ذكرى التنحي.. هل يحتفل المصريون بعودة نظام مبارك؟!

ذكرى التنحي.. هل يحتفل المصريون بعودة نظام مبارك؟!

11 فبراير 2015
استنسخ النظام الحالي سياسات نظام مبارك (فرانس برس)
+ الخط -
يحتفل المصريون كل عام، وتحديداً في 11 فبراير/ شباط، بتنحي الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، من سدة الحكم، عقب ثورة 25 يناير، ويعتبر المصريون ذكرى التنحي يوماً فارقاً في تاريخ مصر، من حيث التخلّص من نظام "فاسد" استمر قرابة 30 عاماً، عانى منها الشعب المصري ويلات الفقر المدقع والظلم وتغوّل الحزب "الوطني" المنحل في أركان ومفاصل الدولة.

ثار الشعب ضد نظام مبارك، أملاً في نظام جديد يعزز قيم المساواة والعدل بين الناس، ولا يفتح مجالاً لسيطرة رأس المال، ويرفع يد وزارة الداخلية عن المعارضين، ويوقف الاعتداءات والاعتقالات.

بيد أن ذكرى التنحي تحل هذا العام ولها طبيعة خاصة، فتحول الاحتفال من رحيل نظام فاسد، إلى عودته من جديد مرة أخرى إلى المشهد، وبدأ مجدداً في التغوّل على مؤسسات الدولة، وعلى بعد خطوات من مجلس النواب المقبل.

ويمكن أن يندرج موقف الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، من نظام مبارك تحت مثل شعبي مصري: "أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب"، في إشارةٍ لتصريحات السيسي بعدم سماحه لنظام مبارك بالعودة مرة أخرى لتصدّر المشهد، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى، فالمتابع والمدقق في تفاصيل المشهد المصري الراهن عقب الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب محمد مرسي، عقب ثورة يناير، يلمس بشكل قاطع عودة رموز الحزب "الوطني" المنحل إلى صدارة المشهد من جديد.

وقد استنسخ النظام الحالي سياسات نظام مبارك، فليس الأمر ببعيد عن تغوّل سلطات وزارة الداخلية على مؤسسات الدولة، فتحريات جهاز الأمن الوطني تدفع الشباب إلى محاكمات "هزلية" إلى السجون، دون حتى التحقق من الاتهامات الموجهة لهم.

وقد رصد "العربي الجديد"، بعضاً من الممارسات التي تؤكد عودة نظام مبارك مرة أخرى.

مهرجان البراءة

مئات القتلى وآلاف المصابين.. لم تكن كفيلة بإعدام مبارك ورموز نظامه أو حتى إرسالهم إلى غياهب السجون، جراء جرائم القتل وإفساد الحياة العامة والسياسية، بيد أن رياح القضاء المصري جاءت بما لا يشتهيه المصريون.

حوادث القتل خلال ثورة يناير لا يخطئها أعمى، ولكن القضاء المصري فسّر تبرئة مبارك ونجليه جمال وعلاء، والأدهى وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، عن قتل المتظاهرين بعدم وجود أدلة كافية.

ولكن لم تكن براءة مبارك مفاجأة لدى قطاع عريض من الشعب المصري، وتحديداً فئة الشباب، الذي رأى أن أجهزة الدولة تواطأت لتبرئة الرجل ورجاله، والمثير للدهشة أن أحكام البراءة في قتل المتظاهرين جاءت قبيل الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة.

تصدّر الفلول

ولا يمكن عزل هذا المشهد عن استعدادات فلول الحزب "الوطني" المنحل، للانقضاض على مجلس النواب المقبل، الذي يعد الاستحقاق الثالث في خارطة طريق السيسي عقب الانقلاب على مرسي.

فقد قرر أمين السياسات بالحزب "الوطني" المنحل، أحمد عز، هو الآخر خوض الانتخابات المقبلة، على مقاعد الفردي في محافظة المنوفية، وفي الخفاء يدعم تحالفات انتخابية ومرشحين مستقلين.

