فلسطينيو الداخل في النقب... صراع دائم على الأرض

فلسطينيو الداخل في النقب... صراع دائم على الأرض

الناصرة

ناهد درباس

ناهد درباس
14 ديسمبر 2017
+ الخط -
يعاني فلسطينيو الداخل في النقب من السياسات العدائية التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية تجاههم، مع محاولتها المستمرة لتهجيرهم من أرضهم وتضييق الخناق عليهم بالقضاء على مصادر أرزاقهم، ليصبحوا في صراع دائم على الأرض، التي كانت لهم حتى قبل قيام "دولة إسرائيل". هذا الواقع يرسم تحديات يومية أمام أهالي هذه المنطقة من العرب، الذين يواجهون مشاكل اجتماعية واقتصادية وحياتية، تفاقمها سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية تجاههم، ليتصدّروا قائمة المآسي، فنحو سبعين في المائة من أطفال النقب يعيشون تحت خط الفقر، فيما تهدم السلطات الإسرائيلية 1200 بيت عربي كل سنة في النقب، ولا تعترف بملكية الأهالي للأرض.

"سياسات السلطات الإسرائيلية عدائية تجاه النقب في كل المجالات، سواء في مجال البنى التحتية أو العمل أو التربية والتعليم والاستثمار"، بهذا الكلام يلخّص النائب في القائمة العربية المشتركة عن حزب "التجمّع الوطني الديمقراطي"، جمعة الزبارقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، واقع تلك المنطقة، مشيراً إلى أن المواطن العربي في النقب يعاني من قضايا ومشاكل يومية، ولا يوجد أفق للحل في ظل حكومة إسرائيلية يمينية.

يشرح الزبارقة الذي بدأ عمله في الكنيست قبل ستة أشهر، أن مساحة النقب كبيرة وتصل إلى نصف مساحة فلسطين التاريخية، لافتاً إلى أنه "في عام النكبة بقي 11 ألف عربي في النقب، فيما تم تهجير قرابة 100 ألف منهم". أما عن وضع أهالي تلك المنطقة اليوم، فيقول "إننا نتحدث عن قرى كاملة يقومون بتهجيرها، إضافة إلى استثناء العرب من التطوير الهائل في النقب، كما أن هناك 40 قرية غير معترف بها، فيما أم الحيران هُجّرت وأقيمت مكانها قرية يهودية باسم حيران".

يُلخص النائب العربي في الكنيست هذا الواقع بالقول إن "صراعنا في الأساس على الأرض والحيز"، موضحاً "إننا نطالب بالاعتراف بـ860 ألف دونم للعرب في النقب، فيما السلطات الإسرائيلية لا تعترف بالملكية في النقب أصلاً، كما أنها تقوم بتضييق الخناق على المواطنين العرب الذين يعتمد الكثيرون منهم على الرعي وتربية المواشي، بينما تعمل السلطات الإسرائيلية للقضاء على مصدر رزقهم".

معضلة أساسية تُسهم في تزايد معاناة فلسطينيي النقب، بتعيين الوزير أوري أرئيل مسؤولاً عن ملف النقب، "الذي يتعامل مع المنطقة كمسؤول عسكري، وكل الميزانيات سواء في التربية والتعليم والبنى التحتية والتطوير تمر عبر مكتبه، وهو الذي يقرر تمرير الميزانية لمن يشاء، وقطعها عمن يختار"، وفق الزبارقة، الذي يقول إن "الحكم العسكري عاد إلى النقب بتعيين أرئيل مسؤولاً أولاً وأخيراً عن المنطقة، وهو لا يحل الأمور وإنما يعقّدها أكثر، لأنه يتحكّم في الميزانيات وحتى في برامج التعليم، ما يؤكد أن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع النقب بسياسة مختلفة عن باقي المناطق العربية الأخرى في الداخل الفلسطيني".


