حكومة الشاهد على صفيح ساخن... و"اتحاد الشغل" يصعد

حكومة الشاهد على صفيح ساخن... و"اتحاد الشغل" يصعد

05 مارس 2018
ازمات تونسية بغياب سند للشاهد(شين غالوب/Getty)
+ الخط -
يجتمعُ اليوم الإثنين المكتب التنفيذي لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل"، النقابة الأبرز في تونس، لبحث قرار الحكومة التونسية تعليق كلّ الإجراءات التي أعلن عنها لحل أزمة الحوض المنجمي في الجنوب التونسي، فيما تعيش حكومة يوسف الشاهد على صفيح ساخن بعد تراكم الأزمات المتعلقة بالحوض المنجمي ومحتجي الكامور والصراع بين الأمنيين والقضاة، إضافة إلى الإستحقاق "البلدي" بغياب الدعم السياسي والحزبي للشاهد.

وكانت رئاسة الحكومة قد أعلنت السبت الماضي، أنه سيتم تجميد كل برامج الانتداب والتشغيل التي أعدتها شركة "فوسفات قفصة"، أو التي تعتزم القيام بها، وتعليق نتائج مناظرات الانتداب إلى غاية استئناف الإنتاج، ونقله بوتيرته العادية.

وكلفت الحكومة التونسية وزير العدل غازي الجريبي القيام الفوري بالتتبعات القضائية، ضدّ كلّ من يخرق القانون ويعمد إلى تعطيل الإنتاج ونقله، وأنّه على كل الجهات المختصة مهمة تحديد المسؤولين عن هذا الوضع.

وأكدت الحكومة على "ضرورة اتخاذ كل الإجراءات من أجل حماية المصلحة الإقتصادية الوطنية"، وهي بـ"قدر حرصها التام على حماية الحقوق والحريات المضمونة في الدستور"، فإنها "حريصة على اتخاذ كل الإجراءات لضمان تطبيق القانون وحماية المصلحة الوطنية العليا".

وتشكل هذه القرارات منعطفاً جديداً في التعامل مع قضية المحتجين في الحوض المنجمي، وقضية المحتجين عموماً، اذ يبدو أن الحكومة ترفع سقف الإنذار بتطبيق القانون، بعدما شعرت بالخطر الكبير إثر توقف إنتاج الفوسفات بالكامل. ولكن لماذا غيرت رئاسة الحكومة التونسية من لهجتها، خصوصاً أن الشاهد أكد منذ أيام في حوار بثته القناة الرسمية أن "ملف الفوسفات يحل بالحوار، ودون استعمال القوة، وببدائل تنموية جديدة... وأن الحكومة تسعى إلى التوصل إلى قرارات وإجراءات تمكن من حل أزمة الفوسفات".

ويبدو أن ملف الحوض المنجمي سيكون حلقة جديدة من صراع الحكومة و"اتحاد الشغل"، بعدما انتهى شهر العسل بينهما، حيث تغيرت المواقف جذرياً، ووصلت الى حدّ التلاسن عن بعد، فقد كان الأمين العام لـ"اتحاد الشغل"، نور الدين الطبوبي، ضد تعديل الحكومة، لأنه قد يهدد الاستقرار الهش، ولكنه أصبح اليوم يطالب بتغيير في الحكومة، ما استدعى رداً من رئيسها يوسف الشاهد أكد فيه أن هذا الأمر من صلاحيته وحده.

ولكن الطبوبي عاد وأوضح موقف منظمته بأنه "آن الأوان للقيام بتقييمات موضوعية وجدية، لأن الاتحاد لن يكون شاهد زور، ولن يكون حضوره مجرد صورة إعلامية، بل لأجل خدمة تونس على ضوء خيارات وبرامج تقدمية تؤسس لدولة مدنية تقدمية تتوفر فيها التنمية المستدامة".

وتوجه الطبوبي بالحديث مباشرة إلى رئيس الحكومة التونسية قائلا: "نحن لا ننازعك في صلاحياتك، ولا ننازع في صلاحيات أي مؤسسة دستورية، ولكن بما أنك تترأس السلطة التنفيذية، فأنت مؤتمن على تونس، ومُطالب بالأرقام والنتائج، وعندما أنظر وأتمعن في نتائجك، أجدها اليوم كلها سلبية".

ويعتبر هذا التصريح بمثابة الورقة الخضراء لبداية التفكير في تغيير الحكومة، فقد كان "الاتحاد" تقريباً المساند الأول، وربما الوحيد، للشاهد وحكومته، ولكن يبدو بحسب ما تشير إليه مصادر نقابية، أن الأخير تراجع عن التزاماته مع "الاتحاد"، خصوصا في ما يتعلق بالتصويت في بعض المؤسسات الحكومية، ولذلك قال الطبوبي إن "الحكومة تؤكد في كل خطاباتها أنه لن يتم التفريط في المؤسسات العمومية، ولكن في آخر ظهور لرئيس الحكومة قال سنفرط في 10 في المئة من المؤسسات العمومية، وأقول له لا يمكن التفريط في رصيد تونس من المكاسب الاجتماعية، ولن تبيعوا مؤسسات الدولة، ولن يكون هناك تفريط في القطاع العام، وهذا الموضوع خط أحمر".

وأضاف الطبوبي موجهاً كلامه للشاهد: "لا ننوي منافستكم، فلن نتقلد لا منصب وزير ولا منصب كاتب دولة، ولكن تبقى بيننا مصلحة تونس فقط، وليس لنا أي استهداف لأي طرف كان.. وهناك بعض الوزراء كل يغني على ليلاه، وهناك تفكك في أجهزة الدولة".

وتضاف هذه المواجهة المُحتملة للحكومة مع المحتجين في الجنوب الغربي، إلى مواجهة أخرى في الجنوب الشرقي، تحديداً قي تطاوين، حيث عاد محتجو "الكامور" إلى خيم الاعتصام من جديد، بعد عدم تطبيق أي بند من بنود الاتفاق السابق مع الحكومة، على حدّ قولهم.

وهدد المحتجون بالتصعيد من خلال التوجه إلى محطة "الفانة" في الكامور من جديد لإيقاف ضخّ البترول.

وللتذكير، فإن تلك الأزمة انتهت بعدما دخل "اتحاد الشغل" على خط المفاوضات وقدم نفسه ضامنا للاتفاق. لكن يبدو أن الأمور عادت للتدهور من جديد.

وتضاف أيضاً هذه الأزمات الخانقة إلى الصراع بين الأمنيين والقضاة والمحامين، بعد تصاعد التوتر بينهم مؤخراً، ما أدى ‘لى إقالة مدير الأمن وعدد من القيادات الأمنية الأخرى، ما تسبب بحسب التسريبات في أزمة بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية.

وتحصل جميع هذه الأزمات في غياب تام لسند سياسي وحزبي متين للشاهد، وفي أفق انتخابات بلدية  لا يعرف أحد كيف ستجري.

المساهمون