ويمثل جناح عز الذي سيخوض الانتخابات، أحد أجنحة الحزب "الوطني" المنحل، وعلى الجانب الآخر يقبع المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، في دولة الإمارات هارباً من قضايا منظورة أمام القضاء، ويخطط لتحالف "الجبهة المصرية" الذي يقوده.

ولا يفوت شفيق كبيرة أو صغيرة في التحالف إلا بالتدخل فيها، فالبرنامج الانتخابي واختيار المرشحين والأحزاب المنضوية تحت هذا التحالف، لا بد أن تكون بموافقته، بحسب تصريحات قيادات بالتحالف.

والأدهى في ما يخص شفيق، أنه كان رئيساً للوزراء في موقعة الجمل، حيث هاجم المعتصمين في ميدان التحرير في محاولة من نظام مبارك للتخلّص من الثورة والقضاء على آمال الشباب.

سيطرة الداخلية

"عاد الباشا بنفس الوِش".. جملة تلخّص حال وزارة الداخلية المصرية في 2015، عقب مرور 4 أعوام على ثورة قامت في الأساس على سياسات تلك الوزارة، ولا يمكن خلال رصد سياسات الوزارة في الفترة الحالية، عزلها عن تلك السياسات التي كانت متبعة في عهد مبارك.

ولكن الأدهى أن الداخلية باتت أكثر دموية وشغفاً في ملاحقة المعارضين وإطلاق اليد في الاعتقالات والتعذيب بشكل أكبر ممّا كان عليه الوضع قبل ثورة يناير.

ضباط وأفراد الشرطة الذين كانوا يختبئون خلال أحداث الثورة، وظلوا لعدة أشهر لا يتمكنون من ممارسة عملهم بشكل طبيعي، الآن يواجهون الشباب بالرصاص الحي، أما الاعتقالات فزادت بشكل كبير عقب الإطاحة بمرسي، وأصبح أي معارض "إرهابياً" يجوز قتله وتعذيبه واعتقاله لمدد متفاوتة خلافاً للقانون.

بيد أن النظام الحالي عمل على إطلاق يد وزارة الداخلية في التصرف دون قيد أو شرط بالقانون، ولأجل ذلك أقدم الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، على إدخال تعديلات على القوانين، وتحديداً مدة الحبس الاحتياطي، التي باتت على النحو التالي، لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح، و18 شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.

وعاد تجبُّر رجال الشرطة على الشعب مرة أخرى، فقبل أيام قتل أمين شرطة شخصاً في أحد المستشفيات بدعوى أنه "استفزّه"، دون اتخاذ إجراءات حاسمة مع الشرطي، وقبلها ربط أمين شرطة في الإسكندرية سائق أجرة "تاكسي" بالأصفاد في سيارته، دون رادع لهذه التصرفات.

شبكة المصالح

لم يختلف الحال بالنسبة لسطوة رجال الأعمال خلال الفترة الحالية، عن فترة مبارك، فلا يزال رجال الأعمال يحتفظون بمميزاتهم حتى الآن، وبعض رجال الأعمال أصحاب المديونيات لمصلحة الضرائب المصرية، يعملون دون الحديث عن سداد هذه الأموال للدولة.

وكان مرسي قد حاول التوصل لاتفاقات مع بعض رجال الأعمال من أصحاب المديونيات للدولة على جدولة تلك الأموال، بيد أن الإطاحة به أوقفت كل شيء.

ويُطل رجال الأعمال برؤوسهم من نافذة انتخابات مجلس النواب للسيطرة عليه مجدداً مثل برلمان 2010، الذي كان عاملاً مهماً في الإطاحة بمبارك.

ويدعم بعض رجال الأعمال قوائم انتخابية أو مرشحين مستقلين لخوض الانتخابات، لتشكيل ما يشبه "اللوبي" للحفاظ على مصالح رجال الأعمال وشبكة المصالح.

المساهمون