ارتدادات مذبحة الواحات: خلافات المؤسستين العسكرية والأمنية في مصر

ارتدادات مذبحة الواحات: خلافات المؤسستين العسكرية والأمنية في مصر

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
23 أكتوبر 2017
+ الخط -
تضرب خلافات داخلية كبيرة وزارتي الداخلية والدفاع ورئاسة الجمهورية في مصر، بسبب كيفية تعامُل الشرطة مع مجزرة الواحات في محافظة الجيزة، الجمعة الماضي، والتي راح ضحيتها عدد كبير من قيادات الأمن المركزي والأمن الوطني.

وأوضحت مصادر مصرية مطلعة أن "جهاز الأمن الوطني توصل إلى معلومات تفيد بوجود ضابط الصاعقة المفصول من الخدمة عام 2007، والهارب منذ فترة في ليبيا، هشام العشماوي، في منطقة الواحات، وعلى الفور قامت بتجهيز مأمورية قتالية كبيرة، لملاحقته والقبض عليه، من دون إخطار الجيش والتنسيق معه، على الرغم من أن تلك المنطقة تقع في إطار نفوذ ومتابعة القوات المسلحة". وأضافت المصادر أن "قيادات وزارة الداخلية فضّلوا القيام بتلك العملية بمفردهم من دون التنسيق مع الجيش، أو إبلاغ الجهات المختصة بالقوات المسلحة للتنسيق معهم، حتى لا ينسب لهم في النهاية الفضل في القبض على العشماوي ومجموعته". وأرجعت المصادر التضارب الكبير في التغطيات الإعلامية وتجاهُل الإعلام في تغطية الحدث في يومه الأول، الجمعة الماضي، إضافة إلى تجاهل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لمدة يومين، التعليق على المذبحة، على الرغم من ضخامتها، إلى الخلافات الكبيرة داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية. ووجه السيسي، خلال اجتماع مع وزيري الدفاع، صدقي صبحي، والداخلية، مجدي عبد الغفار، ورئيس الاستخبارات العامة، خالد فوزي، وعدد من قيادات ومسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية، أمس الأحد، "ببذل أقصى الجهود لملاحقة العناصر الإرهابية التي ارتكبت الحادث، وتكثيف الجهود الأمنية والعسكرية لتأمين حدود البلاد من محاولات الاختراق"، مشدداً على أن مصر ستواصل مواجهة الإرهاب ومن يموله ويقف وراءه بكل قوة وحسم وفاعلية، حتى القضاء عليه".

وتنسب أجهزة التحقيق للعشماوي الوقوف وراء مذبحة الفرافرة المتاخمة للحدود المصرية الليبية، والتي راح ضحيتها 28 من ضباط وجنود القوات المسلحة. وبحسب المصادر، والتي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن قوات الشرطة في عملية الواحات كانت تريد كسب نقاط في مقابل قوات الجيش، بأنها هي مَن قامت بضبط العشماوي، قبل أن تفاجأ بأن هناك كميناً تم نصبه لها وتتعرض لمذبحة سقط خلالها العشرات. وأشارت المصادر إلى أن هناك ضغوطاً كبيرة على السيسي من جانب المؤسسة العسكرية لاتخاذ موقف صارم من المسؤولين عن تلك الواقعة، لافتة إلى أن "أيام وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، باتت معدودة في الوزارة".

في مقابل ذلك، انضم رئيس أركان القوات المسلحة السابق، سامي عنان، إلى قائمة المنتقدين للتعامل مع الأزمة، قائلاً، في تدوينة له على حسابه في "فيسبوك"، "حدث جلل أصاب مصر في أرقى وأكفأ قواتها"، مضيفاً "نَحّوا العواطف جانباً الآن، لغة العقل والرشد هي ما نحتاجها حالياً". وتابع "ابحثوا عن الأسباب والدوافع وضعوها في سياقها الصحيح، وشخِصوا المرض بواقعية وبعقلانية، وأدركوا حجم الكارثة التي نمر بها ونعيشها". وتساءل نائب رئيس المجلس العسكري السابق، والذي أدار البلاد خلال فترة من المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، "هل أبناؤنا، أعز وأكفأ ما نملك، ضحية الخيانة وضعف وسوء التخطيط وعدم دقه المعلومات"، متابعاً "احترموا عقولنا تمتلكوا قلوبنا".
وكان المرشح الرئاسي السابق ورئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، قد نشر تصريحات على حسابه على "فيسبوك"، يصف فيها ما حدث بأنه كان "معركة عسكرية مكتملة الأركان". وقال مراقبون سياسيون إن هناك تعليمات صدرت من مؤسسة الرئاسة، وبتوجيه من المستشار الأمني للرئيس، اللواء أحمد جمال الدين، بعدم انتقاد أداء وزارة الداخلية، وقياداتها الحالية، بسبب ما أجمع عليه خبراء أمنيون، بعضهم ما زال على رأس العمل، حول فشل السياسات، والأساليب الأمنية التي تتبعها أجهزة الوزارة، والتي كلفت جهاز الشرطة مئات القتلى والمصابين.



