غزيون نسوا الأمل بعد حصارين

غزيون نسوا الأمل بعد حصارين

01 يناير 2021
يعيشون في منطقة الباطنية (محمد الحجار)
+ الخط -

لا يتردّد الغزيّون في القول إنّ 2020 كان عاماً مشؤوماً عليهم كما على بقية الناس في مختلف أنحاء العالم، مع تفشي فيروس كورونا. إلا أنهم وجدوا أنفسهم يعيشون حصارين، الحصار الإسرائيلي الذي يدخل عامه الخامس عشر، وحصار كورونا الذي ضيّق عليهم أكثر وأكثر، حتى إن التنزه على مقربة من الشاطئ بات صعباً. قد تختلف أمنيات الغزيين عن غيرهم من الشعوب. حتّى إنّ الحصار الإسرائيلي أصبح أمراً مفروضاً عليهم إلى درجة يئسوا من زواله، لأن الواقع دفعهم إلى التفكير بالاحتياجات الأساسية التي تكفلها القوانين الدولية، والتي أصبحت بالنسبة إليهم مجرّد أحلام.
وفي منطقة يُطلق عليها البعض اسم الباطنية، يُقيم غزيون مهمشون فوق أراضٍ حكومية، وقد ضحك الكثير من القاطنين في المنطقة لدى سؤالهم عن تطلعاتهم وأمنياتهم لعام 2021. يقول أدهم عوني (43 عاماً)، مشيراً إلى منزله: "انظر إلى حالنا. كيف تريد مني أن أحلم وأنا أعيش في منزل مثل هذا؟ لا مال ولا عمل ولا أمان ولا طعام. نعدّ الأيام فقط".
خرج عوني من السجن في فبراير/ شباط 2020 وقد سجن لعدم قدرته على تسديد الديون المتراكمة عليه. وفي عام 2020، زاد حاله سوءاً. كثيراً ما كان يتهرّب من بلاغات الشرطة لأنه لم يسدّد ديونه. يقول: "أتمنى أن أموت العام المقبل، وأن يتبنى أهل الخير أطفالي الخمسة، ويطعموهم ويصرفوا عليهم ويساعدوهم في التعليم فقط".

قضايا وناس
التحديثات الحية

على مقربة من الرجل أطفال يلعبون، وبعض هؤلاء لا يحبون منطقتهم ويتمنون العيش في أماكن أخرى بعيدة عنها في العام الجديد. أحدهم يدعى يزن (8 أعوام)، يقول إنه يرغب في الانتقال من الباطنية. يخجل حين يعرف أصدقاؤه أنه يسكن فيها، إذ يشيرون إلى أن المنطقة متسخة. الأمر نفسه تشعر به شقيقته ياسمينة (7 أعوام).  
وعلى مقربة من الباطنية، يجلس رجل على باب مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال. كان ينتظر انتهاء جلسة غسل الكلى التي يجريها طفله أيهم (6 سنوات) في قسم الكلى. يقول إن عام 2020 كان من الأصعب على الإطلاق. أُصيب قبل شهرين بفيروس كورونا، وخاف أن ينقل العدوى إلى ابنه، إلا أن ذلك لم يحدث. كذلك، خسر عمله محاسباً في إحدى شركات الصناعات الغذائية شرق مدينة غزة بسبب الظروف الاقتصادية.

الصورة
منطقة الباطنية (محمد الحجار)

يضحك حين يُسأل عن أمنياته في عام 2021. يقول: "عدتُ طفلاً صغيراً حين سمعت السؤال". نظر إلى مبنى المستشفى قبل أن يقول: "أتمنى ألّا أعود إلى هذا المستشفى مرة أخرى، وأن يجري أيهم عملية زراعة الكلى، ولا أريد شيئاً آخر. الأحلام قد نحاسب عليها في غزة. الصاروخ الإسرائيلي وفيروس كورونا قضيا على أحلامنا".
في مخيم الشاطئ، الحركة بطيئة. وعند المفترقات، ينتشر باعة متجولون. بدورهم، يضحكون لدى سؤالهم عن تطلعاتهم للعام الجديد. أحد الباعة، وهو سليمان مطر (48 عاماً)، يقول: "يمكن أن أموت. لم أمت من جراء القصف الإسرائيلي في الانتفاضة الأولى عام 1987، بل أصبت بقدمي اليسرى. يمكن أن أموت إذا ما أصبت بكورونا. بعيداً عن ذلك، ما زلت أحلم بأن أحصل على بيت جديد".

الصورة
منطقة الباطنية (محمد الحجار)

على مقربة منه، كانت صفية كارم (60 عاماً) تبيع الخضار. تقول إن أمنيتها للعام الجديد تزويج ابنتيها اللتين تعيشان معها في منزلها البسيط في المخيم. عمر الأولى 30 عاماً، والثانية 25 عاماً. تقول: "أريد أن أفرح بهما قبل أن أموت". تتمنى أيضاً ألا تنقطع عنها مساعدات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتلك المقدمة من وزارة الشؤون الاجتماعية للعائلات الأشد فقراً كل ثلاثة أشهر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في متنزه الجندي المجهول وسط مدينة غزة، يجلس عائد أبو دية (17 عاماً) إلى جانب أصدقائه قبل بدء وقت حظر التجول عند السادسة مساءً. يقول إنه لا يريد الحديث عن أمنيته حتى لا ينعكس عليه الأمر سلباً العام المقبل. وفي الوقت نفسه من العام الماضي، أجرى معه مراسل إحدى القنوات المحلية مقابلة عن أمنيته لعام 2020، وقال إنه يرغب في أن تشفى والدته من مرض السرطان، وأن يعمل في مهنة لمساعدة أسرته. لكن في مايو/ أيار الماضي، توفيت والدته، ولم يجد عملاً بعد.

الصورة
منطقة الباطنية (محمد الحجار)

أما صديقه أحمد عليان (17 عاماً)، فيقول إن لديه أمنية غريبة. منذ طفولته وهو يسمع عن أمنيات تتحقق. يتمنى أن يشاهد كل مباريات الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا من دون انقطاع التيار الكهربائي أو بث القنوات الفضائية من جراء طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تحلّق في سماء غزة.

المساهمون