هل لعبت تقنية استمطار السحب دوراً في الأمطار الغزيرة بالإمارات؟

هل لعبت تقنية استمطار السحب دوراً في الأمطار الغزيرة بالإمارات؟

17 ابريل 2024
منظر عام للشوارع التي غمرتها المياه بدبي في 17 إبريل 2024 جراء الأمطار (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الإمارات تعرضت لعواصف وأمطار غزيرة غير مسبوقة في 15-16 إبريل، وصفت بأنها الأعنف منذ 75 عامًا، مما أدى إلى فيضانات وإلغاء رحلات جوية وإغلاق مؤسسات.
- استخدام تقنية الاستمطار في الإمارات لزيادة هطول الأمطار أثار جدلًا حول تأثيرها على الفيضانات، لكن خبراء استبعدوا أن تكون سببًا رئيسيًا للفيضانات.
- تقنية تلقيح السحب تهدف لزيادة هطول الأمطار بنسبة 10 إلى 30%، وعلى الرغم من الجدل حول فعاليتها وتأثيراتها، تبقى الآراء مختلفة حول تأثيرها على المناخ.

شهدت الإمارات بين يومي 15 و16 إبريل/ نيسان، عواصف قوية وهطول أمطار غزيرة وُصفت بأنها الأقوى والأعنف منذ 75 عاماً، وتسببت في بعض المناطق بحدوث فيضانات، وإلغاء العديد من الرحلات الجوية، وإقفال المطار، وتعليق العمل بمؤسسات تعليمية وحكومية.

أتت العواصف في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تغيّرات مناخية، تؤثر بمستوى هطول الأمطار. وأكد المركز الوطني للأرصاد في الإمارات في وقت سابق أن "الكميات القياسية للأمطار التي هطلت على الدولة خلال الـ24 ساعة الماضية وحتى الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء تعد حدثاً استثنائياً في التاريخ المناخي للدولة منذ بداية تسجيل البيانات المناخية".

ووفقاً لتقرير صادر عن مجلة "ذا تايم"، الأميركية اليوم الأربعاء، فقد سعت الإمارات إلى جانب بعض الدول إلى استخدام تقنية الاستمطار، وبناء عليه أرسلت السلطات أوامر إلى المركز الوطني للأرصاد لحقن مواد كيميائية في السحب في محاولة لاستمالة بعض الأمطار في وقت سابق من الأسبوع الماضي. ونتيجة لذلك، هطلت الأمطار بشكل غير مسبوق، وتسببت في حصول أضرار عديدة في الممتلكات، بالإضافة إلى ذلك، تسببت بإلغاء العديد من الرحلات الجوية وإقفال المطار، والمدارس، بالإضافة إلى الطرقات، فيما طالبت السلطات من الموظفين وتحديداً القطاع الحكومي، العمل عن بعد.

ماذا عن الاستمطار؟

سعى بعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تسليط الضوء على إمكانية أن تكون الإمارات قد لجأت إلى الاستمطار، فعلى سبيل المثال سأل حساب Wide Awake Media عن إمكانية أن تكون الفيضانات نتيجة الاستمطار الذي تلجأ إليه الإمارات، وفقاً لتقرير المجلة.

في المقابل، سأل حساب جيف بيرارديلي كبير خبراء الأرصاد الجوية والمناخ، في الولايات المتحدة، في تغريدة له على منصة "إكس"، إن كانت ما شهدته الإمارات من أمطار، قد يكون نتيجة "البذر" السحابي أو ما يعرف بتلقيح السحب الذي قد ساعد في إغراق البلاد بالأمطار والعواصف. 

يشير خبراء في المناخ والجيولوجيا، بحسب "ذا تايم"، إلى أنه وعلى الرغم من قيام الإمارات أو غيرها من الدول، بتقنيات تلقيح السحب، فإن تثيبت ما حصل فعلاً في الأيام الماضية، قد يكون أمراً مضللاً.

واستبعدت روزلين برينسلي، رئيسة حلول الكوارث في معهد الجامعة الوطنية الأسترالية لحلول المناخ والطاقة والكوارث، أن يتسبب تلقيح السحب في حدوث فيضان"، واصفة مثل هذه الادعاءات بأنها "نظريات مؤامرة". وفقاً للمصدر نفسه.

وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها إلقاء اللوم على تقنيات الاستمطار السحابي والتسبب في حصول الفيضانات في دبي وفي جميع أنحاء العالم. ففي فبراير/ شباط، اتهم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولين يعملون في برنامج تجريبي للتلقيح السحابي في كاليفورنيا بالتسبب في عواصف ضربت الولاية، على الرغم من عدم استخدام التكنولوجيا قبل العواصف المعنية. وفي أستراليا في عام 2022، بينما شهدت البلاد هطول أمطار قياسية، أعاد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي نشر مقطع إخباري قديم تساءل عما إذا كان هناك رابط بين تلقيح السحب والفيضانات، وهو ما نفاه الخبراء، حسبما توضح المجلة.

