاحب الخبرة فيها أن ينافس المتفوقين في الجامعات. همي الوحيد الحصول على عمل بعد إنهاء المعهد، وبعدها قد أنتقل إلى مرحلة أخرى، وأطور مهاراتي وأكتسب الخبرة المطلوبة للحصول على عمل أفضل".
ورغم وجود عدد من الجامعات، منها "إدلب" و"حلب الحرة" و"ماري" و"الشمال" و"الدولية للعلوم" و"النهضة" و"الشام العالمية" و"غازي عينتاب" و"باشاك شهير" و"العلوم الصحية" تبقى معضلتها منذ تأسيسها حتى الوقت الحالي، عدم الاعتراف بشهاداتها خارج سورية، ما يثير مخاوف الطلاب، لكن يبقى الأمل في حصول هذه الجامعات على اعتراف، والذي سيشكل حافزاً كبيراً للطلاب.

الصورة
يريد أن يعمل متخرجون بين أهلهم (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
يريد أن يعمل متخرجون بين أهلهم (عمر حاج قدور/ فرانس برس)

أيضاً، لا تخفي صفاء العلي فرحتها بالنجاح في الثانوية العامة، رغم أنها حصلت على معدل أدنى مما توقعته، لكنها ترغب بعد الدورة التكميلية بدخول معهد التمريض والقبالة، وهو ما ترغب به بحسب ما توضح لـ"العربي الجديد"، وذلك بغض النظر عن الاعتراف الدولي بالجامعات في إدلب الذي لا يهمها بقدر أن تحظى بفرصة العمل في أحد مستشفيات شمال غرب سورية. وتقول لـ"العربي الجديد": "الاعتراف الدولي لا يقدم ولا يؤخر. لا أفكر بالسفر إلى أي دولة، ويكفيني أن أعمل في منطقتي وبين أهلي وعالمي، أريد أن أحصل على فرصة عمل بالدرجة الأولى".

الصورة
لا اهتمام بخريجي الجامعات في الشمال السوري (بكر القاسم/ فرانس برس)
لا اهتمام بخريجي الجامعات في الشمال السوري (بكر القاسم/ فرانس برس)

أما روان العبد الله فلا تشارك صفاء رأيها، فهي تريد الوصول إلى الأراضي التركية عن طريق التهريب في أول فرصة تسنح لها كي تبدأ دراسة إدارة الأعمال ضمن جامعة معترف بها، كما تخبر "العربي الجديد" كي لا يذهب مجهودها الدراسي أدراج الرياح إذا حصلت تغيّرات ديموغرافية أو حملات عسكرية جديدة في المنطقة. وتقول: "قد يضيع جهدنا ويذهب هباءً إذا حدث طارئ في المنطقة. الشهادة الصادرة عن جامعة معترف بها فرصة لنجاة أي طالب، وحالياً ليست الدراسة 4 سنوات في أي جامعة أمراً سهلاً، لذا أرغب في الحصول على شهادة جامعية معترف بها".
ويقول الأستاذ الجامعي خيري عبد العظيم لـ"العربي الجديد": "الآفاق المتاحة أمام الحاصلين على الشهادة الثانوية محدودة ضمن الجامعات المحلية، سواء الرسمية أو الخاصة، في حين تعتبر فكرة السفر ومتابعة الدراسة في الخارج مستحيلة، وبالتالي لا يملك الطلاب إلا خيار الدراسة في جامعة محلية بغض النظر عن مستقبل الشهادة، وإمكان الاعتراف بها في المستقبل". يضيف: "يأمل غالبية الطلاب في دخول كليات يمكن العمل بشهاداتها في المنطقة، مثل التخصصات الطبية والهندسة والآداب والإعلام، ما يسمح لهم بالعمل بعد التخرج في إحدى المنظمات المحلية أو المؤسسات الحكومية. والفرص قليلة جداً ولا تسمح إلا باستيعاب أعداد قليلة من الطلاب، بينما يستطيع طلاب قليلون جداً العمل عبر الأونلاين بسبب صعوبة التحويلات المالية للمنطقة، وغياب الحسابات المصرفية التي تعتبر أساسية لهذه الأعمال".

ويؤكد عبد العظيم، المقيم في شمال سورية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أهمية حصول الطلاب على شهادات معترف بها، علماً أن "عزوف الطلاب عن الدراسة الجامعية بسبب هذه المشكلة كارثة أيضاً، ما يعني أن الطالب يواجه مشكلة حقيقية". يضيف: "الدراسة الجامعية أمر أساسي للنهوض بمنطقة الشمال السوري، وأي مكان عموماً، ويجب أن يحاول المسؤولون عن الجامعات في الشمال السوري في شكل حثيث الحصول على اعترافات دولية بالشهادات التي تصدرها جامعاتهم، من أجل الحفاظ على المكانة العلمية لهذه الجامعات، ومستقبل طلابهم أيضاً. ومن أبرز المشاكل التي تواجه الطلاب الراغبين في دخول جامعات أو معاهد في الشمال السوري، وجود أقساط يصعب عليهم دفعها، بخاصة في ظل الظروف والأوضاع الصعبة السائدة في المنطقة".

المساهمون