تونس: هيئة الانتخابات ترد على قرار مثير للجدل بسحب الوكالة من النواب

هيئة الانتخابات التونسية ترد على قرار مثير للجدل بسحب الوكالة من نواب الشعب

20 مارس 2024
تقدم عريضة سحب الوكالة من النائب مرة واحدة طيلة المدة النيابية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- هيئة الانتخابات التونسية أثارت جدلاً بتفعيل إجراءات سحب الوكالة من النواب، وهو ما اعتبره البعض مخالفاً للدستور ويمنح حصانة للبرلمان، مع تطبيق الإجراءات على نواب البرلمان فقط بعد سنة من عمله.
- سحب الوكالة يتطلب عريضة معللة وموقعة من عُشر الناخبين، مع أسباب مقبولة تشمل الإخلال بالنزاهة والتقصير في الواجبات النيابية، والهيئة مسؤولة عن التحقق من الشروط القانونية.
- الجدل يدور حول تعقيدات الإجراءات المفروضة لسحب الوكالة، مع دفاع المتحدث باسم الهيئة عنها كتطبيق للقواعد الدستورية والقانونية، وتستمر المناقشات حول ملاءمتها للرقابة الديمقراطية والمشاركة الشعبية.

أثار إعلان هيئة الانتخابات التونسية إجراءات سحب الوكالة من نواب الشعب جدلاً، واعتبرها مساندون للرئيس قيس سعيّد تعقيدات مخالفة للدستور تمنح حصانة جديدة للبرلمان

وأعلنت هيئة الانتخابات، الأسبوع الماضي، رسمياً، عن تفعيل إجراءات سحب الوكالة من النواب، ودخوله حيز التطبيق بمرور سنة من انطلاق عمل البرلمان، في 13 مارس/آذار الماضي.

شروط سحب الوكالة

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "آلية سحب الوكالة تهم كافة النواب المنتخبين، سواء كانوا في مجلس نواب الشعب أو في بقية المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم والمجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة التشريعية الثانية)".

وقال: "تطبيق هذه الآلية متاح حالياً بالنسبة لنواب البرلمان فقط، لمرور سنة على انطلاق عمله، على عكس بقية المجالس الجديدة التي انطلقت في عملها حديثاً، باستثناء المجلس الوطني للأقاليم والجهات الذي لم يتم تركيزه بعد".

وبيّن المنصري أن "سحب الوكالة من النواب يجب أن تتوفر فيها شروط شكلية أهمها أن العريضة يجب أن تكون معلّلة وممضاة من قبل عُشر النّاخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النّائب المعني إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة ترابياً. ويجب أن تكون الإمضاءات معرّف بها لدى السلط الإدارية المعنية أو أمام الهيئة، ويمكن اعتبار هذا الشرط من أصعب الشروط إلى جانب شرط تعمير الاستمارة وغيرها من شروط".

وتابع أن "عريضة سحب الوكالة من النائب يجب أن تكون معللة وهناك 3 أسباب واردة بالقانون الانتخابي وهي إخلاله بواجب النّزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النّيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح".

وشدد على أن "الهيئة ستتولى التثبت من استيفاء العريضة للشروط المستوجبة قانوناً كما ستتولى التثبت عبر تطبيقها من مدى صحة الإمضاءات. وبعد التثبت من توفّر الشروط القانونية، تعلن عن قرارها إما بإصدار قرار معلّل برفض العريضة أو إصدار قرار بقبولها"، فالمسألة ليست "عبثاً والعريضة يجب أن تكون جدية، وتتولّى الهيئة إعلام النّائب المعني بالأمر ومجلس نواب الشعب ومن قام بإيداع العريضة بالقرار المتّخذ. كما تتولّى تعليقه بمقراتها ونشره بموقعها الإلكتروني".

وأفاد المتحدث باسم الهيئة بأنه "يمكن للنّائب المعني بسحب الوكالة أن يطعن في قرار الهيئة المتعلّق بقبول العريضة أمام الدائرة الابتدائية المتفرعة عن المحكمة الإدارية المختصة ترابياً، فالهيئة تقبل العريضة شكلاً ولكنها لا تتدخل في المحتوى"، وذهب إلى أن "العريضة عند تقديمها يجب أن تكون مستوفاة الشروط منذ البداية ولهم الحق في القيام بإجراءات التصحيح.