وفي هذا السياق، يقول الزبارقة إن "القرى والمجمّعات السكنية التي اعترفت بها السلطات الإسرائيلية هي أفشل بلدات بكل المقاييس، ومنها اللقية، حورة، شكيب السلام، تل السبع، عرعرة، وراهط، ثاني أكبر مدينة عربية بعد الناصرة، وفيها أكثر من 60 ألف شخص"، موضحاً أنه "لا توجد في تلك المناطق بنى تحتية ولا أماكن للعمل ولا آفاق للتطور، كما أن السلطات لا تسمح بتوسيع المخططات الهيكلية، وهذه مشكلة تواجه كل البلدات العربية في الداخل الفلسطيني".
يشير النائب عن "التجمّع الوطني الديمقراطي" إلى أن المجتمع العربي في النقب يتميّز بأنه شاب جداً، فـ65 في المائة هم تحت العشرين عاماً، معرباً عن تخوّفه بسبب ارتفاع نسبة تسرب الشباب من المدارس وانحرافهم إلى الإجرام، لافتاً إلى "أننا نتصدّر نسبة البطالة والموت بحوادث الطرق ونسبة الأمراض المتفشية، وكل هذه الأمور السلبية ليست صدفة".

يقطن الزبارقة في بلدة اللقية في النقب، وكان قد اكتشف قبل أيام من الصحافة الإسرائيلية أن بيته معرض للهدم. يشرح أن هذا المنزل مبني منذ ما يقارب 40 عاماً على أرض كانت لوالده، وحتى أن هذا البيت بُني قبل إقامة اللقية وقبل أن تعترف إسرائيل بها، "فالسلطات الإسرائيلية اعترفت باللقية سنة 1984 وحينها كنت أقطن في هذا البيت، كما أن أبنائي ولدوا وتزوجوا فيه"، مضيفاً: "فوجئت يوم الجمعة الماضي بخبر في صحيفة (يسرائيل هيوم) بأنهم يريدون إخراجي من البيت كأنني أصبحت غير قانوني".

يؤكد الزبارقة أن وضع منزله الحالي مشابه لأوضاع الكثيرين من الأهالي في تلك المنطقة، موضحاً أن "55 ألفاً إلى 70 ألف بيت عربي غير مرخصة في البلدات العربية، وبيتي أحدها، كما أن نصف بيوت اللقية غير مرخصة وفق القانون الإسرائيلي الذي لا يعترف بملكيتنا على هذه الأراضي"، لافتاً إلى "أننا نتحاور منذ 25 عاماً على الأقل من أجل إدخال بيوت العائلة إلى المخطط الهيكلي وهم يرفضون ذلك، ومنذ العام 1929 كان جدي قد حوكم في المحكمة المركزية في فلسطين وأخذ قراراً على هذه الأرض قبل قيام دولة إسرائيل".

من جهة أخرى، يتحدث الزبارقة عن محور عمله البرلماني خلال الفترة الحالية، موضحاً أنه يعمل في الأساس على محاولة إلغاء مخطط منجم الفوسفات على قرى فرعة والزعرورة والقرى المجاورة بالتعاون مع بعض أعضاء الكنيست اليهود. ويشير إلى أنه رئيس للجنة حوادث الطرق في القائمة المشتركة، "وهذا مجال مهم، كما أعمل في قضية الحوادث البيتية للأطفال، والنقب يتصدر في هذه القضية في كل البلاد، فالكثير من الحوادث البيتية تقع في النقب، وستون في المائة من الذين يرقدون في قسم الحروق في مستشفى سوروكا هم من النقب"، مضيفاً أنه يعمل أيضاً على توفير دورات للطلاب العرب الذين يتخصصون في الطب في جامعات خارج البلاد.

ذات صلة

الصورة
اليهود المتشددون/(فرانس برس

اقتصاد

تنتقل أزمة إعفاء اليهود المتشددين في إسرائيل من التجنيد الإلزامي من الأروقة السياسية إلى دروب الاقتصاد، إذ تتصاعد تحذيرات قطاعات الأعمال من مشاكل أعمق.
الصورة
اعتداء على طفل في الخليل

سياسة

كشف مقطع فيديو، سجلته كاميرات المراقبة داخل محل تجاري في حارة جابر في الخليل، اعتداء جنود الاحتلال على طفل فلسطيني، بذريعة وجود صورة لقطعة سلاح على قميص يرتديه.
الصورة
أماكن المساعدات كمائن لقتل الإسرائيليين فلسطينيين جائعين (داود أبو الكاس/ الأناضول)

مجتمع

تتعمّد قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف نازحين غزيين ومنتظري مساعدات الإغاثة في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
الصورة

سياسة

صادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مصادرة ثمانية آلاف دونم إضافية من الأراضي في غور الأردن أعلنت أنها أصبحت أراضي تابعة لها

المساهمون