ارتفاع الغضب ضد "قسد" شرق سورية... واجتماع "عشائري" بأنقرة
لم تكد تهدأ المعارك في ريف دير الزور الشرقي بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تتلقى الدعم من التحالف الدولي، وبين تنظيم "داعش"، حتى طفت على السطح مجموعة مشاكل لم تعمل هذه القوات على إيجاد حلول ناجعة لها، ما دفع الأمور إلى حافة التوتر والاحتقان، وتجلى ذلك في حراك شعبي ظاهره تردي الحالة المعيشية وانعدام الخدمات، وباطنه الخوف على مستقبل منطقة لطالما عانت من التهميش والإقصاء. يأتي هذا فيما شهدت العاصمة التركية أنقرة، اجتماعاً ضم نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، مع وفد من "مجلس القبائل والعشائر السورية"، للبحث في "مصير منطقة شرقي نهر الفرات". وفي هذا الوقت، قتل جندي تركي، وأصيب أربعة، نتيجة قصف "قوات سورية الديمقراطية" بالهاون لنقطة عسكرية تركية قرب إعزاز شمال مدينة حلب. وردّت القوات التركية على مصادر القصف.
واتسع نطاق التظاهرات ضد "قسد"، التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الفقري، في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، وذلك اعتراضاً على انعدام الخدمات في هذا الريف المثقل بمختلف أنواع الأزمات. ويطالب المتظاهرون، وفق شبكة "فرات بوست" الإخبارية المحلية، "بمنع نقل النفط الخام إلى النظام، والإفراج عن المعتقلين، والتوزيع العادل لثروات المحافظة، ورفض ما تقوم به هذه القوات من عمليات اعتقال عشوائية بحق المدنيين". وأشارت مصادر محلية إلى أن التظاهرات شملت قرى الحصان والجنينة وسفيرة، ثم امتدت إلى بلدة البصيرة ومنطقة الصور وبلدة الدحلة وقرية الطيانة، وغيرها من القرى. وأدت ممارسات "قوات سورية الديمقراطية" إلى فقدانها دعم المكون العربي شرق نهر الفرات، خصوصاً في ريف دير الزور الشرقي الخالي تماماً من أي وجود للأكراد السوريين، إذ لم تعمل هذه القوات على تشكيل مجالس محلية تقدم خدمات لسكان المنطقة الغنية بالبترول. وانتزعت "قسد" السيطرة على الريف بعد معارك ضارية مع تنظيم "داعش" أدت في النهاية إلى إنهاك المنطقة على كافة المستويات.
ومن الواضح أن "قسد" لم تدرك أن حسابات الحرب مختلفة تماماً عن حسابات السلم، وأن المنطقة بحاجة إلى حلول إسعافية للعديد من المشكلات، خصوصاً ما يتعلق بالكهرباء والماء والصحة والتعليم. كما لم تعمل هذه القوات على تسليم إدارة المنطقة لمجالس محلية ذات مصداقية من أبناء ريف دير الزور، كيلا تتولد مخاوف من وجود كردي يمكن أن يعبث بهوية منطقة عربية خالصة، كما يفعل الإيرانيون في ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات. وأشار رئيس تحرير موقع "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه كان من المتوقع حدوث التظاهرات "بسبب المعاملة السيئة من قبل قوات سورية الديمقراطية لسكان المنطقة، وعدم قدرة هذه القوات على تقديم الخدمات"، مضيفاً "فرض الأكراد إرادتهم على المنطقة، والتظاهرات تأتي رداً على هذه السيطرة". وأعرب علاوي، وهو من أبناء ريف دير الزور الشرقي، عن اعتقاده بأن "قوات سورية الديمقراطية" ستخسر في حال اتخذت قرار المواجهة مع المتظاهرين، مضيفاً "لا اعتقد أن التحالف الدولي سيسمح بذلك". كما أعرب عن قناعته بأن "قسد" ستستجيب لبعض مطالب المحتجين الخدماتية وتعطي حصة من النفط لسكان المنطقة، موضحاً "في النهاية يجب أن تدار المنطقة من أهلها وليس لقسد مصلحة في الصدام معهم".