وقالت مصادر برلمانية، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس البرلمان، علي عبد العال، تلقّى تعليمات واضحة من مسؤولين تنفيذيين بالدولة، بعدم إثارة موضوع الفشل، أو حتى التقصير الأمني، لوزير الداخلية، وقيادات الوزارة، والأجهزة التابعة لها، داخل البرلمان. وقد ظهر ذلك، برفض عبد العال، مدعوماً بأعضاء ائتلاف دعم مصر (ممثل الغالبية)، مطالب بعض النواب باستدعاء وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، لمساءلته عن مجزرة الواحات، والتي راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلاً بين صفوف الشرطة، داعياً لجان المجلس للإسراع في إنجاز التشريعات الداعمة لوزارة الداخلية، وضباطها. واحتد أعضاء ائتلاف الغالبية على حديث عضو تكتل "25 – 30"، جمال الشريف، في جلسة البرلمان، أمس الأحد، بشأن ضرورة استدعاء وزير الداخلية إلى البرلمان على وجه السرعة في جلسة اليوم الإثنين، كونه اختصاصاً أصيلاً لأعضاء البرلمان، لسؤاله عن حقيقة ما حدث في الواحات، والأسباب التي أدت إلى مقتل العشرات من الضباط والمجندين. واعترض عبد العال على حديث الشريف، قائلاً إنه يجب تقديم كل الدعم لوزارة الداخلية، وهو ما تحفظ عليه النائب خالد عبد العزيز، متمسكاً بضرورة استدعاء وزير الداخلية، والذي يتجاهل الحضور إلى البرلمان منذ توليه منصبه، على الرغم من تكرار الهجمات على الجنود والمنشآت، وهو ما رد عليه الأول بقوله "أرجو أن تلتزم بنظام الجلسة يا خالد... مش وقت الكلام ده!".

تمديد الطوارئ

ووافق البرلمان المصري على تمديد حالة الطوارئ في جميع أرجاء البلاد حتى 13 يناير/ كانون الثاني المقبل، وذلك بعد أن جدد عبد العال تأييد مجلسه لاستمرار حالة الطوارئ، قائلاً "لا غنى عن العمل بقانون الطوارئ في هذا التوقيت، فالحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب تتطلب ذلك"، زاعماً أن كل ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، من أخبار عن عدد قتلى الشرطة "لا أساس لها من الصحة تماماً". وكانت وكالات الأنباء تحدثت عن مقتل 58 ضابطاً وعنصراً، فيما تحدثت وزارة الداخلية عن مقتل 16 رجل أمن. وأضاف عبد العال أن "هذا الوطن للأبناء، ومن لا يريد هذا الوطن، فليذهب مع السلامة، فالجماعات الإرهابية تسعى دائماً لزرع روح الهزيمة بين المصريين، وهو ما لن يقبله جميع المصريين". وتابع أن "البرلمان يقف، أغلبية وأقلية، خلف القيادة السياسية لدعم كافة الجهود المبذولة لمواجهة الحرب ضد الإرهاب، والذي لن يقتل في المصريين الأمل، أو يهدم الثقة في وطنهم".

ودعا عبد العال اللجنة التشريعية في البرلمان إلى سرعة إعداد مشروع قانون لتعويض ضحايا الحوادث الإرهابية من جنود وضباط الأمن، وإنشاء صندوق لإعانة أسرهم، ومشروع ثانٍ مقدم من لواء الشرطة السابق، جمال عبد العال، بشأن زيادة معاشات الشرطة، وأي مشروع آخر مقدم من النواب بشأن زيادة رواتب الضباط في وزارة الداخلية، وتحسين أوضاعهم. وهو ما أيده الوكيل الآخر، سليمان وهدان، بقوله إنه يجب تسخير كل إمكانات الدولة في مواجهة الإرهاب، وإعادة تسليح القوات المسلحة والشرطة، مع إحداث حالة من التنسيق الجوي خلال الحملات الأمنية، لدحر قوى الإرهاب، والانتصار عليها، في إشارة إلى تأخر إرسال الجيش لطائرة لإنقاذ عناصر الشرطة المحاصرين في حادث الواحات.

من جهته، طالب رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، لواء الاستخبارات السابق، كمال عامر، بضرورة العمل على مواجهة الشائعات التي تستغل كل حادث إرهابي في إشعال حروب "الجيل الرابع"، للنيل من الثقة القائمة بين الشعب المصري وقوات الأمن، على حد قوله، فيما قال المتحدث باسم ائتلاف الغالبية، صلاح حسب الله، إن حادث الواحات "لن يكون الأخير"، مطالباً "أبناء الشرطة باستعادة شجاعتهم"، مجدداً تأييد البرلمان لاستمرار حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، ودعمه كافة مؤسسات الدولة، والوقوف خلف قيادة السيسي، في سبيل القضاء على الإرهاب.
إلى ذلك، تقدّم النائب طارق الخولي، ببيان عاجل، موجه إلى رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، بشأن عدم إعلان الحداد الرسمي على أرواح ضحايا حادث الواحات، مبدياً تعجبه من مضي كل هذا الوقت من نشوب الاشتباكات، من دون أن تعلن الدولة الحداد رسمياً على أرواحهم، على الرغم من حالة الحزن التي ضربت ربوع البلاد.

ذات صلة

الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.

المساهمون