أسباب الفيضانات

بحسب تقارير نشرت في صحف غربية، من ضمنها "ذا غارديان" اليوم، فإن ما حصل في الإمارات من فيضانات يعود سبب منه إلى أن الدولة لم تطور بنية تحتية فعالة لصرف المياه، وبالتالي تكدست المياه في الطرقات والشوارع.

في حين يعتقد بعض الخبراء أن السبب الرئيسي لمثل هذه الأحداث المناخية المتطرفة، يتعلق بالتغير المناخي، إذ إن الهواء الأكثر دفئاً يمكن أن يحمل المزيد من المياه، مما يؤدي بعد ذلك إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات في بعض المناطق. ويعتبر التغير المناخي بالإضافة إلى تقنيات بذر السحاب، عوامل قد تؤدي إلى حصول مشاكل في المناخ، وإلى حدوث اضطرابات في الأحوال الجوية.

ماذا يعني البذر السحابي؟

تتكون الغيوم من قطرات ماء صغيرة أو بلورات ثلجية تتشكل عندما يبرد بخار الماء في الغلاف الجوي ويتكثف حول جزيئات صغيرة من الغبار أو الملح تطفو في الغلاف الجوي. وبدون هذه الجسيمات، المعروفة بالتكثف أو نوى الجليد، لا يمكن أن تتشكل قطرات المطر أو رقاقات الثلج ولن يحدث هطول.

وبالتالي فإن تلقيح السحب، يعد تقنية لتعديل الطقس تعمل على تحسين قدرة السحابة على إنتاج المطر أو الثلج عن طريق إدخال نوى جليدية صغيرة في أنواع معينة من السحب المتجمدة، توفر هذه النوى قاعدة لتكوين رقاقات الثلج، وبعد أن يجري تلقيح السحب تنمو رقاقات الثلج المتكونة حديثاً بسرعة وتسقط من السحب عائدة إلى سطح الأرض، مما يزيد من تراكم الثلوج وتدفق المجاري المائية، بحسب توضيحات "ذا تايم".

في السنوات القليلة الماضية، عمدت الإمارات كغيرها من الدول إلى استخدام هذه التقنية للحصول على الأمطار، في ظل الطقس الجاف والصحراوي، ومولت للغاية هذه العديد من برامج الأبحاث، لتحديد مدى قابلية تلقيح السحاب بشكل علمي ومدروس يؤدي إلى جعل الطقس في البلاد أكثر قبولاً، أي الحصول على طقس معتدل.

وبحسب مركز الأرصاد الجوية في الإمارات العربية المتحدة، فإن عمليات تلقيح السحب يمكن أن تزيد من هطول الأمطار بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 30%. في حين يعتقد معهد أبحاث الصحراء (DRI)، أن تلقيح السحب يمكن أن يزيد من هطول الأمطار الموسمي بنحو 10% فقط، بينما قدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في عام 2019 أن تأثيرات تلقيح السحب تتراوح من لا شيء إلى 20%، وفقاً لمعطيات أوردها تقرير "ذا تايم".

تاريخ طويل وحظر أممي

تجمع دراسات على أن تقنيات بذر السحاب، أو تلقيحها بدأت منذ أربعينيات القرن الماضي، واستخدمتها الكثير من الدول. من ضمنها الصين، على سبيل المثال لضمان الحفاظ على السماء الزرقاء في أولمبياد بكين عام 2008، كما استخدمتها موسكو من أجل درء السحب المشعة المتجهة إلى موسكو في أعقاب كارثة نووية في تشيرنوبيل، كما عمدت بعض الدول إلى استخدامها في إطار الحروب، ولذا عمدت الأمم المتحدة إلى حظر استخدام تعديل المناخ والطقس لأغراض سياسية وأمنية وعسكرية.

ذهبت "ذا تايم" إلى أنه حتى الآن لا يوجد أي توافق بين الخبراء، إن كانت عمليات الاستمطار أو تقنيات بذر السحاب، قد يكون لها تأثير إيجابي أو سلبي، البعض يرى أن الاستمطار تسبب فيما يعرف باسم "المسارات الكيميائية"، وهي خطوط بيضاء تشبه السحب في السماء، وقد يكون لها تأثير على المناخ والصحة. وأعرب آخرون عن مخاوفهم الصحية بشأن المواد الكيميائية المستخدمة في زرع السحب، على غرار مادة "يوديد الفضة"، وهي مادة شائعة الاستخدام، قد تكون سامة للحيوانات.

ونقلت المجلة عن لورا كول، أستاذة السياسة العامة في جامعة نورث إيسترن قولها في دراسة لها نشرت في مجلة الذرة، إن تلقيح السحب قد يؤدي إلى حصول أضرار تفوق المنافع، وقد تثير شكوك حول استخدامها، وفاعليتها وتأثيراتها الحقيقية.

المساهمون