يشار إلى أنه في صورة قبول عريضة سحب الوكالة واستيفاء إجراءات الطعن لدى المحكمة الإدارية، يتم تنظيم انتخابات في الدائرة الانتخابية المعنية للتصويت بلا أو نعم، والتصريح لاحقاً بقبول سحب الوكالة أو رفضها. كما لا يمكن تقديم عريضة سحب الوكالة من النّائب إلا مرة واحدة طيلة المدة النّيابية".

قرار هيئة الانتخابات "من التفسير إلى التأسيس" 

وقال رئيس المكتب السياسي لمسار "25 يوليو"، عبد الرزاق الخلولي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "المسار بعدما استعد لإطلاق حملة لسحب الوكالة من نحو 23 نائباً بالبرلمان، والعدد مرشح للارتفاع بسبب الإخلالات المعللة العديدة، يتجه اليوم إلى التخلي عنها، بسبب التعقيدات التي فرضتها هيئة الانتخابات والتي تعد إجراءات مستحيلة منحت حصانة جديدة للبرلمانيين".

وبيّن أن قرار الهيئة، عدد 281 لسنة 2024، "تجاوز القرار التفسيري ليصبح قراراً تأسيسياً لقواعد جديدة لم ترد في الدستور الذي نص على رقابة الناخبين على المنتخبين وفي كل المجالس"، منبهاً من أن "الهيئة أسرفت ووضعت شروطاً مغالية، فما منحه الدستور من حق رقابة باليد اليمنى سحبته الهيئة باليد اليسرى".

وأوضح أن "الهيئة أولت شرط عدد التوقيعات لتمرير سحب الوكالة بعُشر الناخبين في حين أن الوكالة تقتضي سحبها ممن منحها أي المقصود عُشر المصوتين على منح الوكالة، فمن لم يصوت ولم يمنح الوكالة ليس معنياً بسحبها، فحسب الهيئة لسحب الوكالة من نائب ما قد تجد أنفسنا أمام ضرورة جمع توقيعات من أضعاف أضعاف عدد الأصوات التي تحصل عليها، في دائرة من 100 ألف ناخب يجب جمع 10 آلاف توقيع لسحب وكالة من نائب فاز بـ 800 صوت مثلاً".

"لا مخالفة دستورية"

ونفى محمد التليلي المنصري، في رده على "العربي الجديد"، ارتكاب الهيئة مخالفة دستورية أو قانونية، موضحاً أن "الهيئة لم تأت بجديد من عندها، ولم تشرّع نصّاً جديداً، بل هو قرار ترتيبي وتطبيق للقواعد التي جاء بها الدستور والقانون الانتخابي".

وأكد المنصري أن "الشروط واضحة ولا تحتمل التفسير، فالقانون واضح في خصوص شرط عُشر الناخبين بالدائرة الانتخابية وليس عُشر المصوتين"، داعياً "من يعترض على النص القانوني للذهاب إلى مجلس نواب الشعب لتنقيح القانون الانتخابي وليس على الهيئة ذلك".

وأفاد بأن "النص ليس فيه اجتهاد ومن يريد أن يتظلم عند المحكمة الإدارية"، متسائلاً: "إذا كان الأمر مخالفاً للقانون، لماذا لم يطعنوا أمام المحكمة الإدارية؟ فالقضاء هو الفيصل". 

وأضاف أنه "سيتم طرح عريضة سحب الوكالة على شكل استفتاء على التصويت الشعبي عبر سؤال هل توافق على سحب الوكالة من النائب بنعم أم لا"، مشدداً على "أن كل الإجراءات واردة في الدستور والمرسوم، وممنوع على هيئة الانتخابات أن تبتدع شروطاً وقواعد، فسلطة القرار الترتيبي جاءت لتطبق القانون".

وتابع: "الهيئة اليوم أطلق لها العنان فأصبحت مشرّعاً عبر قرارات ليست موجودة في الدستور والمرسوم الانتخابي وأصبحت المسألة عبثية".