"كوكون"... صُنع في غزة بكل حب

"كوكون"... صُنع في غزة بكل حب

16 فبراير 2021
فلسطين في القلب (محمد الحجار)
+ الخط -

 

على الرغم من الحصار المطبق عليهم، يحاول شبان وشابات من غزة الخروج بمشاريع يحققون من خلالها أحلامهم، ويتحدّون واقعهم وواقع الغزيين عموماً.

ليس من السهل إطلاق علامة تجارية للملابس في قطاع غزة المتهالك اقتصادياً، لا سيّما مع إغلاق عشرات مصانع الخياطة الكبيرة منذ عام 2007. لكنّ حبّ الموضة دفع شابة غزية إلى إطلاق علامتها الخاصة التي لاقت رواجاً في مدن فلسطينية عدّة تحت اسم "كوكون" أي الشرنقة. هي شام البطنيجي البالغة من العمر 20 عاماً والتي تسكن في حيّ الشجاعية شرقي مدينة غزة.

بعيداً عن عالم الأزياء، تتابع شام دراستها في طب الأسنان في جامعة فلسطين بمدينة غزة، وهي في سنتها الثالثة، علماً أنّها كانت تطمح إلى أن تصبح طبيبة. فهي حصلت في الثانوية العامة في عام 2018 على معدّل 91 في المائة، لكنّها راحت تنشط في عدد من المبادرات الاجتماعية التطوعية في القطاع المحاصر. وتَعدّ شام الموضة وعالم الأزياء شغفاً بالنسبة إليها، وهي تتابع هذا المجال منذ طفولتها على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى اهتمامها بالبرامج التلفزيونية الخاصة بذلك وكذلك بنشأة الماركات العالمية. وفي مرّة، كانت تشاهد حلقة عن نشأة ماركة عالمية، فخطر لها إطلاق علامة تجارية خاصة من غزة وإن كانت الظروف لا تساعد.

الصورة
شام البطنيجي ومشروعها كوكون في غزة 2 (محمد الحجار)

تشير شام لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الفكرة كانت بسيطة في البداية، وهي أن أؤسّس لصناعة خاصة بي، فأحضر على سبيل المثال أقمشة من الخارج وأضيف تطريزاً عليها. لكنّني قررت في ما بعد تصميمها في غزة والتعرّف إلى المصانع المحلية وأنواع القماش والمميّز منها. فوجدت أنّ الجودة عالية في الصناعة في غزة على الرغم من الظروف الصعبة". تضيف "لكنّني واجهت صعوبة في العثور على خامة قطنية للكنزات التي قررت تصنيعها، علماً أنّني شخصياً أحبّ القطن. وفي النهاية، وجدت خامة قطنية مميّزة لكنزاتي".

الصورة
شام البطنيجي ومشروعها كوكون في غزة 1 (محمد الحجار)

هكذا أسّست شام مشروعها الخاص الذي يعينها في دراستها ومصاريفها الأخرى، واختارت شام اسم "كوكون" أي الشرنقة لعلامتها التجارية، إذ إنّها تحاكي واقع الفلسطينيين المحاصرين في القطاع كما هي حال دودة القزّ التي تبقى محبوسة حتى تتحوّل إلى فراشة وتخرج من شرنقتها. وصمّمت بداية 100 كنزة قطنية أو ما يُعرف بـ"هودي" مع فراشات عليها، بهدف لفت نظر الشابات، وروّجت لها على حساباتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. لم تحقق شام ربحاً من بيع تلك الكنزات ولم تلمس تشجيعاً على الاستمرار في إنتاجها، لكنّها راحت تتلقى رسائل تطلب منها تصاميم مشابهة، من بينها رسائل من الضفة الغربية وكذلك من القدس. كذلك تلقّت رسائل إضافية من فلسطينيين في الخليج العربي الولايات المتحدة وأوروبا. فاشترت أقمشة قطنية صنّعت بها 1000 قطعة لم تتضمّن فقط فراشات، إنّما كذلك أزهاراً وقلوباً وبحاراً وأمواجاً. ونجحت في إرسال كنزاتها القطنية تلك إلى خارج قطاع غزة من خلال أشخاص يحملونها معهم. بعد ذلك، صممت شام 100 قطعة أضافت إليها خريطة فلسطين وشعارات وطنية وكذلك عبارات من قبيل "هذه القطعة التي ترتديها صنعت بكلّ حبّ في فلسطين، فكن فخوراً بها". وقد أثارت هذه العبارة ضجة كبيرة ودفعت كثيرين إلى طلب هذا المنتج.

الصورة
شام البطنيجي ومشروعها كوكون في غزة 4 (محمد الحجار)

وتلفت شام إلى أنّ إدخال المواد الخام اللازمة لخياطة يُعَدّ من أبرز ما يعرقلها، وتحكي عن "تفاصيل صغيرة لا يهتمّ بها أحد في الخارج، إنّما في إمكانها أن تدمّر طموح الشباب في غزة. بالنسبة إلي على سبيل المثال، لا تتوفّر الخيوط اللازمة لمنتجاتي، وفي مرّات كثيرة شعرتُ بالضيق وأنا أبحث عن بديل منها". وتشدّد على أنّه "من الممكن أن تتعطّل صناعة كاملة إن لم يتوفّر نوع معيّن من القماش لها. وأعلم جيداً أنّه قبل الحصار الإسرائيلي، كانت نساء يصمّمن فساتين الأفراح في مصانع أو عند خياطين في غزة بشكل عادي، أمّا حالياً فهذا أمر غير موجود لعدم توفّر الخامات المطلوبة".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وعلى الرغم من كلّ العراقيل المحتملة، تبحث شام في "تصاميم جديدة مخصصة لربيع وصيف 2021، مع توسيع الإنتاج ليشمل موديلات جديدة". وهي تطمح إلى أن تصبح بعلامتها التجارية اسماً معروفاً، بالإضافة إلى اشتهار ماركتها التجارية في كلّ أنحاء العالم، بعدما تتمكّن من تصدير منتجاتها بحرية ومن دون قيود الاحتلال والحصار، وذلك مع لصيقة كُتب عليها "صُنِع في غزّة بكلّ حبّ". وتفخر شام قائلة إنّ "مشروعي أتى كتشجيع لشابات كثيرات في غزة، خصوصاً أنّ التسويق لم يعد بالطرق التقليدية إنّما عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأنا مثلاً، لم أعمد إلى أيّ إعلان مدفوع، إنّما اخترت تصميماً تحبّه الفتيات مع شعارات لطيفة وأخرى وطنية".

المساهمون