تنقيح قانون الإرهاب بتونس... ضرورة أمنية أم إملاءات خارجية؟

تنقيح قانون الإرهاب في تونس... ضرورة أمنية أم إملاءات خارجية؟

19 مايو 2018
من جلسة سابقة لمجلس نواب الشعب التونسي (ياسين غايدي/الأناضول)
+ الخط -
كشف الاستماع إلى وزيري العدل غازي الجريبي والداخلية لطفي براهم، أمام البرلمان التونسي، أن تنقيح قانون الإرهاب في تونس يدخل في إطار الاستجابة لإملاءات دولية، وليس ضرورة أمنية داخلية، الأمر الذي أثار حفيظة قوى المعارضة.

وانتفض نواب المعارضة البرلمانية أمس في وجه وزير الداخلية المطالب بإدخال بعض التعديلات على قانون مكافحة الإرهاب، التي لم ترد ضمن مطالب الحكومة.

وأثارت مطالب براهم خلال جلسة استماع في لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب سخرية نواب المعارضة واستغرابهم، بسبب عدم تجانس مقترحاته أو تناقضها في بعض البنود مع مشروع القانون المعروض من الحكومة لتنقيح وإتمام قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال.

من جانبه، أكد وزير العدل، أمس خلال مداخلته أمام اللجنة، أن السبب الرئيسي لتنقيح القانون الصادر بعد 2015 يدخل في إطار التوصيات التي أوردتها مجموعة العمل المالي "غافي".

ويتضمن التنقيح تعديلات تشمل 50 بنداً تتعلق في مجملها بالجزء الخاص بمكافحة غسيل الأموال، وذلك استجابة لتوصيات مجموعة العمل المالي، التي صنّفت تونس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 ضمن قائمة "الدول عالية المخاطر وغير المتعاونة". وعلى الرغم من قبول تونس التوصيات وشروعها في تنقيح عدد من القوانين، من بينها قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، فقد قررت منظمة "غافي" في يناير/ كانون الثاني إعادة تصنيف تونس ضمن قائمة "الدول الخاضعة للرقابة".

ودعت النائبة المعارضة عن حزب "التيار الديمقراطي" سامية عبو، وزير الداخلية إلى تقديم هذه المقترحات في مجلس وزاري برئاسة يوسف الشاهد، يخصص لقانون الإرهاب قبل إرساله إلى البرلمان، ثم استدركت قائلة: "إلا إذا كانت العلاقة بينكما متوترة... وأظن أنها علاقة طيبة".

وأشارت عبو إلى أن التدخل الخارجي في تونس أصبح مكشوفاً للجميع وحكومة الشاهد تطبق توصيات المؤسسات الخارجية وتخضع للتعليمات الدولية، مستفسرة عن موانع التنسيق وإدخال التعديلات التي تهم المنظومة الأمنية التونسية لتقوم بواجبها في مكافحة الإرهاب على أحسن ما يكون.

ودعت عبو إلى "تقديم مبادرة من وزارة الداخلية لتضمين تنقيحات تخصّ مكافحة الجريمة الإرهابية"، مشيرة إلى أنه "سيتم تبنيها والدفاع عنها".

بدوره، عبّر النائب المعارض أحمد الصديق عن استغرابه من عدم التنسيق بين الوزارات المعنية بمكافحة الإرهاب.

وبيّن الصديق أنه "لا مانع من تعزيز النص القانوني ببنود وتنقيحات ترى فيها الأجهزة الأمنية ضرورة لضمان حسن أداء واجبها في القضاء على الإرهاب وملاحقة الإرهابيين، خصوصاً أنها مناسبة لإدخال التنقيحات اللازمة بعد أن شرع البرلمان بدوره في النظر في المشروع القادم من الحكومة".

من جهتها، تساءلت النائبة عن حزب "النهضة" فريدة العبيدي، عن سبب عدم تضمين مقترحات وزارة الداخلية في المشروع الحكومي، وعن كيفية التعاطي معها من الناحية الإجرائية كبرلمانيين، و"الحال أن التنقيحات تخص أساساً الجزء الخاص بجريمة غسيل الأموال".

وبيّنت ملاحظات وزير الداخلية عدم انسجام الفريق الحكومي واضطراباً في التعاطي مع القوانين المحالة إلى البرلمان، على الرغم من محاولات وزير الداخلية تجاوز انتقادات البرلمانيين الذين أثنوا من جهة أخرى على مجهود قوات الأمن من مختلف الأسلاك في مقاومة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين.

ونبّه لطفي براهم إلى أن خطر الإرهاب ما زال قائماً، على الرغم من تحسّن المؤشرات الأمنية وجاهزية القوات المختصة في مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن السلطات تمكنت منذ بداية سنة 2018 من القضاء على 6 عناصر إرهابية، ومباشرة 507 قضايا إرهابية مقابل 536 قضية خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

من جانبه، شرح مدير وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للإدارة العامة للحرس الوطني، تبعات البند 57 جديد المقترح من الحكومة، الذي سيضرب عمليات الاختراق باستعمال ذي الشبهة، وسيكبل العمليات الاستباقية بتجنيد أشخاص يحملون الفكر التكفيري ممن تم التغرير بهم، داعياً إلى ضرورة حذفه باعتباره ينص على أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال اللجوء إلى الاختراق بواسطة ذي الشبهة".

وأوضح المصدر ذاته أن قرابة 90 في المائة من النجاحات الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب يعود الفضل فيه إلى الاختراقات الأمنية عبر الاستعانة بذوي الشبهة.

ولفت المدير العام للقطب الأمني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة إلى أهمية تخصيص مكافآت وتعويضات للمجندين والمبلغين وضرورة توفير الحماية لهم، داعياً إلى ضرورة التنصيص على ذلك في صورة تنقيح القانون، نظراً للحاجة الملحة إلى هذه الوسائل، سواء على مستوى العناصر الأمنية أو المبلغين والمتضررين من العمليات الأمنية من سكان المناطق الحدودية.