أزمة إعفاء الحريديم من التجنيد تتسع في إسرائيل: تحذيرات اقتصادية

أزمة إعفاء الحريديم من التجنيد تتسع في إسرائيل... تحذيرات من خسائر اقتصادية باهظة

القدس المحتلة

العربي الجديد

avata
العربي الجديد
توقيع
26 مارس 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي تثير سخط الأوساط الاقتصادية بسبب استمرار إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية، مما يزيد الأعباء المالية ويؤثر سلبًا على الإنتاج.
- الإعفاء يبقي نسبة كبيرة من اليهود المتشددين خارج القوة العاملة، مع توقعات بزيادة نسبتهم بحلول 2035، مما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد ويثير انتقادات من كبار رجال الأعمال.
- منتدى الأعمال والمسؤولين الاقتصاديين يحذرون من الآثار السلبية لاستمرار الإعفاء، مشيرين إلى خسائر اقتصادية كبيرة ويدعون إلى تحمل العبء بشكل متساوٍ لتجنب تفكك المجتمع الإسرائيلي.

تتصاعد حالة السخط في أوساط قطاعات الأعمال في إسرائيل من تبني رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطة تسمح باستمرار إعفاء اليهود المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية الإلزامية، أو التخفيف من شروط الانضمام إلى الجيش، ليحذر 200 من كبار رجال الأعمال من خسائر اقتصادية تعمق أوجاع الاقتصاد الناجمة عن استمرار الحرب على غزة.

وتتزامن هذه التحذيرات مع تأكيد وزارة المالية أن عدم تجنيد الحريديم يزيد من أعباء الموازنة في ظل الاعتماد في المقابل على جنود الاحتياط الأكثر كلفة، والذين يتسبب استدعاؤهم أيضا في تراجع الإنتاج في مختلف القطاعات.

ويشكل اليهود المتشددون 13% من سكان إسرائيل، وهي نسبة من المتوقع أن تزيد إلى 19% عام 2035 بسبب ارتفاع معدلات المواليد بينهم. ويقول خبراء اقتصاد إن الإعفاء من التجنيد يبقي بعضهم في المعاهد اللاهوتية بلا داع وخارج القوة العاملة.

ولم يكشف بعد عن تفاصيل التشريع الحكومي المقترح بشأن الموقف من تجنيد هؤلاء، لكن أجزاء منه سربت لوسائل الإعلام الإسرائيلية أشارت إلى أنه سيبقي على الإعفاء المثير للجدل بشكل غير مباشر، لا سيما أن مسودة مقترحة من جانب نتنياهو تتضمن رفع سن الإعفاء إلى 35 عاماً لمحاولة امتصاص غضب الحريديم الرافضين الخدمة العسكرية الإلزامية.

ويلزم القانون الإسرائيلي المواطنين، ما عدا العرب، الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً بالتجنيد الإلزامي مدة 24 شهراً للنساء، و32 شهراً للرجال، في حين يُعفى الحريديم من التجنيد منذ تأسيس دولة الاحتلال عام 1948.

لكن منتدى الأعمال، الذي يتكون من نحو 200 من كبار رجال الأعمال في إسرائيل، بينهم رؤساء تنفيذيون لأكبر البنوك وأصحاب أكبر الشركات وأكثرها تأثيراً على الاقتصاد، وجه انتقادات حادة إلى نية الحكومة رفع سن الإعفاء من التجنيد لليهود المتشددين.

وشدد في رسالة، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت أمس الاثنين، على أن ذلك "سيؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في تحمل العبء، على وجه التحديد في الفترة الأصعب التي تمر بها دولة إسرائيل، ويفكك النسيج الاجتماعي" في البلاد.

وقال المنتدى: "ندعو رئيس الوزراء إلى إزالة هذا الاقتراح من جدول الأعمال، وأن يقدم مع وزير الدفاع (يوآف غالانت) والوزير بني غانتس (عضو حكومة الحرب الإسرائيلية) اقتراحاً يخلق بنية تحتية لتحمل العبء بشكل متساوٍ.. لقد تعلمنا من أحداث العام الماضي أنه يجب علينا ألا نزيد الشرخ في الأمة، وعلينا جميعاً أن نتكاتف لضمان مستقبلنا المشترك في هذا البلد".

ولطالما وجه منتدى العمال رسائل تحذيرية من السياسات الاقتصادية الإسرائيلية في أعقاب الحرب على غزة، لا سيما ما يتعلق بانفلات العجز في الموازنة العامة وارتفاع الديون وتداعيات ذلك على التصنيف الائتماني لإسرائيل، وهو بالفعل ما حدث من خفض وكالة موديز العالمية، في فبراير/ شباط الماضي، التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية.

يأتي اعتراض منتدى العمال على توجه حكومة نتنياهو لإعفاء اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية الإلزامية، في الوقت الذي يحذر عدد غير قليل من كبار المسؤولين في البلاد من الأمر ذاته، بينهم رئيس قسم الميزانية في وزارة المالية يوآف غيردوس، الذي بعث رسالة إلى نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، حذر فيها من أنه إذا مُرّر قانون يتبنى هذا الاعفاء فإن ذلك سيؤدي إلى تكبد الاقتصاد 104 مليارات شيكل (28.8 مليار دولار) على مدى عقد من الزمن.

وأثارت الكلف المرتفعة لاستعانة جيش الاحتلال بمئات آلاف جنود الاحتياط في الحرب المستمرة على غزة أزمة بين وزارتي المالية والدفاع، إذ كشفت البيانات المالية أن كلفة جندي الاحتياط تقترب من ضعف كلفة الجندي النظامي، ما يحمل الموازنة أعباء كبيرة وسط غياب اليقين بشأن انتهاء الحرب قريباً، فضلا عن الخسائر التي يتحملها الاقتصاد جراء تحويل جهد مئات الآلاف من خطوط الإنتاج إلى الجبهات الحربية.

ونشر كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية شموئيل أبرامسون، في وقت سابق من مارس/آذار الجاري، تحليلاً يوضح الاختلافات والتكلفة التي يتحملها الاقتصاد بين تمديد الخدمة الاحتياطية مقابل تمديد الخدمة العادية.

وأكد أبرامسون أن التكلفة التي يتحملها الاقتصاد نتيجة تمديد الخدمة الاحتياطية أعلى بكثير من تكلفة تمديد الخدمة للجنود النظاميين، لافتا إلى أنه "يمكن أن تصل فروق التكلفة إلى أكثر من مليار شيكل في تمديد الخدمة في شهر واحد".

وأشارت البيانات إلى أن متوسط تكلفة جندي الاحتياط تصل إلى 48 ألف شيكل شهرياً مقابل 27 ألفاً للجندي النظامي. وبالنسبة للنساء، فإن متوسط تكلفة المجندة الاحتياطية تبلغ 32 ألف شيكل، بينما تبلغ للمجندات النظاميات 21 ألفاً شهرياً.

وبخلاف حالة السخط التي تسيطر على القطاعات الاقتصادية من إعفاء الحريديم من التجنيد، فإن توجه حكومة نتنياهو إلى إصدار قانون يسمح باستمرار هذا الاعفاء يهدد بقاء الائتلاف الحكومي الأكثر تشددا في تاريخ إسرائيل.

وكانت حكومة نتنياهو مررت قراراً في يونيو/ حزيران 2023، يأمر الجيش الإسرائيلي بعدم تجنيد طلاب المعاهد الدينية الحريدية لتسعة أشهر، حتى تقوم بصياغة قانون جديد، وتنتهي فاعلية القرار نهاية مارس/ آذار الجاري.

وتعد مشاركة "الحريدم" في الجيش من أكثر المواضيع حساسية وإثارة للتوتر في إسرائيل، إذ يعارض العلمانيون إعفاء اليهود المتدينين من التجنيد. بينما للأحزاب الدينية اليهودية ثقل في الحكومة حيث من شأن انسحابها أن يسقط الحكومة حتماً، لذلك يسعى نتنياهو في سياساته لإرضائها.

ومنذ سنوات هناك محاولات متكررة لسن قانون لتجنيد المتدينين لكن يجرى تأجيله، وأحد الشروط التي وضعها حزبا شاس ويهودوت هتوراه على نتنياهو للانضمام إلى الحكومة هو منع سن قانون كهذا.

ولحزبي يهودوت هتوراه وشاس 18 مقعداً في الكنيست من أصل 64 صوتاً داعماً للحكومة الحالية. ويلزم الحصول على ثقة 61 عضو كنيست على الأقل من أجل ضمان بقاء الحكومة، ما يشير إلى التأثير المحتمل لمغادرة الأحزاب الدينية للحكومة.

وبعيداً عن المقايضة السياسية، يشير رئيس قسم الميزانية في وزارة المالية يوآف غيردوس إلى أن تجنيد الحريديم يخفض فترات خدمة جنود الاحتياط بنحو 86%، ما يسمح بزيادة طاقتهم في مجالات العمل ويعزز الاقتصاد.

وبحسب ما نقلت صحيفة معاريف عن محللين اقتصاديين، فإن مجرد رفع سن الإعفاء من التجنيد إلى 35 عاماً لن يؤدي فحسب إلى بقاء اليهود المتدينين بعيداً عن الجيش واستمرار الاستعانة بجنود الاحتياط، وإنما سيضر سوق العمل، إذ

أشار الخبير الاقتصادي نير داغان إلى أن رفع سن الإعفاء للحريديم سيؤدي إلى زيادة عدد الطلاب الوهميين في المدارس الدينية، وزيادة مخصصاتهم في ميزانية الدولة، وزيادة في عدد العمال غير الرسميين.

بدوره، قال رئيس حزب إسرائيل بيتنا عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان : "إذا فشلنا في سن قانون التجنيد الإلزامي للجميع، فسوف يتفكك المجتمع الإسرائيلي، ولن تتمكن الدولة من الاستمرار".

ذات صلة

الصورة
مظاهرة في برلين بعد منع مؤتمر فلسطين 13 إبريل 2024

سياسة

خرجت مظاهرة، ظهر السبت، في برلين احتجاجاً على قيام الشرطة الألمانيّة بمنع انعقاد مؤتمر فلسطين، أمس الجمعة، إضافة لمنع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة
الصورة
اختاروا النزوح من مخيم النصيرات جراء القصف (فرانس برس)

مجتمع

الاستهداف الإسرائيلي الأخير لمخيم النصيرات جعل أهله والمهجرين إليه يخشون تدميره واحتلاله إمعاناً في تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، في وقت لم يبق لهم مكان يذهبون إليه
الصورة
مسيرة المسجد الحسيني

سياسة

شارك اردنيون في مسيرة شعبية حاشدة في وسط العاصمة الأردنية عمان تحت عنوان: "عيدنا بانتصار المقاومة"، مطالبين بوقف العدوان المتواصل على قطاع غزة
الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.

المساهمون